الجزائر تودع زعيمها الكبير بن بلة.. ووفود أجنبية عدة حضرت الجنازة

بوتفليقة تقدم المعزين في بيت الفقيد.. والمرزوقي وابن كيران والغنوشي حضروا مراسم الدفن

(من اليمين في الصف الأول) بوتفليقة والمرزوقي وعبد العزيز وقايد صالح وأويحيى، يدعون للفقيد في صلاة الجنازة أمس (أ.ف.ب)
TT

شيعت الجزائر أمس الرئيس الأسبق أحمد بن بلة، الذي وافته المنية الأربعاء، وذلك في جنازة وطنية تليق بهذا المناضل الكبير ضد الاستعمار الفرنسي. وقد حضر مراسم الدفن التي تمت في «مربع الشهداء»، بمقبرة العالية بالضاحية الشرقية، الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، والعديد من المسؤولين والدبلوماسيين والوفود الأجنبية. وشارك في الجنازة الرئيس التونسي محمد منصف المرزوقي، وزعيم جبهة البوليساريو محمد عبد العزيز. كما أوفد العاهل المغربي محمد السادس، رئيس الحكومة عبد الإله ابن كيران ومستشاره الطيب الفاسي الفهري إلى الجزائر لتمثيل المغرب في الجنازة. وحضر مراسم الدفن الوزير الأول الموريتاني مولاي ولد محمد الأغدس، ونجل أمير قطر الشيخ جوعان بن خليفة آل ثاني، إلى جانب الوزير المغربي الأسبق عبد الرحمن يوسفي.

وشوهد في المقبرة الرئيس الجزائري الأسبق الشاذلي بن جديد، ورئيس «المجلس الأعلى للدولة» علي كافي الذي حكم الجزائر فترة قصيرة (1992 - 1994)، غداة تدخل الجيش لوقف زحف الإسلاميين نحو السلطة (مطلع 1992). وتوقفت الحركة بالعاصمة الجزائرية، وخيم عليها حزن في يوم ممطر. وتوافد عدد كبير من الجزائريين من كل المناطق للمشاركة في تشييع أول رئيس للجزائر المستقلة. ولوحظ وجود زعيم حركة النهضة التونسية راشد الغنوشي، وممثل رئيس المفوضية الأفريقية مفتاح مصباح أزوان، ومساعد أمين عام الجامعة العربية محمد صبيح. وقال وزير المجاهدين محمد الشريف عباس في كلمة التأبين إن أحمد بن بلة «كان رجلا كبيرا وهامة سامقة من أبناء الجزائر.. رجلا من رجالها الأفذاذ وأبنائها الأوفياء المخلصين».

وفي رسالة تعزية بعثها إلى عائلة المرحوم، قال الرئيس بوتفليقة إن الجزائر «فقدت رجلا من رجالاتها التاريخيين العظام»، مشيرا إلى أن بن بلة «واحد من أبرز زعماء الجزائر المعاصرين، وحكيم من صفوة حكماء أفريقيا المتبصرين. لقد اقترن اسمه بتاريخ الحركة الوطنية وثورة التحرير الظافرة وبناء الدولة الحديثة». وذكر بوتفليقة أن بن بلة «ظل على عهده أمينا مسهما في دعم تدابير وإجراءات الوئام والمصالحة، وإرساء ثقافة السلم والمحبة والتآخي في وطنه الحبيب والقارة الأفريقية، على الرغم من السنين التي أثقلت كاهله».

وكان الرئيس بوتفليقة أول المعزين في بيت الفقيد بحي حيدرة الراقي، قبل أن يتوجه إلى قصر الشعب ليتقدم الرسميين الذي ألقوا النظرة الأخيرة على الراحل الذي لف جثمانه بالعلم الوطني، قبل بدء مراسم الدفن. ووقف رئيس الوزراء أحمد أويحيى ووزراؤه وأكبر قادة الجيش الجزائري والعديد من السفراء والعشرات من الجزائريين العاديين، الذين تنقلوا تحت سماء ممطرة إلى قصر الشعب، لتوديع «أبي الجزائريين» الذي توفي عن 95 سنة والذي لم ينجب أبناء.

وقال السيد أحمد سيكارا (77 سنة)، الضابط السابق في جيش التحرير الجزائري ورفيق بن بلة «جئت لألقي النظرة الأخيرة على رفيقي بعدما لم أتمكن من عيادته في المستشفى العسكري، فقد كان بن بلة من المناضلين الأوائل في حرب تحرير الجزائر، وتسلمها بعد الاستقلال في وضعية صعبة، لكنه بذل جهده ليحافظ على استقلال البلاد وسيادتها على كل أراضيها». أما ياسف سعدي، قائد المنطقة الحرة في الجزائر العاصمة خلال حرب التحرير (1954 - 1962) فأكد أن «بن بلة سيبقى خالدا في ذاكرة الجزائريين كما بقي نابليون خالدا في ذاكرة الفرنسيين، فهو من الشخصيات التي أسهمت في صناعة التاريخ». وأوضح سعدي أنه زار بن بلة آخر مرة في بيته منذ ثلاثة أشهر ووجده «مازحا». وكان ياسف سعدي هو الذي مهد الشارع الجزائري لتقبل دخول بن بلة واعتلاء السلطة في ظل النزاعات التي اندلعت مباشرة بعد انسحاب الفرنسيين في 1962 بين قادة جيش التحرير الجزائري.