مانشستر سيتي يتطلع لجني ثمار ما دفعه بحصد لقب الدوري الإنجليزي

فيرغسون يحث مهاجمه السابق هيوز مدرب كوينز بارك على الصمود لحرمان سيتي من التتويج

TT

رغم أن الكثيرين يرون أن الإنفاق السخي من جانب الشيخ منصور بن زايد آل نهيان على نادي مانشستر سيتي الإنجليزي – أكثر من 800 مليون جنيه إسترليني – يعد شيئا يتخطى المعقول، فإن لاعبي الفريق الذين يتمتعون بالتصميم والإرادة من أمثال الإيفواري يايا توريه والبلجيكي فينسنت كومباني قد أثبتوا أن الفريق يستحق الحصول على لقب الدوري الإنجليزي الممتاز هذا الموسم، وأن النادي بدأ يجني ثمار ما دفعه.

وبغض النظر عن المبالغ الكبيرة التي ينفقها النادي، فقد تقمص الفيل العاجي يايا توريه دور المحارب المغوار الذي نجح في قيادة فريقه باقتدار وجعله على وشك الحصول على أول لقب للدوري الإنجليزي الممتاز منذ 44 عاما. إن القوة الحرجة للاعبين الذين ولدوا وجينات الفوز تجري في عروقهم – وفينسنت كومباني أحدهم بالطبع – قد ارتقت بمانشستر سيتي إلى مكانة تتعدى مجرد كونه أغنى ناد في إنجلترا ليكون بطلا للدوري الأقوى في العالم.

وكان توريه، الذي تم تجاهله تماما من قبل نادي برشلونة الإسباني، يعد رمزا لتهور مانشستر سيتي في الإنفاق، حيث يحصل اللاعب الإيفواري على 250 ألف جنيه إسترليني في الأسبوع، وهو ما يراه النقاد بمثابة إنفاق مبتذل دون وجود هدف أسمى للنادي سوى مجرد وضع اسمه على خريطة الفرق الكبرى في عالم الساحرة المستديرة. وكان الهدف الرئيسي للنادي يتمثل في الحصول على درع الدوري الإنجليزي، وكان يتم التعاقد مع اللاعبين بصورة عشوائية ومبالغ خيالية للتأكيد على القوة الشرائية، ولم يكن هناك أمل يذكر في مزج هؤلاء اللاعبين داخل بوتقة واحدة للأداء بشكل جماعي يصب في مصلحة النادي.

وكان مانشستر سيتي قد تعاقد مع توريه، صاحب هدفي الفريق في مرمى نيوكاسيل في هذا التوقيت الحرج، مقابل 24 مليون جنيه إسترليني منذ عامين، في الوقت الذي شكك فيه كثيرون في جدوى تلك الصفقة، ولكن النادي ومنتقديه عرفوا قيمته الحقيقية الآن. إن أكثر ما يميز توريه هو رغبته الشديدة في تحقيق الفوز، وهي الصفة التي اكتسبها من دون أدنى شك من خلال ارتدائه لقميص العملاق الكتالوني لمدة 3 أعوام. وقد تبرر تلك الصفات السبب الذي دفع مسؤولي مانشستر سيتي للتعاقد مع اللاعب الإيفواري بهذا المقابل الذي يسيل له اللعاب.

إن الأموال التي أغدقها مانشستر سيتي للحصول على خدمات اللاعبين الموهوبين من أمثال ديفيد سيلفا أو سيرجيو أغويرو هي التي جلبت هؤلاء النجوم لينجحوا في انتزاع صدارة الترتيب العام من بين أنياب وبراثن لاعبي مانشستر يونايتد ومديرهم الفني القدير أليكس فيرغسون.

وكتب بول هيوارد المحلل الرياضي في صحيفة «ديلي تلغراف» أمس محللا: «هذا الفريق لسيتي نجح في العودة مرة أخرى للقمة ولأول مرة منذ الجيل الذهبي الذي ضم كلا من بيل ومايك سمربي ولي». وقال: «عندما قام المدير الفني للفريق روبرتو مانشيني بسحب النجم الفرنسي سمير نصري وإشراك الهولندي نايجل دي يونغ ليعطي الفيل يايا توريه مزيدا من الحرية في الثلث الأخير من الملعب نجح في أن يحطم دفاعات نيوكاسيل يونايتد. وفي منتصف الملعب كان لاعبو نيوكاسيل يونايتد شيخ تيوتي ويوهان كاباي يعملان كحائط صد قوي تتحطم أمامه كافة هجمات مانشستر سيتي، كما عجز أغويرو وكارلوس تيفيز عن اختراق الدفاعات القوية لنيوكاسيل يونايتد». كان توريه عبارة عن دبابة ضخمة تم تحرير فرامل اليد الخاصة بها بصورة مفاجئة، لكي «يتوغل» في دفاعات نيوكاسيل يونايتد. ونادرا ما تجد لاعبا بهذه القوة الجسدية والبدنية الهائلة يمكنه اختراق دفاعات الخصوم بتلك السلاسة والسهولة. وفي الحقيقة، لم تنجب ملاعب كرة القدم، منذ روي كين وباتريك فييرا، لاعب خط وسط يمتلك تلك المواهب الدفاعية الفذة وقادرا على القيام بتلك الأدوار الهجومية بهذه البراعة غير توريه.

لقد أحرز توريه الهدف الأول بعد 8 دقائق فقط من تغيير مركزه داخل الملعب ليقوم بدور المهاجم المتأخر وصانع الألعاب وكان لا يكل ولا يمل من شن هجمات متتالية من خارج منطقة الجزاء، ونجح ببراعة شديدة في تصويب الكرة في الجزء المرئي من مرمى نيوكاسيل يونايتد ليسجل هدفا ولا أروع. وبعد تسع عشرة دقيقة، شن مانشستر سيتي هجمة مرتدة سريعة بدأت برأسية من كومباني ووصلت إلى الخط الأمامي للفريق لتجد توريه على حافة منطقة الست ياردات ليطلق بقدمه اليسرى رصاصة الرحمة على نيوكاسيل يونايتد وينهي اللقاء.

وأصبح كومباني وتوريه على وشك الانضمام لقائمة أعظم اللاعبين في تاريخ مانشستر سيتي. فعندما كان المهاجم السنغالي في صفوف نيوكاسيل يونايتد بابيس سيسيه يمر مرارا وتكرارا من المدافعين الإنجليز في صفوف مانشستر سيتي، ما إن يصل إلى كومباني حتى يبدو عاجزا عن القيام بأي شيء، بفضل القدرات الفنية الهائلة للنجم البلجيكي والذي يتميز بضربات الرأس المتقنة والانقضاض القوي على الخصم وسد الثغرات الدفاعية والتفوق على أي مهاجم في السرعات.

وكان سيسيه قد أحرز هدفين في مرمى تشيلسي في معقله بـ«ستامفورد بريدج»، ولكنه لم يستطع تكرار ذلك في مباراة مانشستر سيتي بسبب وجود كومباني. وجنبا إلى جنب مع الحارس العملاق جو هارت وغاريث باري الذي يستحق الثناء هو الآخر، تمكن دفاع مانشستر سيتي من تحطيم كافة الهجمات التي كان يشنها مهاجمو نيوكاسيل يونايتد. ولا يحول بين مانشستر سيتي واللقب سوى الفوز على نادي كوينز بارك رينجرز يوم الأحد المقبل.

وكان البعض يسخر مما يحدث في مانشستر سيتي، تارة من الأفعال الغريبة للنجم الأرجنتيني كارلوس تيفيز، وتارة أخرى من اللاعب الإيطالي المثير للشغب وغريب الأطوار ماريو بالوتيللي، وكذلك المشاحنات بين لاعبي الفريق والمدير الفني الإيطالي روبرتو مانشيني، وبدا الأمر في بعض الأحيان وكأن الأموال قد فشلت في أداء واجبها للحصول على اللقب، وكانت بدلا من ذلك سببا في إثارة الكثير من المشاكل داخل جدران النادي.

ولكن ما إن ننظر إلى حجم الأموال الطائلة التي ينفقها النادي، حتى ندرك أنه يوجد عدد كبير من اللاعبين الذي يتعين عليهم بذل مجهود مضاعف يتناسب مع القصور الفاخرة التي يمتلكونها في مقاطعة تشيشير في شمال غربي إنجلترا والسيارات الفارهة التي يقودونها والتي تبدو كأنهم سيشاركون بها في سباقات الفورميولا وان. ويشعر بعض اللاعبين القادمين من مناطق أكثر دفئا أنه يتعين عليهم الحصول على الألقاب والبطولات لكي يبرروا تواجدهم في شمال إنجلترا بدلا من اللعب في الأندية التي تناسبهم في إسبانيا أو إيطاليا. وفي كلتا الحالتين، لا يمكن لأحد أن يتهم مانشستر سيتي بأي اتهامات غير مبررة، لأنه نجح في غرس روح البطولة وتحقيق الهدف المطلوب في نفوس لاعبيه.

من جهة أخرى حث سير أليكس فيرغسون المدير الفني لنادي مانشستر يونايتد، مهاجمه السابق مارك هيوز بأن يسدي له خدمة جليلة، عبر حرمان مانشستر سيتي من الفوز بلقب الدوري الإنجليزي الممتاز الأحد المقبل.

ويمكن لسيتي حسم لقب الدوري الإنجليزي إذا فاز على كوينز بارك رينجرز على ملعب الاتحاد، وهي النتيجة التي ربما تسفر عن هبوط فريق مارك هيوز إلى دوري الدرجة الأولى.

ولكن فيرغسون أشار إلى أن هيوز يتحتم عليه أن يتذكر الطريقة التي فقد بها وظيفته في منصب المدير الفني لسيتي، وأن ذلك سيقوده إلى البحث عن الثأر عبر قيادة فريقه للفوز يوم الأحد.

وأوضح فيرغسون: «كوينز بارك رينجرز يحتاج إلى نقطة وهو يصارع من أجل النجاة، مستقبل النادي بأكمله قد يستند إلى هذه المباراة، وأنا فقط أتمنى أن يكون سباركي -هيوز- حاضرا». وتابع: «لكن مارك يعرف وظيفته جيدا، لقد تم إقالته من سيتي بشكل غير جيد تماما، وسيتذكر ذلك».

واعترف فيرغسون بأن سيتي قطب مانشستر الآخر هو الأقرب للقب. وقال: «بالتأكيد سيتي هو المرشح، لا يوجد شك في ذلك، الجماهير ستؤازرهم، سيبذلون قصارى جهدهم للفوز في المباراة، لكننا فزنا 3 مرات من قبل باللقب في اليوم الأخير، ولا نمانع أن نفعل ذلك مرة أخرى».