خالد الرز: الفن الحقيقي يأتي عندما يتخلص الفنان من العقلانية

في معرضه بمدينة جدة

لوحة «نقش متناثر» والفنان خالد الرز
TT

بقايا كتابات متناثرة ورسوم أطفال ورموز تشبه نقوش وزخارف سجاد فارسي تملأ جدران القاعة، حتى إنك لا تجد فراغا في جسد اللوحة إلا وزينه الفنان بالعلامات والإشارات الجمالية والبصرية.

هذا هو الانطباع الأول الذي يصلك عندما تدخل معرض الفنان خالد الرز «آرام» الأول له في السعودية الذي أقيم على قاعة أتيليه جدة للفنون، وتنوعت فيه أعماله الفنية وتباينت من خلالها مواضيعها وانحيازها إلى الرمزية والإشارات والتلقائية، ولا يقف المشهد عند هذه الصورة، فالفنان يرى في معالجة هذه المكونات والرموز تعزيزا لانتمائه للمكان، بينما يفسر حضور اللون الأحمر الذي يطغى على أعماله بأنه يشكل إثارة يستدرج من خلالها ذائقة المتلقي الجمالية، وقد يكشف علاقة التقارب أو التباعد بين عمله الفني وبين جمهور الفن في مدينة جدة.

يعالج «آرام» في أعماله مواضيع إنسانية متعددة تتصل بذاكرته الطفولية، وهو ما اختاره عندما أشار في مقدمته عن المعرض إلى أنه اكتشف وهو في الأربعين من عمره أنه لم يكبر، وأنه نسي أن يخرج من طفولته، موضحا ذلك بقوله إن متعة الفن الحقيقية تأتي عندما يتخلص الفنان من العمليات العقلانية التي اكتسبها من خلال خبراته، ويجد عوضا عنها متعة وبراءة اللعب بالألوان من دون أن يفهم ما يفعل.

يستوحي «آرام» أعماله من الحس الطفولي الذي يغلب عليه الأشكال والكتابات الرمزية المجردة وغير المقروءة، فضلا عن الأشكال والحيوانات الأسطورية المتخيلة في حكايات الأطفال والطائرات الورقية والطيور والقطط ونحوها، وتكشف هذه الدلالات والاختيارات الرمزية عن طبيعة انحيازه ورغبته في الوصول إلى العفوية والتلقائية والعبثية التي تتمتع بها رسوم الأطفال.

وصف «آرام» تجربته في المعرض بأنها غواية استهوته مثل لعبة، فهو استلهم على سبيل المثال، ولأول مرة، الخط العربي بطريقة جمالية لا تتصل بالمقروء أو شكل حروفه التقليدية، معتبرا أن ما يمتلكه الخط العربي من قيم بصرية لا تجدها في غيره، وأن ما يشغله في الحروف هي تلك الأبعاد الجمالية التي يعيد من خلالها اكتشاف حسه الطفولي.

عن معرضه قال سامي المرزوقي، فنان تشكيلي، إن هناك أعمالا في المعرض «لفتت انتباهي، استطاع من خلالها إبراز موضوعها الجمالي، لكن بالمقابل يغلب عليها كثافة العناصر والخطوط والألوان، وتمنى لو أنه عرف تجربة الفنان السابقة التي أنتجها في أوروبا حتى يستخلص منها ما توصل إليه في هذا المعرض».

ولد الفنان خالد الرز في سوريا وتتلمذ على يد المرحوم الفنان فاتح المدرس، وهو الذي أطلق عليه لقب «آرام» تعزيزا لاسم المدينة العربية «آرام». عاش متنقلا في أوروبا وبقي مهاجرا لأكثر من عشرين عاما، أقام خلالها العديد من المعارض الشخصية والجماعية في عدد من العواصم الأوروبية، وفي عواصم عربية بينها الأردن ودمشق وبيروت والقاهرة.

حضر المعرض عدد من المهتمين بالفنون وجمع من الفنانين.