أزمة تسبق توسع شركات الاستقدام في فروع المدن.. وتنذر بتعثرها

متعاملون لـ «الشرق الأوسط» أرجعوها لاشتراط «العمل» فتح فرعين في كل منطقة

TT

في الوقت الذي تستعد فيه 13 شركة استقدام لتأجير العمالة البدء في نشاطاتها واستخراج التصاريح الرسمية، ظهرت بوادر جديدة تمهد لفشل إنشاء 13 استقداما لتأجير العمالة في السعودية، حصلت على تصاريح أولية من قبل وزارة العمل بسبب عوامل اعتبرها متعاملون لـ«الشرق الأوسط» أسبابا حقيقية تؤدي إلى خسائر فادحة لرؤوس أموال تلك الشركات والمقدرة بنحو 1.3 مليار ريال (346 مليون دولار).

وتتلخص تلك العوامل في فتح فروع كبيرة لتلك الشركات نظرا لاشتراط وزارة العمل أن تقوم كل شركة بفتح فرعين لها في كل إمارة منطقة، وهو ما يعني فتح 26 فرعا، بينما وصل عدد الفروع في المدن الرئيسية حسب الدراسات الاقتصادية لتلك الشركات إلى 50 فرعا وهو ما يؤدي إلى خفض المرتبات الشهرية للعمالة المؤجرة، والتي لا تقابلها تغطية لتكاليف حجم الاستثمار في شركات التأجير.

فيما أرجع متعاملون تحفظ المستثمرين إلى خوفهم من خوض التجربة في هذا النشاط التجاري الذي يعد حديثا في السعودية، مشيرين إلى أن وزارة العمل حفظت حقوق الشركات عبر السماح لها بفتح فروع في المناطق التي تعتبر مركزا رئيسيا لها فقط، في حين لا تسمح الوزارة لأي شركة من المصرح لها سوى افتتاح فرع واحد خارج نطاق مركزها الرئيسي.

وكشفت مصادر أن بعض المتعاملين سيجتمعون مع وزارة العدل حول اشتراط الوزارة التوسع في الفروع ويجب أن يقنن العدد وخاصة في السنوات الأولى من عمل الشركات حتى لا تؤدي إلى التعثر.

وأمام هذا الجدل الكبير في سوق الاستقدام الناشئ بتكتل 400 مكتب استقدام كانت موزعة في البلاد، هدد بعض المستثمرين بسحب رؤوس أموالهم من تلك الشركات والبقاء في مكاتبهم الخاصة.

وقال فيصل عبد الله القثامي عضو لجنة الاستقدام لـ«الشرق الأوسط» إن التصريح للشركات في وقت واحد والزيادة الكبيرة في عدد الفروع لها بالمناطق وخاصة في المدن الكبرى والتكاليف الكبيرة لحجم رؤوس أموال الشركات التي حددتها وزارة العمل بأن لا تقل عن 100 مليون ريال لكل شركة، جعل الكثير من أصحاب مكاتب الاستقدام يحجمون عن الاشتراك في تأسيس الشركات والبعض سحب أمواله وقدم اعتذاره عن المشاركة.

ولفت إلى أن شركات الاستقدام معظمها ستبدأ العمل في فترات قريبة، وليس أمام تلك الشركات سوى رفع أسعار مرتبات العمالة ما بين 2500 إلى 3000 لتحقيق ربح وعائد مادي مقابل المصاريف التي ستشرع في تنفيذها من مكاتب وموظفين سعوديين للعمل في تلك الفروع، وهذه المرتبات لا يستطيع المواطن أو بعض المقيمين دفعها وتحملها.

وبين القثامي أن كثيرا من أصحاب مكاتب الاستقدام فضلوا البقاء في أعمالهم بدلا من الإعداد لتكتلات لتأسيس شركات تأسيس شركات الاستقدام، لاقتناعهم بناء على خبراتهم وتعاملهم في هذا المجال بأن الشركات لن تستمر إذا شرعت في العمل ميدانيا على تأسيسها، وقد تواجه مشاكل بعض الشركات في بداية عملها من هذا الإجراء.

من جهته قلل سعيد الغامدي عضو لجنة الاستقدام في غرفة جدة لـ«الشرق الأوسط» من هذا التخوف والتحذيرات وأن هذا الإجراء ليس مبنيا على أسس اقتصادية، وأن التوسع في فتح الفروع سيفتح باب المنافسة وينعكس على خفض الأسعار وهو جزء من الهدف الذي تصدت إليه الجهات الحكومية ذات العلاقة.

وأوضح أن شركات تأجير العمالة ستحرص في فتح فروعها على التوزيع المكاني والوصول إلى شتى الهجر والمدن، وليس التركيز فقط على المدن الرئيسية كما يشاع، فكل منطقة يوجد بها الكثير من المدن والهجر والمحافظات وستكون هناك سوق كبيرة أمام تلك الشركات لتسويق خدماتها.

وأمام ذلك، اعتبر عوض الزهراني عضو لجنة الاستقدام في غرفة جدة تخوف المستثمرين من أصحاب مكاتب الاستقدام أمرا طبيعيا يعود إلى حداثة التجربة وعدم معرفة نتائجها والخوف من تعرضهم للخسارة، موضحا أن الشركات منذ الإعلان عن بدء تصريحها ستخدم المواطن والدولة وتحقق عائد كبيرا من الأرباح، خصوصا تقليص الكثير من المصروفات من خلال استخدام وسائل التقنية الحديثة والإنترنت في العمل في الفروع.

يذكر أن معظم شركات تأجير العمالة أعلنت عن ضوابط يتم إعدادها مع لجان من وزارة العمل للحد من استقدام العمالة المنزلية، من أهمها أن يكون رب الأسرة أو زوجته من أصحاب الملاءات المالية الجيدة، والمحددة بألا يتجاوز الراتب 5 آلاف ريال (1300 دولار) شهريا للزوج أو الزوجة، ليتناسب مع المرتبات المعدلة للعمالة أو السائق، والتي تتراوح مرتباتهم ما بين 1300 و1500 ريال شهريا، (400 دولار) وعدم الحصول على عاملة ثانية إلا بسبب يتم قبوله من قبل وزارة العمل كعدد الأسرة أو وجود مريض يحتاج لرعاية دائمة، وأن يزيد مرتبه على 10 آلاف ريال (2600 دولار).

ونفت تلك الشركات من خلال مصادر لـ«الشرق الأوسط» ما تردد عن طرح أسعار مبالغ فيها تزيد على المبالغ التي يتم التعامل معها من قبل مكاتب استقدام محلية، حيث تعمل تلك المكاتب على استقطاع رسوم لسماسرة العاملات في الدول التي تصدر الخادمات إلى السعودية، والتي تقدر بـ11 ألف ريال، إضافة إلى رسوم إقامة وتذاكر وغيرها من الرسوم الحكومية مع مبلغ 800 ريال شهريا ليصل المبلغ خلال عامين بنحو 35 ألف ريال، وذلك دون ضمانات فعلية في حال هروب العمالة للخسائر الملحقة للكفيل، بينما يدفع رب الأسرة للشركات مبلغ الراتب الشهري فقط بمعدل 1500 ريال شهريا أي أن المستفيد لا يدفع خلال سنتين سوى 25 ألف ريال، مع وجود تأمين طبي، ودون دفع تذاكر لبلدها ورسوم دفن في حال وفاتها، والأهم من ذلك عدم تحمل مسؤولية ذهابها وخروجها عن عملها.