أداء سوق الأسهم السعودية يربك توجهات المستثمرين ويغير بوصلتهم المستقبلية

تراجع خلال الأيام القليلة الماضية بشكل ملحوظ

متعامل في سوق الأسهم السعودية («الشرق الأوسط»)
TT

أربك أداء مؤشر سوق الأسهم السعودية السلبي خلال الأيام القليلة الماضية تحركات المستثمرين السعوديين في البلاد، حيث باتت ملامح الاستثمار الآمن أمامهم غير واضحة في أهم القنوات الاستثمارية الأكثر جذبا للسيولة النقدية، وهي قناة «الأسهم»، و«العقارات».

ويرى خبراء اقتصاديون تحدثوا أمس إلى «الشرق الأوسط» أن الارتباك الحالي الذي يصيب توجهات المستثمرين السعوديين قد يدفعهم إلى تغيير بوصلتهم الاستثمارية بشكل كلي عما هي عليه الآن، وقالوا: «قد يكون هناك توجه إلى الاستثمار في قطاع التجزئة، لأن أداء سوق الأسهم خلال الأيام الماضية أربك تحركات المتداولين، ودفع بعضا منهم إلى توفير السيولة النقدية».

وأشار الخبراء خلال حديثهم إلى أن تحول السيولة الخارجة من سوق الأسهم إلى «العقارات» أمر لا يمكن حدوثه هذه الفترة، مبينين أن قطاع العقارات يعاني خلال الأيام الماضية من خروج السيولة النقدية من بعض الاستثمارات بحثا عن منافذ أخرى، عقب وصول أسعار العقارات في البلاد إلى مناطق متضخمة جدا.

وقال الدكتور سالم باعجاجة، أستاذ المحاسبة في جامعة الطائف، لـ«الشرق الأوسط»، أمس: «يبدو أن الوضع الحالي في سوق الأسهم أربك توجهات المستثمرين في البلاد، بدليل أن السيولة النقدية المتداولة في السوق خلال الشهرين الماضي والحالي، تراجعت بشكل ملموس عما كانت عليه في شهر مارس (آذار) الماضي».

وأرجع باعجاجة تراجع معدلات السيولة إلى الأداء السلبي لمؤشر السوق العام خلال الفترة الأخيرة، مبينا أن هذا الأداء مربك جدا ولا يدعو للتفاؤل لدى بعض المستثمرين الذين ما زالوا يتذكرون جيدا انهيار فبراير (شباط) الشهير من عام 2006.

وأوضح باعجاجة أن المستثمرين الذين بدأوا بالخروج منذ نهاية العام الماضي من قطاع «العقارات»، بعضا منهم اتجه إلى الاستثمار بسوق «الأسهم»، إلا أنه استدرك قائلا : «إن أداء سوق الأسهم أربك بعضا منهم، مما دفعه للخروج ولو بجزء من السيولة النقدية والبحث عن قناة استثمارية جديدة».

وأشار أستاذ المحاسبة في جامعة الطائف إلى أن قطاع «التجزئة» يعتبر خلال الوقت الحالي من القطاعات المغرية للاستثمار أمام المستثمرين الأفراد، مبينا أن فرص توجه السيولة إلى هذا القطاع ترتفع في ظل عدم اتضاح الصورة نحو أهم قنوات الاستثمار الموجودة في البلاد وهي «العقارات»، و«الأسهم».

وسجل مؤشر أن سوق الأسهم السعودية خسرت خلال تعاملاتها يوم أمس نحو 150 نقطة، بنسبة تراجع بلغت 2.03 في المائة، وسط سيولة نقدية متراجعة بلغت نحو 7.8 مليار ريال فقط، أي ما يعادل 2.08 مليار دولار.

من جهة أخرى أكد فيصل العقاب الخبير الاقتصادي لـ«الشرق الأوسط»، أمس، أن ما يحدث حاليا في سوق الأسهم السعودية «مربك» للغاية، وقال: «المستثمرون يتأثرون سريعا بأداء الأسواق المالية، وتراجع مؤشر السوق قرابة 600 نقطة خلال الأيام الماضية يعزز من مستوى سيطرة المخاوف على نفوسهم».

وبين العقاب أن الأسابيع الـ3 المقبلة ستحدد، وبشكل كبير، مستقبل أداء سوق الأسهم السعودية خلال الأشهر المقبلة من العام الحالي، مشيرا إلى أن انحصار القنوات الاستثمارية أمام السعوديين على «العقارات» و«الأسهم» يدفعهم إلى التفكير جديا في البحث عن قنوات جديدة أكثر إغراء بالنسبة لهم.

وأوضح العقاب أن الاستثمار في مجال المحلات التجارية «قطاع التجزئة» قد يكون مغريا بالنسبة لبعض المستثمرين، مشيرا إلى أن النمو السكاني في البلاد يعزز من فرصة ارتفاع الموجة الشرائية على معروضات قطاع «التجزئة» خلال الفترة المستقبلية.

يذكر أن القيمة الإجمالية للأسهم المتداولة في السوق المالية السعودية خلال شهر أبريل (نيسان) الماضي بلغت 270 مليار ريال (72 مليار دولار)، بانخفاض قدره 15.41 في المائة عن تداولات شهر مارس من العام الحالي 2012، التي كانت 319.28 مليار ريال (85 مليار دولار)، نفذت من خلال 5.15 مليون صفقة.

بينما يبدو أن النشاط العقاري في السعودية بدأ خلال الأسابيع القليلة الماضية بالدخول في مرحلة «ركود» عانت منها مكاتب عقارية تعنى بالتسويق، إذ قال بعض أصحاب هذه المكاتب في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» قبل أسبوعين من الآن: «إذا استمرت مرحلة الركود فإننا قد نضطر لإغلاق مكاتبنا، الخطوة التي اتخذناها هي أننا تنازلنا عن نصف قيمة العمولات بهدف تنشيط السوق ودفع الناس نحو الشراء بشكل أكبر».