ذهول في بريطانيا للمعلومات المسربة من أميركا حول «العميل المزدوج»

مخاوف في الكونغرس من فقدان ثقة استخبارات الدول الحليفة

TT

رفضت لندن التعليق على معلومات صحافية تؤكد أن العميل الذي اندس في صفوف «القاعدة» وأفشل مشروع تفجير طائرة يحمل الجنسية البريطانية.

واكتفى متحدث باسم الخارجية البريطانية بالقول «إن السياسة التي تتبعها الحكومة منذ أمد طويل تقضي بعدم التعليق على القضايا المتعلقة بالتجسس».

وأشارت الصحف البريطانية إلى أن الرجل ولد في السعودية وشب في أوروبا قبل أن يحصل على جواز سفر بريطاني.

ونقلت «التايمز» عن مسؤولين بريطانيين، رفضوا الكشف عن اسمهم، أن المخابرات البريطانية الداخلية جندته نظرا إلى ماضيه كمناصر للجهاديين الذي يعطيه المصداقية ليكسب ثقة «القاعدة».

وأفادت الصحيفة البريطانية بأن اجتماعا وزاريا في لندن خصص للتسريبات حول القضية، وأوضحت أن المشاركين كانوا «مذهولين» لدقة المعلومات التي كشفت في الولايات المتحدة.

وقد أثارت التسريبات حول العميل الذي أفشل مخططا لتنظيم القاعدة، غضب أعضاء الكونغرس الأميركي القلقين من أن يؤدي ذلك إلى فقدان استخبارات الدول الحليفة ثقتها بقدرة الولايات المتحدة على كتمان أي سر.

وتصدرت القضية الشبيهة بأفلام السينما منذ الاثنين عناوين الصحف الأميركية. فقد تطوع عميل اخترق فرع اليمن لتنظيم القاعدة لتنفيذ عملية انتحارية ضد طائرة متوجهة إلى الولايات المتحدة. وفر العميل الذي يعمل في الواقع لحساب الأمن السعودي، حسب ما قالت مصادر استخباراتية لصحف أميركية، ومعه العبوة الناسفة التي سلمها إلى الضباط المسؤولين عنه، كما أعطاهم معلومات ساعدت الولايات المتحدة في تصفية فهد القصع أحد قادة «القاعدة» في غارة جوية باليمن يوم الأحد.

وصرحت السيناتور ديان فاينستاين رئيسة لجنة الاستخبارات: «لم يكن من المفترض أن تحصل هذه التسريبات. إنها عملية جارية، ومثل هذه التسريبات تشكل خطرا كبيرا».

وأعلنت وكالة «أسوشييتد برس» الأميركية التي كانت أول من أشار إلى المخطط، إنها على علم بالعملية منذ الأسبوع الماضي إلا أنها لم تنشر أي معلومات حولها نزولا على طلب من البيت الأبيض ووكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي إيه).

وتداولت الخبر بعد ذلك الصحف والتلفزيونات الأميركية.

وأعلنت فاينستاين أن مجلس النواب سيفتح تحقيقا في التسريبات وهو موقف أيده نظيرها الجمهوري في مجلس الشيوخ مايك روجرز.

وقال روجرز لشبكة «سي إن إن» إنه «اذا وقع مكروه بسبب تسريب مبكر للمعلومات، فالأمر لن يكون كارثة فحسب، بل جريمة أيضا». من جهته، أمر جيمس كلابر، رئيس إدارة الاستخبارات التي تشرف على الوكالات الـ16 في البلاد، بفتح تحقيق «لمعرفة ما إذا حصل تسريب غير مسموح به لمعلومات سرية».

ويتم «تجزئة» عمليات الاستخبارات والفصل بينها لتجنب حصول تسريب، إلا أنه غالبا ما يكون عشرات الأشخاص على علم بها في البيت الأبيض والـ«سي آي إيه».

ولم يتردد بعض النواب المحافظين في انتقاد الرئيس باراك أوباما، ملمحين إلى أن التسريبات يمكن أن تكون مناورة لتلميع صورة الرئيس حول قضايا الأمن الدولي في خضم الحملة الانتخابية.

والأسبوع الماضي، انتقد الجمهوريون البيت الأبيض استغلال الذكرى السنوية الأولى لمقتل بن لادن عند قيام أوباما بتفقد الجنود في أفغانستان.

وبعد عام ونصف العام على نشر موقع «ويكيليكس» آلاف الوثائق الدبلوماسية الأميركية السرية، تثير هذه التسريبات الجديدة القلق من أن يفقد حلفاء واشنطن ثقتهم بها وبالتالي يحدون من تعاونهم معها.

واعتبر رئيس لجنة الأمن الداخلي في مجلس النواب، بيتر كينغ، أن هذه التسريبات «يمكن أن تنطوي على عواقب وخيمة».

وقال لشبكة «سي إن إن» إنه «كان من الممكن أن تؤدي إلى عواقب كارثية وتلحق أضرارا كبيرة على المدى البعيد». وشاطره بروس ريدل، العميل السابق لدى الـ«سي آي إيه»، الرأي. وقال لوكالة «فرانس برس»: «ستؤدي هذه التسريبات إلى عدولهم عن التعاون معنا، فنحن لا نعلم كيف نكتم سرا».

إلا أن التعاون الدولي يعتبر في غاية الأهمية لمكافحة الإرهاب.

ففي أكتوبر (تشرين الأول) 2010، تم إفشال مخطط آخر لتنظيم القاعدة كان يقوم على إرسال طرود مفخخة على متن طائرات متجهة إلى الولايات المتحدة، بفضل معلومات قدمها الأمن السعودي.

وقالت مصادر لـ«رويترز»، إن المخابرات البريطانية لعبت دورا رئيسيا في التحقيق السري لإحباط هجوم بقنبلة ملابس داخلية شارك فيها تنظيم مرتبط بتنظيم «القاعدة» في اليمن.

وتعرضت إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما لضغوط شديدة كي لا تكشف عن دور السلطات البريطانية في التحقيق. وكان المسؤولون الأميركيون قالوا إن وكالة المخابرات المركزية الأميركية وأجهزة مخابرات أجنبية حليفة أحبطت المؤامرة، لكنها لم تكشف عن هوية الأجهزة الحليفة.

ويقوم مكتب التحقيقات الاتحادي بفحص القنبلة في معامله في كوانتيكو بولاية فرجينيا، ويقول مسؤولون أميركيون، إن القنبلة تحمل بصمات المتشدد السعودي إبراهيم حسن العسيري، عضو «القاعدة» الهارب الذي يشتبه في أنه مهندس صنع القنابل في تنظيم «القاعدة» في جزيرة العرب.