خسارة السيناتور لوغار المخضرم ترجح كفة المحافظين المتشددين في واشنطن

قضى 35 عاما في مجلس الشيوخ الأميركي.. وسعى للتعاون مع الديمقراطيين في قضايا الأمن القومي

السيناتور الأميركي البارز ديك لوغار (واشنطن تايمز)
TT

فشلت مساعي السيناتور الجمهوري ريتشارد لوغار، النائب عن ولاية إنديانا لـ35 عاما وأحد أبرز خبراء واشنطن في السياسة الخارجية لإعادة انتخابه، يوم أول من أمس، الثلاثاء، بعد انتقادات واسعة من المحافظين داخل الحزب الجمهوري الذين رفضوا ترشيحه للمرة السابعة.

وتشكل خسارة لوغار - الأولى بالنسبة لسيناتور هذا العام - انتصارا آخر لحركة «حفل الشاي» المحافظة التي أثارت غضب الحزب الجمهوري في 2010 عندما هزموا اثنين من سيناتورات الحزب الجمهوري في الانتخابات التمهيدية وأطاحوا بالكثير من السيناتورات المفضلين للرئاسة في الانتخابات الأولية لمجلس الشيوخ.

وبحسب النتائج الأولية لـ80 في المائة من الدوائر الانتخابية في إنديانا، تقدم مسؤول الخزانة في الولاية ريتشارد مردوخ على لوغار، بنسبة 60 مقابل 40 في المائة.

وقال لوغار في البيان الذي أصدره ليلة أول من أمس، الثلاثاء: «إذا ما تم انتخاب مردوخ، أريده أن يكون سيناتورا جيدا. لكن ذلك سيتطلب منه مراجعة بعض أفكاره عن الالتزام الحزبي في واشنطن. نحن نتشارك نفس وجهة النظر في الكثير من المواقف لكن تمسكه بعقلية حزبية قلقة لا يتفق وفلسفتي وخبرتي في الإدارة بما قد يحقق النتائج لإنديانا في مجلس الشيوخ».

ويعتقد الديمقراطيون أن خسارة لوغار في الانتخابات التمهيدية ستمنحهم دفعة للحصول على مقعد لم يتمكنوا من الحصول عليه لفترة طويلة. فعلى مدى 6 سنوات، لم يواجه لوغار منافسا ديمقراطيا واحدا. ويعتقد المرشح الديمقراطي، جو دونللي، وأعضاء الحزب أن شهرته بوصفه وسطي سترجح كفته في مواجهة مردوخ.

وتصور باتي موراي، رئيس لجنة حملة الترشيح لمجلس الشيوخ عن الحزب الديمقراطي، الصراع على أنه معركة بين مرشح مستقل هو دونللي وآخر متطرف هو مردوخ.

في أعقاب الإعلان عن الانتصار بعث مردوخ برسائل بريد إلكتروني إلى مؤيديه لجمع التبرعات، وانتقد خلالها علاقات دونللي بأوباما، وتعهد بجمع مزيد من التمويلات، في إشارة إلى الموقف المالي الأفضل لدونللي، «فاز بالتزكية في الانتخابات التمهيدية، لتدشين معركة الانتخابات العامة».

وكتب مردوخ في رسالته: «جو دونللي كان جنديا مخلصا للرئيس باراك أوباما، وأيد بقوة قانون الرعاية الصحية، وصوت لصالح برنامج التحفيز الاقتصادي وخطته للإنقاذ. لقد صوت دونللي لسياسات أوباما كثيرا، حتى إن الرئيس يصفه بالصديق».

يحتاج الجمهوريون إلى 4 مقاعد كي يتمكنوا من السيطرة على مجلس الشيوخ، لكن الطريق إلى تحقيق هذه الأغلبية سيكون على الأرجح أكثر صعوبة إذا ما خسروا معقد لوغار.

لكن الجمهوريين يؤكدون أن إنديانا ولاية جمهورية، وأنه حتى وإن كان باراك أوباما أول مرشح ديمقراطي يفوز بأصوات الولاية منذ عام 1964، فإن الميزة الجمهورية ستعطيهم التقدم الذي يحتاجونه.

وقد نشرت اللجنة الوطنية لانتخابات مجلس الشيوخ بالحزب الجمهوري مذكرات مساء أول من أمس، الثلاثاء، أشارت فيها إلى تصويت دونللي عام 2010 لقانون الرعاية الصحية الذي قدمه الرئيس أوباما، وهو ما لم يكن معروفا بعد في إنديانا.

وأشار مسؤول في الحزب الجمهوري إلى أن خسارة لوغار كانت نتاجا لسنوات عدة من المواقف الحرجة التي أضرت بصورته، والتي لم تكن ذات علاقة كبيرة بحركة «حفل الشاي» في إنديانا. وواجه لوغار أسئلة بشأن ما إذا كان قد خسر الاتصال مع الناخبين في الولاية بعد عقود من الصفقات بين الحزبين في واشنطن.

ويعتقد أعضاء مجلس الشيوخ واستراتيجيو الحزب أن لوغار، البالغ من العمر 80 عاما، الذي انتخب للمرة الأولى عام 1976، تجاهل نصائحهم بشأن كيفية إدارة حملة أكثر كفاءة وفاعلية، معتقدا أنه يعلم أكثر منهم على الرغم من أن أقوى جولات الانتخابات التي فاز بها كانت قبل 30 عاما.

ويرى أعضاء بارزون في الحزب الجمهوري أن تجربة لوغار أفرزت بعض الدروس، فيقول السيناتور جون ماكين، الذي دعم لوغار: «خلاصة القصة أنه لا ينبغي أن تدافع، بل لا بد أن تهاجم».

وعلى الرغم من مواجهة ماكين المرشح الرئاسي عن الحزب الديمقراطي في انتخابات عام 2008، صعوبة كبيرة لدى إعادة انتخابه في عام 2010 وأدار واحدة من أعنف معارك الانتخابات التمهيدية في ذلك العام أكثر من أي مرشح آخر يسعى إلى دخول مجلس الشيوخ لدورة أخرى، وأنفق ماكين أكثر من 20 مليون دولار لدعم حملته الانتخابية وفاز بفارق بلغ 25 في المائة على منافسه.

لكن لوغار الذي يتسم بأنه أكثر دبلوماسية لم يكن يمتلك الروح القتالية التي يملكها ماكين؛ حيث يتمتع لوغار، السيناتور الجمهوري البارز في لجنة العلاقات الخارجية، بحديث هادئ ومترو، وعادة ما يبدو أكثر ارتياحا في الحديث عن الانتشار النووي الذي يتمتع فيه بخبرة كبيرة في مجلس الشيوخ.

وكانت النتيجة أنه بات شخصية عفا عليها الزمن في حقبة من الحملات الدائمة والتشهيرية. ففي يوليو (تموز) 2008 بعد نيل أوباما بطاقة الترشيح عن الحزب الديمقراطي أذاع إعلانا امتدح فيه عمله مع لوغار حول لجنة العلاقات الخارجية. وبدلا من الاعتراض في محاولة لمساعدة مرشح حزبه، أعرب لوغار للصحافيين عن سعادته بالعمل عن قرب مع أوباما لتمرير تشريع يتعامل مع المخزون النووي في حقبة ما بعد الاتحاد السوفياتي.

وقال لوغار، على الرغم من دعمه لماكين: «لذا أنا سعيد بأن أتيحت لنا الفرصة للعمل معا».

وقد أصدر البيت الأبيض بيانا من الرئيس بشأن خسارة لوغار، وقال أوباما: «على الرغم من أنني لم أتفق مع لوغار في كل القضايا، فإنني لمست فيه خلال عملي معه رغبة في التوصل إلى حلول وسط وإنجاح الأمور. لقد خدم لوغار أبناء دائرته ووطنه بشكل جيد، وأتمنى له كل الأمنيات الطيبة في مساعيه المستقبلية».

من جانبه اتصل جوزيف بايدن، نائب الرئيس الأميركي، الذي كان زميلا للوغار في لجنة العلاقات الخارجية على مدى فترة طويلة، بلوغار هاتفيا يشكره على شراكته، وقال بايدن الذي كان أبرز الديمقراطيين في لجنة العلاقات الخارجية على مدى 12 عاما: «كنا نحمل وجهات نظر متشابهة على الدوام، فنادرا ما كنا نختلف حول أمور السياسة الخارجية».

وكان المحافظون قد تشككوا حول مدى التزام لوغار بمبادئهم، منذ عام 1986 عندما أقصى السيناتور جيسي هيلمز لوغار من رئاسة لجنة العلاقات الخارجية في انتخابات التجديد النصفي ذلك العام. وصور هيلمز لوغار بأنه رجل أممي يقف إلى جانب الأمم المتحدة. وفي عام 1996 استخدم لوغار خبرته في العلاقات الخارجية للحصول على بطاقة الحزب الجمهوري في الترشح للانتخابات الرئاسية، لكنه لم يتمكن من تجاوز المراحل الأولى، فقد أعلن ترشحه في اليوم ذاته الذي وقعت فيه تفجيرات أوكلاهوما.

وعندما حان الوقت للسعي إلى الفوز بدخول المجلس للمرة السابعة، كانت أخطاء لوغار بحق المحافظين المتشددين قد امتدت إلى ما وراء وجهات نظر السياسة الخارجية، فصوت لمرشحي أوباما للمحكمة العليا، ودعم مراجعة شاملة لقانون الهجرة في عام 2006 ودعم في عام 2010 التشريع الذي سمح بمنح الجنسية للأطفال الذين يصلون إلى الولايات المتحدة بصورة غير شرعية مع آبائهم.

وقد تبرعت المجموعات المحافظة خارج إنديانا بملايين الدولارات للانتخابات التمهيدية هذا العام لسحق لوغار أو دعم مردوخ، لكن سقوط لوغار كان نتيجة لأخطائه أكثر منها لأي نشاط لحركة «حفل الشاي»، بحسب عدد السيناتورات.

فبعد نيله مقعد مجلس الشيوخ عام 1977 باع لوغار منزله في إنديانا بوليس واستقر في منطقة واشنطن، حيث عاش على الـ35 عاما الماضية على الرغم من استمرار التصويت في إنديانا باستغلال عنوانه إنديانا. وتعثر في المقابلات مع وسائل الإعلام المحلية محاولا شرح كيف يمكنه الإقامة طوال الوقت في ماكلين.

وقال الجمهوريون إن الانتخابات التمهيدية القليلة القادمة لمجلس الشيوخ ستقدم صورة أوضح لمدى قوة حركة «حفل الشاي» على مستوى الولايات المتحدة.

ففي نبراسكا، دعم المدعي العام جون بيرننغ أبرز قادة الولاية للترشح عن الحزب الجمهوري بدلا من السيناتور الديمقراطي المتقاعد بين نيلسون، لكن ناشطي حركة «حفل الشاي» يدعمون المدعي العام السابق دون شتنبيرغ. وفي تكساس يحظى ديفيد ديوهيرست بدعم أكبر في الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري لخلافة النائب الجمهوري المتقاعد كاي بايلي هاتشستون، لكن المحامي العام في الولاية عن تيد كروز يحاول حشد المحافظين.

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»