كاميرون في زيارة تاريخية إلى ميانمار.. وتوقع رفع وشيك للعقوبات

توجه مرفوقا بعدد من رجال الأعمال.. والأعين على الاستثمار في البلد المتحول إلى الديمقراطية

كاميرون وسو تشي، في مقر إقامة زعيمة المعارضة، في رانغون، أمس (أ.ف.ب)
TT

بدأ رئيس الوزراء البريطاني، ديفيد كاميرون، أمس، زيارة تاريخية إلى ميانمار (بورما سابقا)، بينما بات الرفع التدريجي للعقوبات الغربية على هذا البلد وشيكا. وخلال أول زيارة يقوم بها زعيم غربي إلى ميانمار في عدة عقود من الزمن، التقى كاميرون مع الرئيس ثين سين، وزعيمة المعارضة أونغ سان سو تشي، التي فاز حزبها في الآونة الأخيرة في انتخابات فرعية وصارت الآن تشغل مقعدا في البرلمان.

وأشاد الرئيس ثين سين باللقاء «التاريخي»، خلال استقباله لكاميرون في مطار العاصمة، وقال: «نحن سعداء بإقراركم بالجهود التي نبذلها لتعزيز الديمقراطية وحقوق الإنسان في بورما». ومن جانبه، صرح كاميرون على مدرج المطار «آمل أن أحصل خلال المباحثات التي سأجريها على الثقة الكافية لأعود إلى بلادي وأشرح (للدول الأخرى الأعضاء في الاتحاد الأوروبي) أن التغيير في بورما لا رجوع فيه. في عالم يسوده الظلام والصعوبات والمشكلات، يظهر شعاع نور لا بد أن نشجعه».

ثم توجه كاميرون إلى رانغون حيث التقى أونغ سان سو تشي، الحائزة على جائزة نوبل للسلام، في منزل العائلة حيث أمضت 15 عاما من الإقامة الجبرية. وأشاد كاميرون بالنضال السياسي لسو تشي التي تحولت رمزا للديمقراطية، وتحدث عن «مثال لامع في كل أنحاء العالم للشعوب التي تتطلع إلى الحرية والديمقراطية والتقدم».

وسبق أن قام مسؤولون غربيون عدة بزيارات مؤخرا إلى ميانمار، بينهم وزيرة الخارجية الأميركية، هيلاري كلينتون، في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، في إشارة إلى رغبة الأسرة الدولية في إخراج ميانمار من عزلتها. إلا أن كاميرون هو أول رئيس وزراء يتوجه إلى هذا البلد منذ الانقلاب الذي أقام حكما ديكتاتوريا استمر نصف قرن. وقبل عام، قام النظام العسكري الحاكم بحل نفسه ونقل السلطة إلى «مدنيين» من جنرالات سابقين. ومنذ ذلك التاريخ توالت الإصلاحات غير المتوقعة: فقد تم الإفراج عن الكثير من المعتقلين السياسيين وبدأت المفاوضات مع مجموعات عرقية متمردة وتم تنظيم انتخابات جزئية في الأول من أبريل (نيسان) الماضي.

وفاز حزب أونغ سان سو تشي، الرابطة الوطنية من أجل الديمقراطية، بـ43 مقعدا في مجلس النواب من أصل 44 كان يتنافس عليها مما جعل منها قوة المعارضة الأولى في البلاد مع 10 في المائة من مقاعد النواب. وكانت سو تشي قاطعت الانتخابات المثيرة للجدل التي أجريت قبل ذلك بعام ونصف العام في نوفمبر (تشرين الثاني) 2010. وأشادت الأسرة الدولية بتلك الانتخابات التي اعتبرت اختبارا لمدى صدق نيات النظام في إجراء إصلاحات.

وشدد رئيس الوزراء البريطاني على القول: «هناك الآن حكومة تقول إنها عازمة على إجراء إصلاحات وقد اتخذت تدابير، وأعتقد أن هذا الوقت مناسب كي آتي إلى هنا وأشجع هذه التدابير». ومن المفترض أن يقرر الاتحاد الأوروبي تخفيفا ملموسا للعقوبات المفروضة على ميانمار في 23 أبريل الحالي في لوكسمبورغ، وهو اليوم نفسه الذي ستشارك سو تشي فيه في جلسة البرلمان للمرة الأولى.

من جهتها، تعهدت الولايات المتحدة بـ«تخفيف» القيود على الاستثمارات في بورما وتعيين سفير لها في أقرب وقت. وهذا ما دعا إليه وزراء خارجية مجموعة الـ8 خلال اجتماعهم، أول من أمس، الخميس، في واشنطن من «أجل ترسيخ الإصلاحات ولضمان اندماج ميانمار إقليميا ودوليا على الصعيدين السياسي والاقتصادي».

ورافق كاميرون وفد من رجال الأعمال الذين يريدون تكوين فكرة عن إمكانات البلاد بعد رفع العقوبات الاقتصادية عنها. وفي حال اقتناع كاميرون بالإصلاحات في ميانمار فإن الدول الـ27 الأعضاء في الاتحاد الأوروبي يمكن أن تتفق على «خفض ملحوظ للعقوبات» على ميانمار، حسب ما رأى ديريك تونكين السفير البريطاني السابق في تايلاند. وأضاف تونكين أن عدم اعتبار ميانمار بلدا منبوذا أهم من المراحل الأولى لرفع العقوبات. وقال تونكين أيضا في تصريحات نقلتها وكالة الصحافة الفرنسية: «غالبية الناس يريدون رفع العقبات أمام التجارة والاستثمار والسياحة، لإفساح المجال أمام (مصارف): (ستاندارد) و(تشارترد) و(إتش إس بي سي)، و(شركتي النفط): (شل) و(بريتش بتروليوم) بالاستثمار هناك».