الأمم المتحدة غير راضية عن تطبيق الأطراف السودانية لقرارها بشأن الصراع

سلفا كير يعرب عن خيبة أمله من الدعم الإقليمي لبلاده في مواجهة من وصفهم «المتشددين الإسلاميين»

TT

عبرت الأمم المتحدة عن عدم رضاها عن تطبيق القرار الذي اعتمدته قبل أسبوعين بشأن الصراع بين السودان ودولة جنوب السودان.

وقال هيل مينكيريوس، مبعوث الأمم المتحدة للسودان، في مجلس الأمن أول من أمس، إنه على الرغم من عدم وجود المزيد من الاعتداءات بين الدولتين فإنه قد وجد إجمالا أن أيا من الطرفين لم يسحب قواته بشكل كامل من المناطق المعنية.

وأشار مينكيريوس إلى أن الأمم المتحدة لم تعثر على دليل على انتهاء الدعم الذي تقدمه مجموعات المتمردين في دول مجاورة، وأن ذلك يجعل الوضع لا يزال مضطربا بشكل بالغ ويهدد بخطر وقوع الحرب.

ورغم ترحيب بيتر فيتيج، سفير ألمانيا لدى الأمم المتحدة، حسب بعض الدبلوماسيين، بقبول الدولتين قرار مجلس الأمن، فإنه أكد أن التطبيق الملموس على الأرض هو الأهم، وأن هذا التطبيق يعني سحب كل من الطرفين قواته وإنهاء دعم مجموعات المتمردين من الدول المجاورة.

وكان السودان حتى يوليو (تموز) الماضي أكبر دولة في أفريقيا، إلا أن جنوب السودان انفصل عن السودان في التاسع من يوليو الماضي بعد عقود من الحرب بين شمال السودان وجنوبه راح ضحيتها نحو مليوني شخص جراء العنف والجوع والأمراض.

إلى ذلك، وصل علي أحمد كرتي، وزير الخارجية السوداني، إلى القاهرة في ساعة مبكرة من صباح أمس قادما من الخرطوم في زيارة لمصر تستغرق يوما واحدا يلتقي خلالها عددا من المسؤولين. وتتناول مباحثات الوزير السوداني تطورات الوضع في السودان خاصة في إقليم دارفور والعلاقات بين بلاده ودولة جنوب السودان بعد الأزمة الأخيرة التي حدثت بينهما بسبب منطقة هجليج الحدودية.

وتأتي زيارة الوزير السوداني في الوقت الذي يزور فيه إبراهيم قمبري، مبعوث الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي للسلام إلى إقليم دارفور، القاهرة، والذي توجه إلى الخرطوم أمس. وبحث قمبري خلال لقائه في مصر مع عدد من المسؤولين المصريين ومسؤولي جامعة الدول العربية أحدث تطورات الوضع في إقليم دارفور، وتبادل وجهات النظر معهم حول الوضع بالإقليم بشكل عام والجوانب السياسية والأمنية والإنسانية بشكل خاص. وقال قمبري خلال اجتماعه مع نبيل العربي، الأمين العام للجامعة العربية، في وقت سابق أمس إن إقليم دارفور يشهد تحسنا كبيرا في الأوضاع الأمنية، وتقدما في مستويات الصحة، وبدأت عودة المشردين داخليا واللاجئين إلى مساكنهم وقراهم، كما انخفضت نسبة الإصابات الناتجة عن الصراعات المسلحة بنحو 70 في المائة.

واتفق العربي وقمبري على اتخاذ مجموعة من الإجراءات لدعم اتفاق سلام دارفور الموقع في الدوحة العام الماضي، والعمل مع حكومة السودان وسلطة دارفور الإقليمية لاستعادة السلام والاستقرار والتعايش السلمي، وجددا دعوتهما لكل الفصائل المسلحة للانضمام إلى اتفاق السلام. وتناولت مباحثات المبعوث الدولي فرص تنمية إقليم دارفور والتعاون مع الجامعة العربية ومصر في هذا الشأن في ضوء ما تلعبه مصر من دور مهم ضمن قوات حفظ السلام وتشجيع العملية السياسية في دارفور.

من جهة أخرى، عبر رئيس دولة جنوب السودان سلفا كير ميارديت عن خيبة أمله بشأن عدم الدعم الإقليمي لبلده في النزاع مع السودان قائلا إن بلاده تكافح توسع الآيديولوجيات الإسلامية في الدول المجاورة. وقال كير، الذي كان يخاطب الذكرى السنوية التاسعة والعشرين لتأسيس الحركة الشعبية لتحرير السودان الحاكمة «الدول الصديقة خلفنا تعتقد أن الحرب التي نخوضها ضد السودان شأن يخصنا». وأضاف «لقد قالت حكومة الخرطوم مرة إننا عقبة أمامها، وحال ما تتم هزيمتنا ستوسع عملية الأسلمة والتعريب حتى جنوب أفريقيا».

من جهة أخرى، أعرب سلفا كير ميارديت، رئيس دولة جنوب السودان، عن خيبة أمله من الدعم الإقليمي إلى بلاده، معتبرا أن الحرب التي خاضها الجنوبيون ضد الحكومة السودانية كانت من أجل وقف التوسع الآيديولوجي للمتشددين الإسلاميين إلى الدول التي تجاور بلاده وإلى كل أفريقيا.

وقال سلفا كير في الاحتفال الذي أقامه الجيش الشعبي (جيش جنوب السودان) بمناسبة مرور 29 عاما على تأسيسه، إن الحرب التي خاضها الجيش الشعبي والجنوبيون بصفة عامة كانت ضد وقف التوسع الآيديولوجي للإسلاميين المتشددين في الخرطوم ناحية أفريقيا والدول التي تجاوره. وأضاف «أصدقاؤنا الذين من خلفنا - ويقصد الدول الأفريقية التي تجاور بلاده - اعتقدوا أن الحرب التي نخوضها مع السودان هي لنا وحدنا، ونحن إذا هزمنا فيها سترى تلك الدول ما سيحدث لها». وأضاف «قبل أن نتوصل إلى اتفاق سلام كنا نتفاوض مع نظام المؤتمر الوطني، وكان يرأس وفد الخرطوم غازي صلاح الدين مستشار البشير الذي رفض إعلان مبادئ الإيقاد في أول الأمر بحجة أن حكومته تعمل على نشر الإسلام لتصل إلى جنوب أفريقيا وبالقوة». وقال «بعد أن وقعت مع غازي نفسه اتفاق مشاكوس في عام 2002، قلت له كم من الدماء سالت عندما رفضت إعلان مبادئ الإيقاد في عام 1994؟». وقال سلفا كير إن الحركة الشعبية عند تأسيسها وفي وثيقتها أعلنت أنها تدعو إلى دولة علمانية في كل السودان لأنه لا يوجد دين أفضل من دين آخر. وأضاف أن غالب البشر يعبدون إلها واحدا، لكن كل شخص بطريقته ودينه «كما لا توجد منطقة أو قبيلة أفضل من الأخرى، والدين لله والوطن للجميع». وتابع «بعد اتفاقية السلام الشامل قال البشير إنه يعمل لجعل الوحدة جاذبة للجنوبيين، لكنه فشل لأنه واصل في برنامجه السابق».

وكرر سلفا كير انتقاداته إلى المجتمع الدولي بسبب الضغط عليه لسحب قواته من هجليج التي احتلها في العاشر من أبريل (نيسان) الماضي. وقال إن المجتمع الدولي صمت من الشكاوى التي كانت تقدمها حكومته ضد السودان في تكرار هجومه على أراضي بلاده. وأضاف «لكن بعد أن قمنا بالرد على الهجوم الاستفزازي المتكرر من الخرطوم بدخول بلدة هجليج هاج المجتمع الدولي، وقال إننا دخلنا في العمق السوداني، وهذا غير صحيح».