فياض يتحدث عن «وعود» لتجاوز الأزمة المالية.. ودفع ما على السلطة «حتى آخر قرش»

الأزمة التي أثرت على حياة الناس وعمل الحكومة.. ستنتهي بمديونية 1.5 مليار دولار

TT

قال رئيس الوزراء الفلسطيني سلام فياض إنه يمكن تجاوز الأزمة المالية التي تمر بها السلطة الفلسطينية منذ نحو عامين، خلال شهرين فقط، وذلك بعد وصول مساعدات مالية دولية مفترضة.

واقترح فياض حتى ذلك الوقت، اقتراض مبلغ كبير من البنوك العاملة في الأراضي الفلسطينية، وطلب من البنوك إقراضه مبلغ 300 مليون دولار، وقال على هامش حفل مصرفي: «هناك تحركات مهمة على الصعيد الدولي فيما يتعلق بتقديم العون للسلطة الوطنية، وهي تحركات إيجابية فيما يبعث على الثقة بأننا سنتجاوز الأزمة المالية ربما منتصف الشهر القادم، وحتى ذلك، أمامنا خياران، إما الانتظار حتى تنفرج الأزمة، ولدينا ما يبعث على الثقة في ذلك، وإما أن تقوم البنوك بشكل استثنائي بتقديم قرض مجمع قيمته 300 مليون دولار».

وسيرفع القرض الجديد مديونية السلطة إلى نحو 1.5 مليار دولار، وهو دين قياسي في تاريخ السلطة، ووصفه فياض بأنه ليس مفرطا بالمعايير المصرفية، وقال: «ما نطلبه ليس فيه خروج عما كان في السابق، لهذا نرى أنه بدلا من انتظار انفراج الأزمة، ولدينا ما يبعث على الثقة بذلك، أن نبدأ بتجسير الأمور وتسليك الأوضاع».

وتمر السلطة منذ عامين بأزمة أضرت كثيرا بقدرتها على تنفيذ التزاماتها المالية بما فيها دفع رواتب الموظفين التي تأخرت في كثير من الشهور، وهو ما ترك انطباعا سلبيا حول قدرتها أيضا على إقامة وإدارة دولة فلسطينية. وكان البنك الدولي قد حذر من أن استمرار العجز المتفاقم في موازنة السلطة الفلسطينية، سيعرض للخطر المكاسب التي تحققت في السنوات الأخيرة، بما فيها مشروع بناء وإقامة الدولة. وأرجع تقرير للبنك الأزمة المالية الفلسطينية الحادة إلى عدة أسباب، في مقدمتها القيود الإسرائيلية، وانخفاض مساعدات المانحين، داعيا إياهم إلى مواصلة المساعدات، وكما دعا إسرائيل إلى التخفيف من القيود المفروضة على إدخال السلع إلى المناطق الفلسطينية وزيادة رقعة التعاون في مجال تبادل المعلومات الجمركية والضريبية مع السلطة الفلسطينية، والسلطة إلى اتخاذ خطوات لجذب الاستثمارات. ويتوقع البنك الدولي عجزا في الميزانية الفلسطينية لـ2012 بنحو 1.1 مليار دولار.

واضطرت الأزمة السلطة إلى خفض النفقات وإقرار قوانين ضريبية جديدة، واقتراح مشاريع تقاعد مبكرة لعشرات آلاف الموظفين، لكنها تراجعت عن بعضها تحت ضغط شعبي كبير، وصل إلى حد تنظيم مظاهرات في الشوارع، تطالب بإلغاء هذه القوانين وخفض الأسعار ورحيل الحكومة. ويقول فياض إن السلطة برغم كل هذه المصاعب «لن تتخلى عن التزاماتها حتى آخر قرش». ولجأ فياض إلى تحسين شروط الجباية، وقال: إن النتائج المالية للسلطة الوطنية في الربع الأول من العام الحالي «تبشر بأننا سنتمكن من تحقيق أهداف الموازنة في مجال الإيرادات». وأضاف: «نحن في أزمة تعقدت خلال عام 2011. لكن كما تجاوزنا سابقاتها فلدينا مطلق الثقة بتجاوزها، وهذا يعلمه الجميع بما فيه القطاع المصرفي، وخصوصا مع ما اتخذناه من إجراءات».

وأثرت الأزمة أيضا على شكل الموازنة لهذا العام، الذي اعتمد بشكل كبير على تقليص الاعتماد على المساعدات الخارجية. وبلغ حجم هذه الموازنة 3.54 مليار دولار. وقللت الموازنة قيمة العجز الجاري من إجمالي الناتج المحلي من 13% عام 2011 إلى 10% عام 2012 بعد أن كان 22% عام 2008، بالإضافة إلى توقعات بتحسن إجمالي الإيرادات لتزيد بنسبة 17% مقارنة بعام 2011، إذ ستبلغ 24% هذا العام. ويقول قانون الموازنة: «إن النفقات الجارية انخفضت إلى نسبة 32.6% من إجمالي الناتج المحلي بعد أن كانت 35.1% في عام 2011 و47% في 2008». ورغم تقليص الاعتماد على المساعدات، وتخفيض النفقات الجارية، وتقليل قيمة العجز الجاري، فإن العجز الإجمالي المتوقع في العام الحالي قد يبلغ ما قيمته 1.5 مليار دولار.

وانتقدت أمس مجموعة العمل البرلمانية الخاصة بالشأن المالي والاقتصادي في المجلس التشريعي قانون الموازنة، وقالت: «إن مشروع قانون الموازنة العامة للسنة المالية 2012 لا يرتقي إلى كونه مشروع موازنة، ولا يعكس ترجمة حقيقية لسياسات مالية واقتصادية وتنموية».

وأوصت المجموعة بضرورة رفع حصة قطاعات الزراعة والتعليم والصحة، وإعادة النظر في توزيع الموازنة بما يضمن زيادة النمو الاقتصادي والحد من البطالة. وقالت في بيان إنه يجب أن يكون «اعتماد الموضوعات التي تتمثل في تقديم الحكومة بيانات وتفاصيل باتجاهات الموازنة التطويرية منسجما والتنمية والواقع الاقتصادي، دون الاقتصار على حجمها ومصادر تمويلها».

ويربط فياض بشكل مباشر بين التراجع الاقتصادي والأزمة المالية والاحتلال، وقال أمس في حفل عمالي إنه «لا يمكن الوصول بمشروع التنمية الاقتصادي إلى مرحلة الاستدامة، إلا بزوال الاحتلال ورحيل مستوطنيه، ونظام التحكم والسيطرة التعسفي، إضافة إلى إزالة كافة القيود المفروضة على إمكانية التطوير والبناء والإعمار في المنطقة المسماة (ج)».