«السياسة» تمتزج بالفن في ليالي «موازين».. وتدفق جماهيري غير مسبوق

الشاب خالد يدعو في ليلة حاشدة إلى فتح الحدود المغربية الجزائرية

الشاب خالد في سهرته الليلة قبل الماضية في الرباط (تصوير: منير أمحميدات)
TT

طغت السياسة من جديد على مهرجان «موازين»، الذي تستمر لياليه في العاصمة المغربية حتى السبت المقبل، حيث يشارك فنانون ونجوم عالميون في مجال الموسيقى في هذا المهرجان ذائع الصيت. وألهب الفنان الجزائري الشاب خالد، ملك أغاني الراي، حماس الجمهور المغربي الليلة قبل الماضية، عندما تحدث حول ضرورة فتح الحدود البرية بين البلدين والتي ظلت مغلقة منذ صيف عام 1994. ودعا الفنان الجزائري، الذي أحيا الحفل من على «منصة السويسي» في وسط الرباط، إلى فتح الحدود بين البلدين «بما يسمح بتأسيس اتحاد مغاربي كما هو الشأن في التجربة الأوروبية» على حد قوله. وتساءل الشاب خالد «لماذا لا يسمح بتنقل الجزائريين والمغاربة حتى يكتمل التفاهم بين البلدين؟».

وتحدث الشاب خالد عن الانتخابات الجزائرية، وقال إنه لا يخشى من صعود الإسلاميين إلى الحكم في الجزائر، ومضى يقول في هذا الصدد «نحن جميعا مسلمون، والدين أساسه المحبة والتسامح والتعايش والاحترام المتبادل بين الناس، وليس شعارات وانتماءات حزبية». وعبر الشاب خالد عن سعادته لحضوره مهرجان «موازين» للمرة الثانية بعد الحفل الذي كان قد أحياه عام 2009 خلال الدورة الثامنة، وكانت سهرته قد عرفت تدفقا جماهيريا غير مسبوق في تاريخ المهرجانات المغربية.

ومع الشاب خالد كان لليلة «موازين» الرابعة طعم خاص، حيث عاش الجمهور على إيقاع الاحتفاء، بعد أن اختارت إدارة المهرجان الفنان المغربي العالمي عبد الغفور محسن، الشهير باسم «فيغون» ابن مدينة الرباط، الذي أتقن موسيقى الروك في الولايات المتحدة الأميركية، من بين الفنانين المكرمين في الدورة الـ11 لهذه التظاهرة الفنية الكبرى. وبعد حضور حفل تكريم «فيغون»، توجه جمهور غفير إلى منصة السويسي، لحضور حفل «ملك الراي» الجزائري الشاب خالد، الذي أدى أجمل أغانيه القديمة والحديثة، وسط جمهور بلغ 175 ألف متفرج حسب المنظمون.

وانطلق الشاب «خالد» في أداء أشهر أغانيه «البيضة، مالها، يا الشابة، وهران، ولي لدارك، صحرا، بختة» التي تفاعلت معها الجماهير، التي حضر بعض منها من بلجيكا وهولندا، بالصراخ والرقص والغناء معه، ليختم الحفل الذي امتد ساعتين بأغنيته «عيشة».

وعلى الرغم من الانتقادات لمهرجان «موازين» فإن هذا المهرجان يعرف إقبالا قل نظيره، مقارنة بجميع المهرجانات الفنية التي تنظم في المغرب، واضطرت الشرطة لاستعمال جميع التقنيات المستعملة بما في ذلك الكلاب المدربة لضبط الحضور الجماهيري خاصة في الحفلات المجانية.

ويتوقع المنظمون أن تصل نسبة الحضور إلى ثلاثة ملايين متفرج يتوزعون على المنصات الخمس التي أقيمت في العاصمة المغربية وهي منصة «السويسي» و«النهضة» و«سلا» و«أبو رقراق» و«شالا». ومنذ دوراته الأولى ظل هذا المهرجان، الذي طبقت شهرته الآفاق، يثير جدلا بسبب ميزانيته واستضافته لنجوم كبار من العالم العربي وأوروبا وآسيا وأميركا، أمثال ويتني هيوستن وشاكيرا وماريا كاري التي ستكون ضيفة هذه الدورة. ويقول منتقدوه إن ميزانية ضخمة تنفق على المهرجان، وهو الأمر الذي تدحضه «جمعية مغرب الثقافات» التي تنظم المهرجان.

وسبق لحركة 20 فبراير الشبابية الاحتجاجية أن طالبت خلال الدورة الماضية بإلغاء المهرجان، على اعتبار أن ما ينفق عليه يعتبر تبذيرا للمال العام. وقال نشطاء الحركة إنه يجري التعاقد مع مشاهير الغناء العالمي بتكاليف باهظة. ورفع النشطاء شعارات تدعو إلى استثمار ميزانية المهرجان في مشاريع اجتماعية لمحاربة الفقر والبطالة.

ولم يقتصر الأمر على حركة 20 فبراير، بل طالت المهرجان انتقادات من شخصيات حكومية مغربية. وفي هذا السياق سبق أن نسب إلى الحبيب الشوباني، وزير الشؤون البرلمانية والمجتمع المدني، وهو عضو قيادي في حزب العدالة والتنمية، قوله بضرورة «إلغاء المهرجان لأنه يستغل المال العام بطريقة غير مشروعة، ويوظف الإعلام الحكومة بطريقة غير تنافسية، ويلحق الضرر بدراسة الطلاب، خاصة أنه يتزامن مع الامتحانات نهاية السنة». كما وصف الشوباني المهرجان بأنه «مهرجان دولة، لذلك يجب أن ينتهي كما انتهى حزب الدولة»، في إشارة إلى حزب الأصالة والمعاصرة.

بيد أن عبد الإله ابن كيران، رئيس الحكومة، أدلى بعد ذلك بتصريحات خفف فيها من انتقادات الشوباني، وقال إن للمهرجان معارضين ومؤيدين كذلك. كما حرص قياديون في حزب العدالة والتنمية عند تسلمهم قيادة الحكومة على التأكيد على أنهم لن يحاربوا المهرجانات.

وخصص المهرجان ميزانية قدرها 59.5 مليون درهم (سبعة ملايين دولار)، يتم توفيرها بنسبة 32 في المائة من شركات خاصة و68 في المائة من مداخيل متنوعة، في حين انتقلت حصة الدعم الحكومي من 6 في المائة خلال السنة الماضية إلى لا شيء خلال هذه السنة، لكن القنوات الحكومية الثلاث (الأولى والثانية دوزيم وميدي1) تعد موردا كبير للمهرجان، إذ إن عائدات الإعلانات التي تمر على القنوات أثناء نقل سهرات «موازين» تعتبر أهم مورد للمهرجان.

وفي سياق آخر، قال الفنان الكويتي عبد الله الرويشد، الذي أحيا الليلة قبل الماضية حفلا على منصة النهضة التي خصصت للموسيقى العربية، إنه سعيد لأنه أول فنان كويتي يحيي حفلا في مهرجان «موازين». وأبدى الفنان الكويتي استعداده للغناء باللهجة المغربية، مشيرا إلى أنها قريبة من اللهجة الخليجية. وأضاف أنه معجب جدا بصوت الفنانة المغربية أسماء لمنور، التي سبق أن شاركها في تقديم حفلات فنية، معربا عن ترحيبه بمشاركة المنور الغناء في «ديو» فني، لأنه يعتبرها من الأصوات المميزة، وعن آخر أعماله قال إنه يستعد لتقديم ديو غنائي مع فنانة كولومبية اسمها ديانا.

ليلة «موازين» الرابعة كانت مختلفة، إذ قدم الفنان السنغالي مختار سامبا، بالمعهد العالي للفن المسرحي والتنشيط الثقافي، مختلف الإيقاعيات الاحترافية، فيما قدم المنتج المغربي العالمي ريدوان عراب جيل «موازين»، وراعي الموهوبين في المعهد نفسه، تقنيات وأساليب مهنة المنتج.

وتم تكريم الفنان المغربي العالمي عبد الغفور محسن، الشهير بـ«فيغون»، الذي عبر عن اعتزازه بهذا التكريم الذي حضره جمهور غفير في مسرح الملك محمد الخامس. وقال ابن مدينة الرباط، الذي أدمن موسيقى الروك في الولايات المتحدة الأميركية، إن تكريمه هو في الحقيقة رد اعتبار له ولفنه، خاصة أنها المرة الأولى التي يزور فيها المغرب.

واستمرت شوارع الرباط في احتضان عروض الشارع التي صاحبت انطلاق الدورة الـ11 للمهرجان، وجذبت أنظار الجمهور، حيث شاركت فرق «تروبادور راجستان» من الهند، و«كازا أكروبات» والمجموعة الفنية «دوك فار» من المغرب، و«يوركي» من فرنسا.