موقع «بارشين» على المحك في محادثات فيينا اليوم.. وتوقعات بـ«انفتاح إيراني»

«فارس» تعتبر تقرير المعارضة حول الأسلحة النووية «مخططا» لإفشال محادثات بغداد

صورة ملتقطة عبر الأقمار الصناعية لموقع «بارشين» جنوب شرقي طهران الذي ترفض السلطات الإيرانية السماح لوكالة الطاقة الدولية بدخوله (أ.ب)
TT

بعيدا عن أسلوب استباق الحدث بتصريحات إعلامية وبعد نحو شهرين من فشل جولتي تفاوض أخيرتين بين الوكالة الدولية للطاقة الذرية وإيران، يبدأ الطرفان هذا الصباح وحتى الغد جولة ثالثة من المفاوضات بهدف حلحلة قضايا تصفها وكالة الطاقة بأنها لا تزال عالقة، مطالبة طهران بأن تتعاطى «عمليا» مع مخاوف وقلق عميق من وجود أبعاد عسكرية محتملة للنشاط النووي الإيراني، بينما تتمسك إيران بمطلبها بإبعاد ملفها النووي عن مجلس الأمن الدولي ومن ثم عودته إلى الوكالة لإغلاقه تماما، نافية أن يكون نشاطها النووي لغير أهداف سلمية وتوليد المزيد من الكهرباء.

هذا، وكانت الوكالة قد فشلت خلال آخر جولتين في 29 - 31 يناير (كانون الثاني) الماضي، وفي 20 - 21 فبراير (شباط) الماضي، عقدتهما بطهران في الحصول على تصريح إيراني يسمح لها بزيارة موقع «بارشين» العسكري؛ حيث تقول شكوك ومعلومات استخباراتية، تقول الوكالة إنها قد حصلت عليها من 10 دول بالإضافة لمصادرها الخاصة، إن موقع «بارشين» الواقع على بعد 30 كيلومترا جنوب شرقي طهران شهد تفجيرات قوية كما أجريت فيه تجارب وأنشطة محظورة وفقا لاتفاقات الضمان النووي المنصوص عليها بين الوكالة وإيران بموجب توقيع إيران على اتفاقية الحد من انتشار الأسلحة النووية، مضيفة أن مما يعزز تلك الشكوك الستار السري الذي تضربه إيران حول الموقع ورفضها المتكرر السماح للمفتشين الدوليين بمعاينته، هذا بجانب ما توفر للوكالة من معلومات مضطردة عن أبنية ومشتريات مواد مزدوجة الاستخدام يعتقد أنها قد استخدمت في تجارب «بارشين».

وكان هيرمان ناكيرتس، نائب مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية ورئيس قسم الضمانات، قاد الوفدين السابقين، ومن المتوقع أن يقود وفد هذه المحادثات أيضا مصحوبا بعدد من الخبراء والتقنيين، وقد صرح قبل رحلته لجولة المفاوضات الثانية وهو في مطار فيينا بأنهم يتوقعون العودة بشيء ملموس.

إلا أنهم، وكما نشر حينها، لم يعودوا بأي شيء ملموس أو حتى غير ملموس سوى بيان سريع ومقتضب صدر ليلا بعد أن غادروا طهران وقبل وصولهم إلى العاصمة النمساوية فيينا حيث مقر الوكالة، عبر فيه يوكيا أمانو مدير عام الوكالة بأن الإيرانيين «تعاملوا بروح بناءة» لكنه لم يتم التوصل إلى اتفاق، مضيفا: «خيب آمالنا عدم قبول إيران طلب زيارة بارشين».

إلى ذلك، لم تستبعد مصادر دبلوماسية استطلعت «الشرق الأوسط» آراءها أمس أن تبدي إيران بعضا من الانفتاح خلال محادثات اليوم، مشيرة إلى أن المحادثات بين الطرفين، التي تعقد هذه المرة بمقر البعثة الإيرانية لدى الوكالة بالحي الثالث في العاصمة النمساوية فيينا، تجيء في وقت حساس يسبق لقاء حدد له الثالث والعشرون من الشهر الحالي لعقد جولة تفاوض «سياسي» بين إيران والمجموعة الدولية، التي يشار إليها بـ«5+1» التي تضم الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن بالإضافة إلى ألمانيا، والتي تطمح إيران أن تصل معها إلى اتفاق يقضي برفع العقوبات الدولية المفروضة عليها مقابل التزام من جانبها ببعض التنازلات مما يقلل من وتيرة نشاطها النووي، سيما عمليات تخصيب اليورانيوم بدرجة عالية بنسبة 20% التي بدأتها إيران منذ عام 2010 والاكتفاء بتخصيب بدرجة أقل 3% على أن لا تتعدى نسبة 5%. وفي السياق ذاته، تدور التوقعات حول أن تسمح إيران بزيارة على الأقل لبعض المواقع في «بارشين».

هذا، وتجمع المصادر على أن جولة التفاوض هذه وبمجملها تعتبر اختبار نوايا لجدية طهران في استمرار التفاوض المثمر وليس مجرد كسب وقت، وأن «بارشين» هو المحك.

هذا، بينما امتنع المندوب الإيراني لدى الوكالة، السفير علي أصغر سلطانية، عن الإدلاء بأية تصريحات صحافية كما هي حاله دائما عندما تكون فيينا موقع حدث إيراني متعلق بملفها النووي، ناصحا عبر سكرتارية مكتبه الصحافيين بعدم التجمع اليوم أمام مقر البعثة باعتبار أن المباحثات تقنية بحتة.. إلا أن سلطانية كان قد وصف السماح بالتفتيش بوصفه هدفا يحبط مخططات من أشار إليهم بـ«الأعداء أصحاب الأجندات السياسية ممن يحركون الوكالة» في إشارة إلى الغرب، مشيرا إلى أن بلاده ستثبت الطبيعة السلمية للأنشطة النووية الإيرانية. ماضيا في التأكيد على أنه لا جديد يمكن أن يوقف البرنامج النووي الإيراني لا العقوبات ولا الأعمال العسكرية ولا الاغتيالات التي تستهدف العلماء النوويين الإيرانيين، مكررا التأكيد على أن من حق إيران كغيرها من الدول الاستفادة من الذرة سلميا.

إلى ذلك، نشرت وكالة أنباء «فارس» الإيرانية، المقربة من الحرس الثوري، تقريرا أمس وصفت فيه مزاعم المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية المعارض بأن لدى إيران نحو 60 عالما ومهندسا يعملون في برنامج منظم وموسع لصنع أسلحة نووية تحت رعاية وزارة الدفاع الإيرانية، بأنه «مخطط» لإفشال اجتماعات بغداد. وقالت وكالة «فارس» إن تقرير المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية يقوم على معلومات «مغلوطة وغير صحيحة».

بدورها، نقلت وكالة «رويترز» عن دبلوماسيين أن لدى المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية «تاريخا مشوشا في ما يتعلق بالمزاعم المتصلة بالبرنامج النووي الإيراني منذ كشفه في عام 2002 عن وجود منشأة لتخصيب اليورانيوم في ناتانز».

وقال خبير نووي أميركي رفيع إن «تقرير المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية - كغيره من التقارير السابقة - يجب أن يعامل بكثير من التشكك».

ويبدو أن تقرير المجلس، الذي لم يتسن التحقق من صحة تفاصيله، جاء في هذا التوقيت للتشجيع على تبني نهج أشد صرامة في المحادثات التي تجريها الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة مع إيران في فيينا اليوم وغدا وأيضا محادثات بغداد.