إيطاليا تخرج أفضل المدربين في العالم

مارتشيللو ليبي

TT

الآن فاز تشيلسي الإنجليزي تحت تدريب الإيطالي دي ماتيو بكأس إنجلترا، فضلا عن محاولته انتزاع بطولة دوري الأبطال من خصمه الألماني بايرن ميونيخ. كما فاز المدرب الإيطالي لوتشيانو سباليتي مع فريقه زينيت سان بطرسبورغ باللقب الروسي مرة أخرى. مع وجود زميله الإيطالي مانشيني على مقعد تدريب مانشستر سيتي، الذي قد يكون تربع أمس على عرش الدوري الإنجليزي الممتاز (وعلى هذا النحو يصبح المدربون الإيطاليون قد فازوا بكل شيء في إنجلترا)، في الوقت الذي يتنافس فيه الإيطالي أنشيلوتي، مدرب باريس سان جيرمان، على الصدارة الفرنسية حتى الجولة الأخيرة مع غريمه مونبلييه. وفي الوقت ذاته لا ينفك تراباتوني، مدرب آيرلندا، عن مفاجأة الجميع بتأهل المنتخب الآيرلندي الصغير والقادر على التنافس في أمم أوروبا. إذن، اليوم ونحن نتحدث جيدا عن المدربين الإيطاليين سيكون من السهل للغاية التوصل إلى أنهم الأفضل في العالم، بل أعتقد في أكثر من ذلك عن قناعة دائمة لي.

وما زلت أذكر عندما توليت تدريب المنتخب الإيطالي، وقبل أن أبدأ تلك المغامرة المذهلة، التي أدت بنا إلى المونديال، أكدت أمرا ما يستحق التأمل فيه بقول: «إن الدوري الإيطالي هو الأفضل لأن كفاءة مدربينا هي الأعلى في العالم، ولا توجد بلد تمتلك ذلك الثراء الخططي الفني، ليس فقط في دوري الدرجة الأولى الإيطالي، ولكن أيضا في الدوري الأقل شأنا منه. ولهذا لا يمكننا التحدث عن منتخب آزوري رمز للكرة الإيطالية، لأن تنوع طرق اللعب أمر فريد لا يُصدق».

وما زالت أؤكد على ذلك وأصدّق عليه، حتى وإن كان قد مضى ثمانية أعوام منذ ذلك الحين في ظل اغتنام الخارج من الخبرة الإيطالية (بتعيين الكثير من المدربين الإيطاليين). بل، وأضيف إلى ذلك أن متوسط عمر المدربين الفائزين قد انخفض من أليغري وصولا إلى كونتي. فمنذ وقت مضى في حالة فوز الشاب تراباتوني بالدرع - مع إنه لم يكن في الأربعين من عمره - كان من الممكن أن يبدو الأمر حدثا فريدا من نوعه. أما اليوم فمن الطبيعي أن يأتي مدرب شاب مثل أليغري، المقبل من تدريب كالياري سابقا، ليتولى تدريب الميلان القوي، الذي في حاجة إلى من يأخذ قرارات خططية مهمة ويقوده إلى الفوز بالدرع من دون النظر في وجه أحد مثلما حدث في الموسم الماضي. أما اليوم فإن يوفنتوس في موقف نفسي لا يُحسد عليه، بوجوب عدم ارتكابه المزيد من الأخطاء، فإن الإدارة - المدعومة من الجماهير - تثق في مدرب شاب لا يتمتع بالخبرة على مستوى عال، ولكن كونتي رد هذه الثقة بانتزاع الدرع في أجواء أكثر حماسية واستحقاقا (أيضا لأن ذلك جاء نتاج قرارات فنية خططية شجاعة ومرونة عقلية). وهنا تكمن المدرسة الإيطالية لكرة القدم، علاوة على استنادها إلى الحس الكروي العالي. ولنأخذ سباليتي على سبيل المثال، فلا تظنوا أن تنظيم مجموعة من اللاعبين وجعلها فريقا في روسيا يعد أمرا سهلا بعيدا عن الوطن مع مواجهة مشكلة اختلاف اللغة. ولكن نجح المدرب الإيطالي لوتشيانو في ذلك من دون التخلي عن أفكاره الكروية الإبداعية. وماذا عن دي ماتيو؟ لقد تولى تدريب تشيلسي الذي تدهور لبعض الأسباب مع المدرب فيلاس بواس، وأعاد توازن الفريق بالدفع بلاعبين اثنين في الدفاع، مما أحكم زمام الخططية في الملعب، وفي المقابل، تلقى حماسا وروحا انتصارية.

وبالتنقل بين نماذج ماتزاري وغويدولين، أو من رييا إلى كولاتونو، أو من دونادوني إلى روسي، يكفينا النظر إلى دوري الدرجة الأولى الإيطالي واكتشاف حقيقة طرق اللعب والقرارات الخططية متنوعة التكوين، التي إذا لم تجعل الدوري الإيطالي الأكثر ثراء بالمشاهد الكروية، فإنه بالطبع الأكثر حماسا واشتعالا، وهذا ما يدرسه الآخرون خارج إيطاليا ليتعلموا منه.