اجتماع عشق آباد يؤكد العودة الطوعية الحل الأفضل لحالات اللاجئين واعتماد المعايير لإعادتهم

وكيل وزارة الخارجية السعودية: يجب التعامل مع مسببات اللجوء والنزوح بعيدا عن الاكتفاء بتقديم العون والمساعدة

TT

أجمع وزراء عدد من الدول الإسلامية على أثر الأزمات الاقتصادية على مردود دعم الدول للشعوب اللاجئة، متخوفين من تصاعد أعداد اللاجئين التي بلغت أعلى مستوى في العالم جراء الكوارث الطبيعية والسياسية إضافة إلى الأزمات الاقتصادية.

وأوضح أنطونيو غوتيريس المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في المؤتمر الوزاري الدولي حول اللاجئين في العالم الإسلامي الذي اختتمت أعماله في عشق آباد بجمهورية تركمانستان أول من أمس، أنه في عام 2011، استضافت دول منظمة التعاون الإسلامي وعددها 57 دولة 50 في المائة من الأشخاص الذين تعنى بهم المفوضية، والبالغ مجموعهم نحو 17.6 مليون شخص، حيث لا يشتملون فقط على اللاجئين؛ بل أيضا على طالبي اللجوء والعائدين والنازحين داخليا والأشخاص عديمي الجنسية.

وحذر الاجتماع الوزاري من قضية تواجه ملايين من الأفراد وصفت بالخطيرة بسبب انعدام الجنسية وعدم وجود اتفاقية متعلقة بوضع الأشخاص عديمي الجنسية من قبل كل الدول لتقديم حلول لهم، والسماح لهم بالعيش إلى حين تسوية أوضاعهم.

ولمح مسؤول في الشؤون الإنسانية الدولية فضل عدم ذكر اسمه لـ«الشرق الأوسط» إلى أن هناك مقترحات حول تجنيس الأفراد الذي يواجهون انعدام الجنسية بعد منحهم أوراقا تعطي لهم الحق كأي مواطن يعيش في وطنه، مشيرا إلى أن مقترحات توطين اللاجئين أيضا لا تزال تستحق المناقشة.

وكشفت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين عن وجود ما يقارب 12 مليون شخص عديمي الجنسية في أنحاء العالم، مشيرة إلى أن تلك المسؤوليات تقع على عاتق الدول من خلال أنظمتها الداخلية التي يجب أن تتخذ إجراءات بمفردها أو بالتعاون مع دول أخرى.

من جانبه، دعا الأمير تركي بن محمد بن سعود الكبير وكيل وزارة الخارجية السعودية للعلاقات متعددة الأطراف، في المؤتمر الوزاري إلى تضافر كل الجهود الدولية للتعاطي مع مسببات اللجوء والنزوح بعيدا عن الاكتفاء بتقديم العون والمساعدة للاجئين والنازحين، والنظر في وضع الحلول الواقعية لضمان عيشهم في أوطانهم بكرامة وإنسانية.

وأعلن الأمير تركي بن محمد عن تبرع السعودية خلال المؤتمر بمبلغ 560 ألف دولار للمساهمة في تغطية تكاليف عقد المؤتمر، وذلك خلال كلمته أمام المؤتمر، منوها بأن بلاده حرصت على دعم ومساندة جهود المنظمات الدولية التي تعنى بشؤون اللاجئين، وتقديم المساعدة للدول المضيفة لهم من خلال برنامج التعاون الإنمائي معهم وعبر هيئة الأمم المتحدة والمؤسسات التمويلية متعددة الأطراف الإقليمية والدولية ودعم المؤسسات ذات البرامج المتخصصة التي أنشأت لأغراض محددة وتحظى باهتمام المجتمع الدولي.

وبين وكيل وزارة الخارجية السعودي أن بلاده تساهم في ميزانية وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (الأونروا) بمليوني دولار، إضافة إلى تقديم 130 مليون دولار لمشاريع مختلفة تخصص للرفع من معانات اللاجئين الفلسطينيين، مؤكدا أن قضية الشعب الفلسطيني لا يمكن حصرها في موضوع اللاجئين فحسب؛ بل قضية شعب احتلت إسرائيل أراضيه وشردت أبناءه وانتهكت حرماته.

واستطرد الأمير تركي أن السعودية من الدول التي تحرص على دعم أهداف وبرامج المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين؛ حيث فتحت لها بعثة دائمة لدى المملكة وأبرمت مذكرة تفاهم مع المفوضية عام 1993 وبلغ مجموع ما قدمته للمفوضية أكثر من 60 مليون دولار إلى جانب ما تقدمة من مساهمات مالية منظمة فعالة في ميزانياتها السنوية.

وأضاف أن السعودية قامت في وقت سابق باستضافة 100 ألف لاجئ من دولة العراق الذين قدموا إلى البلاد عقب الغزو العراقي لدولة الكويت 1990 وتم صرف نحو مليار دولار على تأسيس مخيم رفحاء، بالإضافة إلى تأمين احتياجاتهم الأساسية والمعيشية التي تضمن لهم الحياة الكريمة.

وفي ما يتعلق بمساعدة وإغاثة اللاجئين والنازحين جراء الكوارث، قال الأمير تركي: «قدمت السعودية خلال خمسة أعوام مضت ما يقارب 500 مليون دولار من خلال التنسيق مع المفوضية السامية للاجئين وبرنامج الغذاء العالمي لضمان سرعة إيصال مثل هذه المساعدات».

من جانبه، ناشد أكمل الدين إحسان أوغلي الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي، الدول الأعضاء في المنظمة والمجتمع الدولي مواصلة التصدي لأوضاع اللاجئين والنازحين وتوفير المساعدة والحماية لهم وإيجاد معالجة واعية وموضوعية ومنهجية للأسباب الحقيقة لمشكلتهم خاصة أن أكثر من 17 مليون لاجئ ونازح هم من داخل الدول الأعضاء في المنظمة، وأن هذا العدد يشمل بعضا من حالات اللجوء التي طال أمدها.

وأشار الأمين العام للمنظمة إلى أن «معظم حالات اللجوء لا تزال نتيجة للتعصب وكراهية الأجانب والظلم وإنكار الحقوق الأساسية والصراع على الموارد داخل الدولة الواحدة أو عبر الحدود فضلا عن حالات التدخل الخارجي».

وقد صدر عن أعمال المؤتمر الوزاري «إعلان عشق آباد» الذي عبر المشاركون فيه عن عميق القلق إزاء أوضاع اللاجئين في العالم، لا سيما أن معظمهم تستضيفهم الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي فوق أراضيها، مشيدين باستضافة الدول الـ57 الأعضاء في المنظمة زهاء 10.7 مليون لاجئ ومن ضمنهم خمسة ملايين لاجئ فلسطيني (طبقا للإحصاءات التي أوردتها الأونروا) وكذلك باستمرار الدول الأعضاء في منظمة التعاون في الوفاء بالتزامها الراسخ بتوفير الحماية للاجئين، مع مراعاة قدراتها الوطنية وقوانينها المحلية، مشيرين إلى أن معاهدة عام 1951 المتعلقة بوضع اللاجئين والبروتوكول الملحق بها لعام 1967 يمثلان قيما مستمرة تتواكب مع القرن الحادي والعشرين، وإلى أهمية احترام المبادئ والقيم التي تتضمنها هاتان الوثيقتان.

وتخوف المشاركون في «إعلان عشق آباد» من الفجوة الكبيرة القائمة بين احتياجات وأماكن إعادة التوطين على مستوى العالم، واعتماد معايير انتقائية لإعادة التوطين، حاثين بلدان إعادة التوطين على الاستخدام الفعال والمرن وغير التمييزي لهذا الإجراء، وكذلك حث مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين على مواصلة عملها بالتنسيق على نحو وثيق مع البلدان المستضيفة للاجئين ورفع التقارير حول أنشطة إعادة التوطين على نحو أكثر انتظاما وفاعلية.

يذكر أن السعودية ودولة الكويت وسلطنة عمان والبنك الإسلامي للتنمية قدموا الدعم المادي الذي حقق نجاح المؤتمر الوزاري في عشق آباد. وقد علمت «الشرق الأوسط» أن منظمة التعاون الإسلامي قد وجهت دعوة إلى دولة سوريا التي مثلت علامة استفهام أمام الوفود المشاركة لعدم الرد على الدعوة والحضور لمناقشة قضاياها الإنسانية الخاصة باللاجئين.