مسلحون يقتلون مفاوضا أفغانيا للسلام

ثاني ضربة كبيرة في أقل من عام بعد اغتيال البروفسور رباني

جنود أفغان يحرسون المستشفى العسكري في كابل الذي نقل إليه جثمان رحماني أمس (أ.ب)
TT

قتل أحد كبار أعضاء مجلس السلم الأعلى في أفغانستان، وهو مستشار قريب من الرئيس حميد كرزاي، برصاص أطلقه قناص من سيارة أمس في كابل، مما وجه ضربة كبيرة لجهود كابل لتحقيق السلام مع متمردي حركة طالبان. وكان أرسلا رحماني وهو وزير سابق في عهد طالبان «مفاوض أساسي» في المجلس الذي أنشأه كرزاي لبدء مفاوضات سلام مع متمردي حركة طالبان. وقال رئيس وحدة التحقيقات بشرطة كابل الجنرال محمد ظاهر: «تسببت أزمة مرورية في توقف سيارة رحماني ومرت سيارة أخرى بجانبه وأطلقت النيران». وكان رحماني (الوزير السابق بحركة طالبان) في طريقه للقاء أعضاء بالبرلمان ومسؤولين آخرين في مركز إعلامي تديره الحكومة في المنطقة الدبلوماسية المحصنة بالعاصمة كابل. وأبلغ ظاهر «رويترز»: «لم يدرك سائق سيارته على الفور أن رحماني قتل»، مضيفا أنه لم يجر القبض على أحد فيما يتعلق بإطلاق الرصاص.

وصرح محمد واريس حفيد رحماني بأن جده «أصيب برصاصة أطلقت عليه من سيارة بعيد مغادرته منزله», موضحا أن «الرصاصة اخترقت ذراعه وأصابت قلبه». وأضاف أن رحماني «توفي في المستشفى». وقال محمود عبد الرحمن، خبير الشؤون الأفغانية من العاصمة كابل لـ«الشرق الأوسط»، إن الملا رحماني عمل مستشارا للشؤون الدينية للرئيس كرزاي, وعمل في حكومة المجاهدين تحت رئاسة البروفسور برهان الدين رباني القائم بأعمال رئاسة الوزراء, وكان عضوا بارزا في «الحركة الإسلامية الثورية» تحت رئاسة الشيخ نبي محمدي, أحد الأحزاب السبعة للمجاهدين, واعتبر عبد الرحمن خبير الشؤون الأفغانية مقتل الملا رحماني خسارة كبيرة لعملية السلام». وهددت حركة طالبان التي تشن تمردا منذ عشر سنوات بهدف الإطاحة بحكومة كرزاي, في وقت سابق من هذا الشهر باستهداف أعضاء مجلس السلم الأعلى في أفغانستان, كجزء من «هجوم الربيع» الخاص بهم.

ومع ذلك, نفت حركة طالبان أي صلة لها بقتل رحماني الذي انشق عنها، لكنه احتفظ بصلات قوية بها، وقال المتحدث باسم الحركة ذبيح الله مجاهد: «هناك آخرون ضالعون في هذا». وقالت طالبان إن مقتله لن يؤثر على محادثات السلام، وقال مجاهد لوكالة «رويترز»: «لا نعتقد أنها ضربة كبيرة لجهود السلام لأن مجلس السلام لم يحقق شيئا». ويترأس رحماني اللجنة المعنية بسجناء طالبان في المجلس الأعلى للسلام، وكان وزيرا للتعليم العالي في عهد حركة طالبان (1996 - 2001)، وقد التحق بحكومة كرزاي بعد الهجوم الأميركي على أفغانستان.

وتأسس مجلس السلام الأعلى في أفغانستان من قبل كرزاي في عام 2010 للتفاوض على السلام مع متمردي حركة طالبان وآخرين ممن يشنون حربا ضد حكومته و130 ألفا من قوات حلف الناتو التي تقودهم الولايات المتحدة في أفغانستان. وقال مسؤول أمني كبير لوكالة الصحافة الفرنسية (فضل عدم الكشف عن اسمه لأنه غير مخول بالحديث لوسائل الإعلام) إن أرسلا رحماني «أجرى اتصالات مؤخرا مع قياديين كبار في طالبان». وكانت حركة طالبان رفضت علنا دعوات كرزاي للسلام, ووصفته بأنه دمية بيد الأميركان, مؤكدة إصرارها على الانسحاب الكامل للقوات الغربية من أفغانستان. وكان المقاتلون الإسلاميون انسحبوا في مارس (آذار) الماضي من محادثات تمهيدية مع مسؤولين أميركيين في دولة قطر, معتبرين أن واشنطن لم تف ببنود بناء الثقة المتفق عليها والتي من بينها الإفراج عن خمسة من كوادر نظام طالبان السابق (1996 - 2001) معتقلين في قاعدة غوانتانامو الأميركية في كوبا.

من جانبها, تقول الولايات المتحدة إن استمرار أي محادثات مع نظام طالبان لإنهاء الحرب في هذا البلد, لا يمكن أن يتم إلا من خلال الاتفاق مع الحكومة الأفغانية التي يجب أن تقود هذه العملية. ويشكل مقتل أرسلا رحماني ثاني ضربة كبيرة في أقل من عام توجه لجهود كرزاي بتحقيق السلام التي تدعمها الولايات المتحدة بعد مقتل الرئيس الأفغاني السابق ومفاوض السلام برهان الدين رباني, الذي كان مكلفا التفاوض مع متمردي طالبان واغتيل في 20 سبتمبر (أيلول) الماضي. وقتل رباني الذي كان رئيسا للمجلس الأعلى للسلام مكلفا من الرئيس كرزاي التفاوض من أجل السلام مع المتمردين, في انفجار قنبلة مخبأة في عمامة انتحاري قدم نفسه على أنه موفد عن قيادة طالبان يحمل إليه رسالة مهمة. وكان كرزاي عين الشهر الماضي صلاح الدين رباني نجل رباني ليحل محل والده.