ساركوزي يعتزم رفع دعوى ضد مروجي إشاعات دعم القذافي

الرئيس الفرنسي يوجه نداء «تعبئة» للفرنسيين الإسرائيليين

فرانسوا هولاند المرشح الاشتراكي الفرنسي يلقي كلمته أثناء حضوره تجمعا انتخابيا في ملعب بيرسي في باريس أمس (رويترز)
TT

أعلن الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي أمس أنه سيرفع دعوى على موقع «ميديابارت» لنشره وثيقة وصفها بـ«المزورة» حول تمويل نظام معمر القذافي لحملته في 2007.

وقال ساركوزي المرشح حاليا للانتخابات الرئاسية لقناة «فرانس 2»: «سنرفع شكوى ضد (ميديابارت).. هذه الوثيقة مزيفة، والشخصان في ليبيا اللذان كان يفترض أن يرسل أحدهما الوثيقة وأن يتلقاها الثاني نفيا ذلك»، موضحا أنه سيقدم الشكوى «قبل انتهاء» الحملة الانتخابية.

وأضاف: «هناك مبادئ أخلاقية. على الذين يكذبون ويزورون الوقائع أن يلاحقوا قضائيا». وأوضح: «الحملة الانتخابية لا تبرر كل شيء».

وكان موقع «ميديابارت» نشر السبت وثيقة وقعها موسى كوسى رئيس الاستخبارات الخارجية السابق في ليبيا، المقيم في المنفى في الدوحة، تؤكد أن نظام معمر القذافي وافق في 2006 على تمويل حملة ساركوزي بقيمة «50 مليون يورو». وبحسب الموقع فإن بشير صالح الرئيس السابق للصندوق الليبي للاستثمارات الأفريقية هو الذي تلقى هذه المذكرة.

وأكد المسؤولان الليبيان السابقان أن الوثيقة مزورة. وقال كوسى لوكالة الصحافة الفرنسية إن «كل هذه المعلومات ملفقة». وأضاف: «من الواضح أن كل ما يقال لا أساس له».

وأعرب بشير صالح المدير السابق لمكتب القذافي، الموجود حاليا في فرنسا بحسب محاميه بيار حايك، عن «تحفظات حول صحة الوثيقة التي نشرها (ميديابارت)». وقال محاميه: «على كل حال يؤكد (موكلي) أنه لم يتلقَّ مطلقا هذه الوثيقة».

إلى ذلك، أظهر استطلاع للرأي أجراه معهد ايبسوس ونشرت نتائجه الاثنين أن المرشح الاشتراكي للانتخابات الرئاسية الفرنسية فرانسوا هولاند يحصل على 53% من نيات التصويت خلال الدورة الثانية للانتخابات الأحد المقبل، أي بتراجع نقطة مئوية، مقابل 47% (+1%) لنيكولا ساركوزي.

وأشارت نتائج هذا الاستطلاع الذي اجري لحساب شبكة قنوات «فرانس تلفزيون» العامة وإذاعة راديو فرنسا وصحيفة «لوموند» إلى أن هولاند يخسر نقطة واحدة مقارنة مع الاستطلاع السابق الذي أجري في 22 أبريل (نيسان)، في حين تقدم الرئيس ساركوزي مرشح حزب الاتحاد من أجل حركة شعبية بالمقدار نفسه، أي بواقع نقطة مئوية واحدة. ولم يبدِ 22% من الأشخاص المستطلعين والعازمين على الاقتراع أي نيات للتصويت.

كما لفت الاستطلاع إلى أن 34% من ناخبي المرشح الوسطي فرانسوا بايرو في الدورة الأولى سينتخبون هولاند مقابل 40% منهم لساركوزي، و26% لم يعبروا عن نياتهم في التصويت خلال هذا الاستحقاق إذا ما أجري هذا الأحد.

وسيصوت 14% من ناخبي مارين لوبن (الجبهة الوطنية، يمين متطرف) لصالح هولاند، و54% منهم لصالح ساركوزي، بينما 32% لم يعبروا عن نيات تصويت.

أما ناخبو المرشح اليساري جان لوك ميلونشون فقرر 80% منهم انتخاب هولاند، و3% سينتخبون ساركوزي، في حين لم يقرر 17% منهم هوية المرشح الذي سيصوتون له بحسب نتائج الاستطلاع.

وبحسب هذا الاستطلاع فإن 90% ممن ينوون التصويت لهولاند يؤكدون أنهم واثقون من خيارهم، وهو الحال بالنسبة لـ90% من الناخبين الذين قرروا التصويت لساركوزي. وهذا الاستطلاع أجري عبر الهاتف يومي 27 و28 أبريل على عينة من 988 شخصا يمثلون الشعب الفرنسي ويبلغون 18 عاما وما فوق، بالاعتماد على طريقة الكوتا.

وستشهد الدورة الثانية من الانتخابات منازلة حقيقية بين أساليب وأفكار مختلفة بين المرشح الاشتراكي الأوفر حظا فرنسوا هولاند الذي يعرب عن «ثقته» ويشدد على «ثباته»، والرئيس المنتهية ولايته نيكولا ساركوزي الذي يبدي «تصميمه».

ويحلم هولاند بأن يكون الرئيس الذي يعيد اليسار إلى قصر الإليزيه بعد غياب دام 17 عاما، بينما يطمح ساركوزي إلى تكذيب كل استطلاعات الرأي التي تتوقع منذ سنة هزيمته.

وللمرشحين العمر نفسه، 57 عاما، وهدف مشترك خلال حملة ما بين الدورتين الانتخابيتين، وهو استقطاب ناخبي اليمين المتطرف الذين لم يحسموا خياراتهم بعد. غير أن أوجه الشبه بينهما تتوقف عند هذا الحد، إذ يتعارضان في كل ما تبقى.

عرف هولاند وساركوزي مسارين مختلفين تماما. هولاند المتحدر من روان (شمال غرب) والمتخرج من المدرسة الوطنية للإدارة، مهد النخبة السياسية الفرنسية، يضع نفسه في سلالة الرئيس الاشتراكي السابق فرنسوا ميتران، ذاهبا إلى حد تقليده. أما نيكولا ساركوزي، المتحدر من عائلة من المهاجرين المجريين والذي درس المحاماة، فقد دعا باستمرار إلى «القطعية» عن عهد سلفه جاك شيراك الذي كان مرشده في السياسة.

وصل نيكولا ساركوزي إلى سدة الرئاسة بعدما تولى عدة مناصب وزارية، في حين أان هولاند لا يملك أي خبرة حكومية. غير أن ممارسة السلطة تنعكس سلبا على ساركوزي في وقت وصلت نسبة البطالة في فرنسا إلى مستويات قياسية تقارب 10%، وقد تراجعت في موازاة ذلك معدلات التأييد له أيضا إلى مستويات قياسية. وقال هولاند ساخرا عن ساركوزي الذي دعا إلى الاحتفال بـ«العمل الحقيقي» بمناسبة الأول من مايو (أيار)، إنه في الواقع رئيس «البطالة الحقيقية».

وإن كانت التجربة الماضية لا تكبل المرشح الاشتراكي، إلا أن افتقاره إلى الخبرة هو نقطة الضعف التي يركز عليها اليمين في هجماته ضده. ويردد ساركوزي باستمرار أنه خلافا لخصمه يعرف تماما «وزن (الرئاسة) وواجباتها». ويتعارض المرشحان بشكل تام في الأسلوب، ففي مواجهة ساركوزي الذي لقب بالرئيس «بلينغ بلينغ» بحسب تعبير يشير إلى مظاهر الثراء والتبجح بها، منذ أن احتفل بفوزه في الانتخابات السابقة عام 2007 مع مجموعة من الأثرياء والمشاهير، يقدم فرنسوا هولاند نفسه على أنه «الرئيس العادي» الذي يستقل القطار في تنقلاته.

وهولاند البشوش والمعروف بسعيه إلى الإجماع يصف نفسه بأنه شخص هادئ يتقدم «وفق وتيرته الخاصة» ولا يدع «شيئا يحول انتباهه» في مساره الهادئ نحو الإليزيه. وإن كان خصومه يتهمونه بـ«الضعف» و«الميوعة»، إلا أنه يرد مؤكدا «ثقته» و«ثباته» في سعيه لـ«جمع» الفرنسيين.

رئيس الدولة العصبي والنزق المعروف بعباراته اللاذعة يشدد على أنه «حيوي» و«ديناميكي»، وهو يهوى المعارك والمبارزات، ويردد: «لا ينبغي على هولاند التهرب». وإذ يعتبره الاشتراكيون استفزازيا يزرع الشقاق، يؤكد من جهته أن ما يريده هو «حماية» الفرنسيين.