عمرو موسى في مواجهة جيلين من أصوات الناخبين

واصفًا نفسه بالمرشح الوحيد القادر على توفير الاستقرار لمصر

ملصق إعلاني لحملة المرشح الرئاسي عمرو موسى في أحد شوارع القاهرة أمس (أ.ب)
TT

قال علاء زينهم خلال مؤتمر جماهيري هنا إنه لا ينوي التصويت لصالح عمرو موسى، وزير الخارجية المصرية السابق الذي يسعى لأن يحتل منصب رئيسه السابق، الرئيس حسني مبارك.

ويقول زينهم (22 عاما): «إن عمرو موسى جزء من النظام السابق»، بينما كان موسى يلقي خطابًا أمام حشد من الناس في البلدة. وأضاف: «طريقة تفكير عمرو موسى قديمة ولا تناسبنا. إنه لا يمثلنا».

على الجانب الآخر يرى عادل، والد زينهم، أن عمرو موسى وجه معروف ويستطيع السيطرة على الأمور، ورجل محل ثقة يستطيع التعامل مع حلفاء مصر الخارجيين وبالتأكيد ليس من بقايا النظام القديم. وأضاف: «يوجد اختلاف واضح بين حسني مبارك وعمرو موسى».

ويسعى عمرو موسي لأن يصبح رئيسا للجمهورية في انتخابات من المزمع إجراؤها خلال الشهر الحالي، حيث يحاول أن يحول أكبر مساوئه، وهي خدمته الطويلة في الحكومة، إلى نقطة قوة.

وفي سباق رئاسي من المرجح أن يصل فيه عدد محدود من المرشحين، من ضمنهم عمرو موسى واثنان من الإسلاميين، إلى الجولة النهائية، اختار وزير الخارجية السابق أن يظهر بصورة الخبير المخضرم، والخيار الوسطي، حيث هاجم بشدة ما أطلق عليه اقتراح «تجربة» الحكومة الإسلامية، واصفًا نفسه بالمرشح الوحيد القادر على توفير الاستقرار لمصر.

وصرح عمرو موسى أثناء زيارته لشربين يوم الاثنين: «يجب علينا توخي الحذر في اختياراتنا، وأن نبقى بعيدًا عن الفوضى والفوضويين، لا يمكن أن نسمح للفوضى والدمار أن يحلا بالبلد».

وبينما يقترب المصريون من انتخابات الرئاسة الأولى التي يتنافس عليها الكثيرون، تناضل الدولة، التي يملؤها مزيج من القلق والحماس، للتأكيد على رؤية خاصة بها على ساحة تعج بمرشحين يقدمون وعودًا مختلفة. ويواجه المرشحون صراعًا من نوع آخر، حيث عليهم أن يحاولوا فهم رغبات شعب صمت قهرًا لسنوات تحت حكم مبارك.

كانت نتيجة الانتخابات البرلمانية التي تم إجراؤها مؤخرا، والتي تمثل الاختبار الأول للمزاج السياسي للشعب، صعود أغلبية من الإسلاميين إلى البرلمان، مع حصول الإخوان المسلمين على نصف المقاعد وحصول السلفيين على نسبة 25 في المائة.

ويصف عبد المنعم أبو الفتوح، الذي يعد خصمًا بارزًا لعمرو موسى وقائدا إخوانيا بارزا سابقًا، نفسه بالإسلامي الليبرالي. وقد حصل على دعم اليساريين والسلفيين. ويُنظر إلى مرشح الإخوان المسلمين، محمد مرسي، كمرشح بارز، وكذلك أحمد شفيق، الذي تولى منصب رئيس وزراء لفترة قصيرة، وحمدين صباحي، مؤسس حزب الكرامة الناصري.

لطالما نظر إلى موسى، الذي يبلغ من العمر 76 عامًا، باعتباره مراقبا ماكرا مخضرما للمشهد السياسي في مصر ووجها معروفا لنظام مبارك رغم نأيه بنفسه عن الزمرة الحاكمة. والتحق موسى، المحامي السابق، بوزارة الخارجية المصرية عام 1958، حيث تولى منصب سفير مصر في الهند والأمم المتحدة قبل توليه منصب وزير الخارجية. وخلال فترة توليه المنصب الوزاري، وفي ظل تأجج الغضب بسبب معاهدة السلام مع إسرائيل في مصر، كان موسى بمثابة الصوت المعبر عن العداء الشعبي للمعاهدة حيث انتقد بشدة المسؤولين الإسرائيليين في عدة مناقشات علنية. ومع بزوغ نجم موسى في مصر عام 2000 والاحتفاء به من خلال أغنية باسم «أنا باكره إسرائيل»، أبعده الرئيس السابق مبارك عام 2001 بتوليه منصب أمين عام جامعة الدول العربية في خطوة نُظر إليها باعتبارها محاولة لإقصاء خصم محتمل.

وأتت الاستراتيجية ثمارها، فقد قضى موسى العقد الماضي في جامعة الدول العربية وهو يرسي سياسة مصرية غاضبة أرست أسس الثورة مع إثارة الإجراءات الخاصة بالعمال احتجاجهم وزعزعة الاحتجاجات للحكومة وظهور الجماعات السياسية الجديدة. وبعد أن خاض المعارض أيمن نور المنافسة ضد مبارك عام 2005، زُج به في السجن. وابتعد موسى، الذي كان ليصبح منافسا أفضل له، عن حلبة الصراع. ومنذ عدة سنوات انتشرت شائعات باحتمال ترشح موسى لانتخابات الرئاسة عام 2011، لكنه نفى صحة هذه الشائعات مؤكدًا دعمه للرئيس مبارك في مقابلة عادت لتطارده مثل شبح. وهاجم موسى الأسبوع الماضي خلال مقابلة في حافلة الحملة الانتخابية القول بأن معارضة مبارك كانت ستؤتي ثمارها وإن كانت تتضمن خطر الزج به في السجن. وقال إنه كان متمسكًا بموقفه عندما كان يعمل في الحكومة. وأوضح أنه كان يفكر في الترشح للرئاسة عام 2005، لكنه كان على يقين بعدم جدوى السباق الرئاسي لسيطرة مبارك على الوضع السياسي. وأضاف: «كل الطرق كانت مسدودة، وكنت خارج دوائر الحكم».

يمثل تاريخ موسى بسهولة وقودًا لخصومه، فخلال المناظرة الرئاسية يوم الخميس الماضي والتي تعد الأولى في مصر، سخر عبد المنعم أبو الفتوح، العضو السابق في جماعة الإخوان المسلمين، والذي قضى ست سنوات في السجن بسبب وجوده في صفوف المعارضة، من موسى بسبب ولائه للنظام السابق. وقال أبو الفتوح إن الكلام المعسول سهل، مشيرًا إلى أن أقل ما كان يمكن أن يفعله موسى هو الاستقالة.

ويستعيد موسى ماضي مصر المجيد في إعلان الحملة الانتخابية واعدًا بتحقيق نهضة و«جمهورية ثانية». كذلك يصف فلسفته السياسية بـ«الإصلاحية»، ويتعهد بأنه لن يتولى سوى فترة رئاسية واحدة مدتها أربع سنوات. أما فيما يتعلق بالسياسة الخارجية، فقد دعا موسى إلى تعزيز العلاقات مع أوروبا وأفريقيا وأوضح في برنامجه الانتخابي أنه سيبقي على معاهدة السلام مع إسرائيل ما دام الطرف الآخر يحترمها. وقال في المناظرة التي أجريت يوم الخميس الماضي إنه سيعيد النظر في المعاهدة. واستغلالا لمخاوف تزايد الانفلات الأمني، وعد بإعادة ضباط الشرطة إلى الشارع بعد اختفاء الكثيرين منهم عقب اندلاع الثورة وإعادة النظام والانضباط إلى الشارع زاعمًا أنه يتميز على المرشحين المنافسين في هذا المضمار. وقال إن أمور إدارة الدولة ليست جديدة عليه.

ويغازل موسى المسيحيين الذين يمثلون نحو 10 في المائة من السكان، وكذلك العلمانيون، متبنيًا استراتيجية تتحدث كثيرًا عن دولة واحدة للمسلمين والمسيحيين.

* خدمة «نيويورك تايمز»