«بدلة روبوتية» تمكن بريطانية مشلولة من إنهاء «ماراثون لندن» في 16 يوما

تتحكم في الساقين وتمكنها من المشي

كلير لوماس (32 عاما) المصابة بشلل نصفي (كسر في الظهر والعنق والأضلاع) إثر إصابتها بكسر في العمود الفقري.. نجحت مؤخرا في الانتهاء من سباق «ماراثون لندن» للجري بعد أن قطعت 26.2 ميل في 16 يوما و55 ألف خطوة مشيا على قدميها.. مستعينة في ذلك ببدلة مدعوة تقنيا (أ.ف.ب)
TT

رغم أنها تدرك من البداية أن مسافة السباق سوف تستغرق منها أسابيع، لكونها لا تستطيع أن تقطع أكثر من ميل واحد يوميا، فهي تتحرك خطوة بخطوة، إلا أنها قد استطاعت بإرادتها القوية وإصرارها على التحدي، أن تنهي السباق الذي تبلغ مسافته نحو 42 كيلومترا (26.2 ميلا). إنها البريطانية كلير لوماس (32 عاما) المصابة بشلل من الصدر إلى أسفل (كسر في الظهر والعنق والأضلاع)، إثر إصابتها بكسر في العمود الفقري بعد سقوطها عن حصانها في سباق للفروسية عام 2007، فقد نجحت مؤخرا في الانتهاء من سباق «ماراثون لندن» للجري الذي شارك فيه أكثر من 36 ألف متسابق خلال شهر أبريل (نيسان) الماضي، بعد أن قطعت مسافة (26.2 ميلا) في 16 يوما، و55 ألف خطوة، مشيا على قدميها مستعينة في ذلك ببدلة ميكانيكية بيونية (إلكترونية - بيولوجية) (Bionic suit) مزودة بسيقان روبوتية تتحكم في ساقيها وتمكنها من السير. وقد تمكنت من جمع أكثر من 130 ألف جنيه إسترليني لجمعية خيرية مختصة ببحوث إصابات العمود الفقري.

والبدلة الروبوتية، قام بتصميمها أميت غوفير، وقامت بتطويرها شركة «ReWalk»، وتسمح للمصابين بشلل في الأطراف السفلية (lower - limb paralysis) بالجلوس والوقوف والمشي وتسلق السلالم.

ويتكون الهيكل الخارجي البيوني، من أطراف روبوتية مثبتة على حزام، وزوج من العكازات، وأحزمة في المعصم وجهاز كومبيوتر وأجهزة استشعار متطورة للحركة تكشف عن التغيرات في التوازن لدى المستخدم، ومحركات فعالة لتشغيل الأطراف الروبوتية إلى الأمام، والهيكل يتم تشغيله بواسطة بطارية يحملها المستخدم في حقيبة تحمل على الظهر.

وعن كيفية عمل البدلة الروبوتية، يقول المهندس إيان كورنوال، من شركة «Cyclone Technologies» البريطانية الرائدة في تصميم الكراسي المتحركة، حسب الطلب والتحفيز الكهربائي الوظيفي وبرامج التأهيل الكاملة، كما من بين مهامها القيام بأعمال التقييم والتدريب لشركة «ReWalk»، التي قامت باختبار وتطوير البدلة الروبوتية، وذلك على الموقع الإلكتروني لهيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي»، بأن البدلة تتكون من 6 أجزاء رئيسية هي: حقيبة الظهر، وتحتوي على بطارية «ليثيوم - أيون» 28 فولت، وبطارية احتياطية، وجهاز كومبيوتر على متنها، وجهاز لاسلكي متصل بساعة لإرسال موجات الراديو، والبطارية تستمر عادة لنحو 8 ساعات وقابلة لإعادة الشحن، وبرامج الكومبيوتر لديها الكثير من المعايير المختلفة التي تساهم في تفعيل عمل البدلة الروبوتية مثل درجة الميل، والسرعة وفترة الانتظار قبل التحرك للأمام. وأجهزة استشعار الميل في الحركات، ويعتمد الجهاز الروبوتي بأكمله على استشعار الحركة الواحدة، حيث يسمح للساقين بالسير للأمام عن طريق الكشف عن التحولات في التوازن ووزن الجسم. وعندما يميل الجزء العلوي من الجسم للأمام ينشط جهاز الاستشعار ويؤدي لحركة السيقان الروبوتية. كما أن البدلة مزودة بساعة بها أزرار، تمكن المستخدم من أن يختار ما بين الجلوس والوقوف وصعود أو نزول الدرج، كما أن ارتفاع الخطوة مبرمج مسبقا في الكومبيوتر، ومع ذلك يمكن تغيير جميع هذه الأوضاع. ويوجد بالبدلة أيضا محركات مصنوعة من الألمونيوم لدعم وزن الجسم والحفاظ على صلابته داخل الهيكل الروبوتي، وهي مربوطة إلى أعلى وأسفل الساقين، وتحتوي على محركات صغيرة تساعد على تنفيذ الحركات وتدوير المفاصل. هذا بالإضافة إلى عكازات لمنح مرتدي البدلة التوازن عندما يميل للأمام.

جدير بالذكر أن هناك حاليا بحوثا عالمية واعدة في مراكز البحوث بالدول المتقدمة، تجري على تطوير هياكل روبوتية خارجية يمكن ارتداؤها ويتم تشغيلها بواسطة موجات صادرة من دماغ المصابين بالشلل. ففي شهر أكتوبر (تشرين الأول) من العام الماضي 2011، أعلن فريق بحثي دولي من مركز الهندسة العصبية بجامعة ديوك بولاية كارولينا الشمالية الأميركية، وضمن مشروع بالجامعة باسم «المشي من جديد» (The Walk Again Project)، وموقعه الإلكتروني (www.walkagainproject.org)، عن توصلهم لخطوات واعدة نحو صناعة هيكل روبوتي للأطراف الصناعية يمكنه أن يمكن المصابين بالشلل من المشي عبر أوامر مباشرة من موجات الدماغ، فقد أعلنوا أنهم تمكنوا من اجتياز عقبة رئيسية نحو تحقيق هذا الهدف، فقد أظهرت تجاربهم على القرود أنهم يستطيعون التحكم بالشبكة العصبية المعقدة في الجسم وتوفير الإحساس باللمس مباشرة من خلال أوامر مرسلة إلى الدماغ.

ويهدف الفريق البحثي المكون من الدكتور ميغيل نيكوليليس عالم الأعصاب والطبيب البرازيلي المولد، الذي يعمل في المركز الطبي بجامعة ديوك، مع مجموعة من المهندسين وعلماء الأعصاب وعلماء الفسيولوجيا من البرازيل وسويسرا وألمانيا والولايات المتحدة، نحو تحقيق هدف طموح، يتمثل في أن يتمكن شاب مصاب بشلل رباعي ويرتدي هيكلا روبوتيا خارجيا مزودا بأطراف صناعية، من المشي وإرساله إلى خط الوسط للإعلان عن بداية افتتاح بطولة كأس العالم لكرة القدم عام 2014 في البرازيل، ويصف نيكوليليس هذا الإنجاز بـ«تصويب» أو «طلقة برازيلية نحو القمر» (Brazilian moon shot). والشلل الرباعي (Quadriplegic) هو شلل ينجم عن مرض أو إصابة للإنسان، ويؤدي إلى فقدان جزئي أو كلي لاستخدام جميع الأطراف والجذع.

ويعمل نيكوليليس وفريقه البحثي في مختبر جامعة ديوك، على دمج العلوم الهندسية مع علوم الدماغ، في محاولة لخلق شيء خيالي، يتمثل في جهاز صناعي روبوتي يغطي كامل جسم المصابين بالشلل ويسمح لهم بالمشي من جديد.

وقد أجرى نيكوليليس وفريقه تجارب على نوعين من القردة الإناث من نوع «ريسوس» (rhesus)، وأظهرت التجارب أنه من الممكن إرسال رسائل كهربائية تنقل مباشرة إلى مركز الإحساس في أدمغة القرود، عبر تيارات كهربائية مشفرة خصيصا، ليتم تسليمها مباشرة إلى القشرة الحسية (sensory cortex) لدى أدمغة القرود، وقد نشرت نتائج هذه الدراسة في مجلة «نيتشر» (الطبيعة) بعدد 5 أكتوبر (تشرين الأول) من العام الماضي 2011.

وقال الفريق البحثي إنه، بالنسبة للأفراد المصابين بالشلل نتيجة إصابة الحبل الشوكي، من الممكن أن تسمح مثل هذه التيارات الكهربائية المشفرة عند إرسالها إلى الدماغ بعودة الإحساس للمريض الذي فقد حاسة اللمس. كما يمكن لهذه التيارات أن توفر ردود الأفعال الحسية الضرورية واللازمة لمستخدم هيكل الأطراف الصناعية الروبوتية حتى يتمكن من المشي من جديد.