أمهات في البيوت يتحولن إلى سيدات أعمال بفضل الإنترنت

الشبكة العنكبوتية وفرت فرصا كبيرة أمامهن

TT

دائما يكثر الحديث خلال موسم عيد الأم عن الفرق بين الأمهات ربات المنزل والأمهات العاملات. جيمي راتنر أم تبلغ 34 عاما لا تعمل ولديها ابنان؛ أحدهما في الخامسة والآخر في الثالثة، وتدير موقعا إلكترونيا للصفقات اليومية باسم «سيرتيفكيد» في بيثيسدا. ومن المتوقع أن يحقق هذا الموقع الذي يركز على السلع الموجهة للأسر مبيعات تقدر بنحو مليوني دولار خلال العام الحالي. هل تريد وضع قفص دجاج في باحتك الخلفية؟ ماذا عن ديزني على الجليد الذي حقق مبيعات ضخمة؟ مقارنة بعائدات موقع «ليفينغ سوشال» التي تقدر بـ750 مليون دولار، يعد موقع جيني صغيرا، لكنه مربح، حيث بلغ صافي الأرباح خلال العام الحالي 350 ألف دولار. ورغم أن المبلغ ليس ضخما، فإنه يجعلها على مسافة ليست بالبعيدة عن المركز الأول. ومكتبها إما في منزلها أو شاحنتها الصغيرة أو شارع متحف التاريخ الطبيعي في وسط واشنطن حيث كانت تبحث مؤخرا عن سائق لعربة ذات ثلاث عجلات. ويبدأ يوم جيمي في السادسة صباحا حيث تستيقظ وتتجه إلى الحمام مع هاتف «بلاك بيري» وتندّ عنها صرخة إذا وجدت منافسا سرق منها صفقة. وتقول راتنر التي تمتلك المشروع بالكامل، رغم أن والدها يشاركها مقابل قيامه بأعمال المحاسبة: «أتابع كل المبيعات وأحسب كم حققت من عائدات يوميا».

ويسير العمل في «سيرتيفكيد» على النحو التالي: تتصل راتنر بشركات وتعرض عليهم صفقة بحسب الطلب لمساعدتهم في زيادة مبيعات السلع الموجهة للأسر. وللترويج لمشروعها ينظم يوم عمل في متنزه «واتر بارك»، وربما يعرض موقع «سيرتيفكيد» مجموعة متكاملة للأسرة بنصف السعر. وتحصل راتنر على نصف العشرة دولارات التي تدفعها أسرة، ويحصل «واتر بارك» على النصف الآخر. وقالت راتنر إنها أكثر مرونة من منافسيها في ما يتعلق بالقيود وأسعار الصفقات وإن هذا مما ساعدها على البقاء.

وعملت منذ تشدينها الموقع الإلكتروني منذ عامين مع ألف شركة في منطقة واشنطن - بالتيمور. ويعمل لديها 15 شخصا بدوام جزئي؛ من بينهم زوجها، الذي يعمل محاميا بدوام كامل، حيث يتولى مراجعة الصفقات التي تتم عبر الموقع كل مساء حتى إذا كان في الصين. ودرست راتنر، التي نشأت في روكفيل، العدالة الجنائية في ولاية بنسلفانيا وحصلت على درجة الماجستير في إدارة الأمن من جامعة نورث إيسترن. وكانت مسؤولة عن الأمن في مؤسسة بحثية عن الدفاع في الإسكندرية قبل قبول وظيفة مشابهة في شركة «ويليامز آند كونولي» للمحاماة في وسط المدينة وتمثل شركة «واشنطن بوست» في وسط واشنطن. ومن مهام الوظيفة توفير الأمن اليومي لمبنى الشركة الذي يتكون من 12 طابقا ووضع خطط وقائية لكوارث طبيعية وحالات طوارئ أخرى. وقالت: «أنا مستعدة دوما للأسوأ».

لقد كانت تكتب على مدونتها «ليتل ميس فان فايندذ» نهاية عام 2009 والتي كانت تتناسب مع هوايتها شراء الأشياء الرخيصة من المطاعم والمجلات. واكتشفت موقعي «غروبون» و«ليفينغ سوشال» وسرعان ما اشترت منهما عشاء بخمسين دولارا من مطعم آسيوي محلي مقابل 25 دولارا. وقالت: «بدا الأمر رائعا بالنسبة إلي».

جاءتها الفكرة في ديسمبر (كانون الأول) عام 2009 عندما كانت هي وزوجها على الطريق السريع في ولاية بنسلفانيا متوجهين لقضاء أعياد الكريسماس في بيتسبيرغ. وطرحت فكرة إنشاء موقع للصفقات اليومية على أفراد أسرتها. وكانت تلك هي المرة الأولى التي يعجب زوجها بأفكارها. وكانت تدرك جيدا أن عليها اتخاذ خطوات سريعة لإقامة المشروع العائلي الصغير قبل أن يكتشفه أحد آخر.

وبدأت العمل بميزانية قدرها 5 آلاف تكفلت بها جميعا. وبحثت في كل مواقع الصفقات اليومية على شبكة الإنترنت لتتعلم أصول العمل، ثم دشنت موقعها الخاص «سيرتيفكيد». استعانت راتنر بـ«كريجسليست» لتصميم الموقع. ووجدت متقدما للعمل في واشنطن في العشرينات من العمر. ووضعت قائمة من ألف شركة لها علاقة بالأطفال لتكون زبائن محتملين، ثم بدأت تتصل بتلك الشركات هاتفيا لتعرفهم بشركة «سيرتيفكيد» ونموذج الصفقات اليومية. وقالت راتنر: «لم يسمع أحد عن (غروبون) من قبل».

وبدأت تعد قائمة بعناوين البريد الإلكتروني لآباء نظرت إليهم على أنهم عملاء محتملون، بل ووقفت أمام «بارنز آند نوبل» في وسط بيثيسدا لتوزيع أوراق دعائية بين الآباء. ودعت إلى الموقع على «فيس بوك» ووجدت أمهات أخريات وأضافت عناوين بريدهن الإلكتروني على قائمتها.

مع ذلك، لم تكن الأمور تسير بسلاسة دون عراقيل، حيث اختفى مصمم الموقع لأيام ليظهر بعدها على حساب «تويتر» وينشر صورة له في ساوث بيتش بالقرب من ميامي خلال عطلة الربيع. وذعرت واستعانت بشريك ذلك المصمم الذي كان ضليعا في الكومبيوتر ويعيش مع والديه، لكن كان غير مسموح الاتصال به بعد الحادية عشر ليلا. وتم تدشين موقع «سيرتيفكيد» في 24 مايو (أيار) عام 2010.

وسرعان ما حققت أرباحا وباعت نحو سبع صفقات لساحر محلي يسمى «غريت زوكيني» كل منها مقابل 175 دولارا. وحصلت على 30 في المائة من كل صفقة وحققت نحو 300 دولار. وبعد شهرين من تدشين «سيرتيفكيد» تخلت عن وظيفتها في «ويليامز آند كونولي». وتحصل راتنر في المتوسط على نحو 35 في المائة من كل صفقة. وحققت عائدات بنحو 150 ألف دولار خلال العام الأول، بينما وصلت العائدات العام الماضي إلى مليون دولار، وفي طريقها إلى بيع صفقات تقدر بمليوني دولار خلال العام الحالي.

مع ذلك، لا تتم كل الصفقات بسلاسة، فقد شعرت بقلق من عدم وفاء بائع متجول عرض صفقة عيد الفصح على الموقع، بالتزامه، مما دفعها إلى البحث عن معلومات عنه. واتصلت بمواقع صفقات يومية أخرى تعاملت مع ذلك البائع في السابق؛ بل وتواصلت مع أفراد عائلته في أنحاء البلاد. وباتت راتنر مقتنعة بأنه سيواجه صعوبات في الإيفاء بالتزاماته في الموعد المحدد، لذا أخبرت عملاءها بضرورة شراء هدية عيد فصح احتياطية وعرضت عليهم إعادة المال وتقديم الاعتذار. الأمر الجيد هو عدم حصول الكثيرين على ما طلبوه من سلع ولم يحصلوا أيضا على سلع تالفة. وتكبدت راتنر خسارة قدرها 2.500 دولار، لكن كانت قيمة الدرس الذي تعلمته أكبر بكثير.

وقالت: «إذا كان لديهم صندوق بريد أو كان أول ما يسألون عنه هو موعد حصولهم على المال، فهذا يعني أنهم باعة غير موثوق بهم. لقد أصبحت أكثر حذرا في التعامل مع الباعة الجائلين». يبدو أن راتنر باتت تتحدث مثل أم خبيرة ومخضرمة.

* خدمة «نيويورك تايمز»