تجار أوروبيون: سوريا تلتف على العقوبات وتستورد الحبوب عن طريق لبنان

صندوق النقد الدولي: الليرة السورية تفقد 45% من قيمتها في السوق الموازية

TT

أبلغ تجار أوروبيون «رويترز» أن سوريا تستورد كميات كبيرة من الحبوب عن طريق لبنان للالتفاف على العقوبات الغربية، وتدبير الإمدادات الحيوية.

وهذه العمليات التجارية مشروعة لأن واردات الأغذية ليست ضمن العقوبات التي فرضها الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ودول غربية أخرى على حكومة الرئيس بشار الأسد بسبب حملته العنيفة ضد المعارضين لنظام حكمه.

لكن العقوبات حالت دون حصول سوريا على تمويلات للتجارة مثلما فعلت العقوبات المفروضة على إيران بسبب برنامجها النووي.

ويكافح عدد متزايد من السوريين للحصول على المواد الغذائية مع ارتفاع أسعار الأغذية الرئيسية لأكثر من مثليها بعد أكثر من عام على القمع الذي أسفر عن مقتل أكثر من عشرة آلاف شخص.

ويقول بعض سكان العاصمة دمشق التي كانت بعيدة عن أعمال العنف لفترة طويلة لكن تهزها الآن انفجارات خلال الليل، إنهم يحتفظون بمخزونات تكفي لشهر على الأقل.

وقال تاجر: «واردات الحبوب السورية يتم التعاقد عليها بكميات كبيرة من خلال مكاتب في لبنان تنهي الأعمال الورقية وتعمل بصفتها مشتريا مبدئيا»، وأضاف قائلا: «تتم إعادة تسجيل الصفقة بعد ذلك في لبنان ثم تحول السفن إلى الموانئ السورية».

وقالت بعض المصادر التجارية إن الصفقات تقدر بمئات الآلاف من الأطنان بينما تتم صفقات على كميات أقل من خلال وسطاء في دبي.

وبين أحد التجار أن «واردات الغذاء في حد ذاتها لا تمسها العقوبات، لكن تأثير العقوبات المصرفية هو الذي يعوق الاستيراد».

وتتضمن الواردات التي جرت عليها صفقات في الشهرين الماضيين قمحا بالإضافة إلى الشعير والذرة للعلف الحيواني.

وقال تاجر آخر إن بعض شركات التجارة اللبنانية مستعدة للمخاطرة بالحرمان من التمويل الغربي جراء تعاملها مع سوريا، وأضاف: «بالنسبة للبنانيين، سوريا سوق تقليدية، ويبدو أن إمدادات قمح ضخمة تصل بموجب صفقات بين الدولتين».

وفي مارس (آذار) الماضي، قالت أوكرانيا إنها ستورد إلى سوريا 300 ألف طن من القمح بموجب اتفاق بين الحكومتين.

وقال تجار إن تجارة الحبوب المباشرة مع سوريا لم تعد ممكنة نتيجة العقوبات.

وذكر تاجر: «تلقيت طلبات بعشرة آلاف طن من الشعير وعشرة آلاف طن من الذرة من مشترين في سوريا الأسبوع الماضي»، وأوضح أنه لا يمكنه التعامل مع سوريا لأن البنوك في ألمانيا وسويسرا لن تمول الصفقات، وأضاف: «توقفت صفقات الحبوب المنتظمة مع سوريا. إنها إيران أخرى». وقال تاجر آخر: «يصعب القول إن كان السوريون استوردوا كمية كافية لتلبية احتياجاتهم، لكن تم شراء كمية ضخمة من خلال لبنان».

وفي مارس الماضي قدرت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة أن سوريا تحتاج استيراد نحو أربعة ملايين طن من الحبوب في الفترة من يوليو (تموز) 2011 إلى يونيو (حزيران) 2012 بزيادة مليون طن عن العام السابق نتيجة ضعف المحصول في صيف 2011.

وفي سياق آخر، أعلنت مساعدة المديرة العامة لصندوق النقد الدولي أمس أن الليرة السورية فقدت 45% من قيمتها في السوق الموازية، وأن البورصة السورية انخفضت بنسبة 40% منذ بدء الاضطرابات في البلاد.

وقالت نعمت شفيق للصحافيين أثناء وجودها في بيروت في زيارة تستغرق ثلاثة أيام: «انخفضت (قيمة) الليرة السورية بنسبة 45% في السوق الموازية، و25% في السوق الرسمية».

وبحسب نعمت شفيق، فإن الاقتصاد السوري يعاني بالتأكيد جراء الأزمة في البلاد، لكن المعطيات المتوافرة عن هذا الأمر قليلة. ولم يتسن لصندوق النقد الدولي إرسال فريق إلى سوريا «لأسباب أمنية»، كما قالت، وأضافت «نعرف أن إجمالي الناتج الداخلي انخفض (..) وأن هناك تكاليف اقتصادية، لكننا لا نملك أرقاما لأنه ليس لدينا أشخاص هناك على الأرض».

وأشارت نعمت شفيق إلى أن البورصة السورية انخفضت بنسبة 40%. ورأت أن «انخفاض الأسهم مؤشر مهم (على تأثير الأزمة) على قطاع الأعمال وآفاقه».

كما أوضحت نعمت شفيق أن «تأثير العقوبات على صادرات النفط الخام السوري سيكون الأكثر سرعة»، مذكرة بأن إجمالي الناتج الداخلي الليبي انخفض بنسبة 60% فور توقف صادرات النفط بسبب النزاع، وقالت: «مع أن النفط أكثر أهمية في الاقتصاد الليبي منه في الاقتصاد السوري، إلا أنه يبقى موردا مهما من موارد الحكومة» والمصدر الأول للنقد الأجنبي.