الخرطوم وجوبا تدخلان في حرب دبلوماسية لكسب المجتمع الدولي والإقليمي

وزير الإعلام في جنوب السودان لـ«الشرق الأوسط»: كسبنا الجولة الدبلوماسية بالضربة القاضية

وزير الخارجية السوداني علي كرتي ونظيره الروسي سيرغي لافروف قبل اجتماعهما في موسكو أمس (إ.ب.أ)
TT

دخلت دولتا السودان وجنوب السودان في حرب دبلوماسية بينهما في سباقهما لكسب المجتمع الدولي والإقليمي، حيث وصل إلى الاتحاد الأوروبي كبير مفاوضي جنوب السودان باقان أموم إلى مقر الاتحاد الأوروبي والعاصمة البريطانية لندن، ونقل وزير الخارجية السوداني علي كرتي موقف بلاده من قرار مجلس الأمن الدولي بفرض عقوبات على الدولتين في حال واصلا اشتباكاتهما على الحدود المشتركة بينهما، في وقت اتهمت كمبالا الخرطوم بدعم جيش الرب للمقاومة الذي أصبح يوصف (بالإرهابي).

وقال وزير الإعلام في جنوب السودان دكتور برنابا مريال بنجامين لـ«الشرق الأوسط» إن وزير خارجية بلاده نيال دينق نيال وكبير المفاوضين باقان أموم يقومان بتحركات دبلوماسية مكثفة في عدد من بلدان المجتمع الدولي والمحيط الأفريقي لإطلاعها على موقف جوبا من القضايا الراهنة، وأضاف أن حكومته أبلغت الاتحاد الأفريقي موافقتها على خارطة الطريق التي تم طرحها على البلدين، مشيرا إلى أن عددا من الدول تفهمت موقف جوبا من دخول قواتها إلى هجليج، وقال: «كسبنا الجولة الدبلوماسية بالضربة القاضية».

واعتبر بنجامين قرار الحكومة السودانية بإمهال (12) ألف من مواطني بلاده عالقين في ميناء كوستي في السودان لأكثر من عام بأنه خطير، وحمل الخرطوم مسؤولية أي مخاطر تحدث على حياة العالقين، وقال «بعد حديث البشير ووصفه لنا بالحشرات فإن حياة هؤلاء العالقين في كوستي لأكثر من عام أصبحت في خطر»، مشيرا إلى أن حكومته أبلغت الأمم المتحدة لتحمل مسؤوليتها في حماية مواطني الجنوب في السودان والعمل على نقلهم، وقال «لقد كانت وزارة الشؤون الإنسانية تقوم بنقل مواطني الجنوب لكن الخرطوم ومنذ العام الماضي أغلقت الحدود ومنعت البواخر النيلية من تسيير رحلاتها»، وأضاف «هذا وضع خطير للغاية لمواطني بلادنا والآن هم أصبحوا لاجئين ويحتاجون لمساعدات إنسانية»، نافيا أن الجيش الشعبي يستخدم البواخر النيلية لنقل أسلحة إلى جنوب كردفان والنيل الأزرق، وقال «هذا يمكن أن يتم تسويقه للذين لا يعرفون مجرى النيل لأن منطقة جنوب كردفان ليس هناك نيل يجري فيها»، وقال: إن الرعاة السودانيين من قبائل الرزيقات والمسيرية ذات الأصول العربية دخلوا جنوب السودان دون اعتراض من حكومته وإنها جردتهم من الأسلحة، وأضاف «أكثر من مليون من الرعاة دخلوا هذه الأيام إلى جنوب السودان وهذا هو موسمهم ولا نتعرض لهم وتتم معاملتهم بصورة حسنة»، وقال: إن إعلان الرئيس السوداني عمر البشير حالة الطوارئ على الحدود مع دولة جنوب السودان لا يشكل خطرا على بلاده، وتابع «منذ العام الماضي عندما أغلقت الخرطوم الحدود كنا نستورد البضائع من شرق أفريقيا وما قام به البشير يأتي ضمن التصعيد الحربي من طرفهم».

من جهة أخرى بدأ كبير مفاوضي دولة جنوب السودان باقان أموم إجراء لقاءات مع مسؤولين أوروبيين في بروكسل ولندن، ومؤكدا أن بلاده مستعدة للتفاوض مع الحكومة السودانية في أديس أبابا بعد أن وافقت حكومته على خارطة الطريق التي قدمها الاتحاد الأفريقي للأطراف، داعيا إلى نشر مراقبين وقوات دولية على طول الحدود بين البلدين، وقال: إن الطريق لحل ترسيم الحدود مع الخرطوم يتم عبر التحكيم الدولي، مشيرا إلى أن رفض السودان عبور نفط بلاده إلى ميناء بورتسودان جعلها تتجه إلى توقيع عقود مع شركات ودول أخرى لبناء خطوط جديدة.

من جانبه قال وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف أمس إن مسودة قرار مجلس الأمن الدولي بشأن السودان وجنوب السودان لا تصل إلى درجة التهديد بفرض عقوبات في حال عدم التزام البلدين بوقف الأعمال القتالية، وأضاف «ليس هناك عقوبات ولا حتى تهديد بفرض عقوبات»، مشيرا إلى أن مسودة القرار تطرقت إلى احتمال اللجوء إلى خطوات أخرى، وقال: إن من بينها إجراءات اقتصادية بموجب البند «14» من ميثاق الأمم المتحدة إذا لم يطرأ تحسن على الوضع، وقال «نعم يمكن اتخاذ بعض الإجراءات الاقتصادية لكن دعوني أكرر.. هذا ليس قرارا آليا لكنه مجرد مؤشر يعتمد على كيفية تنفيذ القرار»، وأضاف «هذا البند لا يتصور أي استخدام للقوة»، وقال: إن خطوة أولى اتخذت، مشيرا إلى انسحاب القوات المسلحة من منطقة هجليج النفطية، وأضاف «من الضروري تنفيذ نقاط أخرى - وقف الأعمال القتالية والاستفزازات ووقف البيانات العسكرية ووقف كل طرف التدخل في شؤون الطرف الآخر».

من جهته قال وزير الخارجية السوداني علي كرتي في موسكو إن للسودان قوات مسلحة على الحدود مع جنوب السودان لأغراض الحماية المشروعة، وأضاف للصحافيين أنهم داخل حدود السودان وليس خارجها، مشيرا إلى أن من حق الخرطوم نشر قواتها في أي مكان، مؤكدا أن السودان لا يستعد للحرب بأي حال.

إلى ذلك طالب سفراء النرويج وجنوب أفريقيا وبريطانيا الحكومة السودانية بزيارة مواطني بلدانهم ألقت القوات المسلحة القبض عليهم في هجليج ونقلتهم إلى الخرطوم منذ الخميس الماضي وتتهمهم بالعمل مع جيش جنوب السودان، وقال السفراء إنهم يودون الوقوف على حالة مواطنيهم وتقديم أي خدمات مطلوبة لهم، ووافقت الخارجية السودانية على طلبهم.

في غضون ذلك أعلن قائد أركان الجيش الأوغندي أروندا نياكايريما أمس أن زعيم حركة «جيش الرب للمقاومة» جوزيف كوني ينشط على الحدود بين السودان وجنوب السودان وأيضا في جمهورية أفريقيا الوسطى، وأضاف أن كوني المطلوب لدى المحكمة الجنائية الدولية يتخذ من المنطقة الحدودية بين أفريقيا الوسطى وإقليم دارفور في السودان وبحر الغزال في جنوب السودان قاعدة له، وأضاف خلال مؤتمر صحافي أن آخر المعلومات التي حصل عليها «الجيش» من شخص سلم نفسه تشير إلى أن كوني موجود في مكان ما في ولاية بحر الغزال القريبة من الحدود بين الدول الثلاث.

وقال نياكايرما إن نظام الرئيس السوداني عمر البشير الملاحق بدوره من المحكمة الجنائية الدولية بدأ تسليح جيش الرب وإيواء عناصره في 2002، معتبرا هذا الدعم رد فعل انتقاميا من أوغندا التي تتهمها الخرطوم بدعم حركات تمرد ضدها، وقال: إنه لا يملك أدلة قاطعة على أن دعم الخرطوم لجيش الرب مستمر حتى اليوم.