نكات السعوديين.. لا أحد فوق «الضحك»

وسائل الاتصال الجديدة زادت من انتشارها

غدت النكتة السعودية منتشرة على نحو واسع بفضل الهواتف الذكية وشبكات التواصل الاجتماعي
TT

تتنوع النكات التي يطلقها المتندرون في المجتمعات، فيشكل الهزل ملجأ جماعيا للتنفيس عن هموم الناس والمجتمع عامة من ضغوطات الحياة اليومية، فتمثل النكتة عنصرا ذا علاقة طردية مع تأزم أوضاعه، خصوصا عندما تعكس النكتة آلام المجتمع وهمومه.

وتلاشت في السعودية مؤخرا النكتة البسيطة المتداولة بين عامة الناس، والتي غالبا ما كانت ترمي لانتقاد فئات معينة بالمجتمع، أو سخرية مناطقية لما يشتهر به سكان المناطق، لتتحول من ذلك إلى نقد ساخر يسلط الضوء على واقع يعيشه الناس في الشارع السعودي.

وعلى الرغم من أن النكتة السعودية باتت متداولة في عموم البلاد، لكنه لا يعرف بالضبط من هم «صناع» النكتة الحقيقيون.

وقال إبراهيم القحطاني الكاتب الساخر، إن التحول من النكتة الساذجة إلى العميقة ذات الدلالات يعود إلى انتشار الوعي حول قضايا أصبحت تمس المواطن بشكل رئيسي، ويرى أن الحديث فيها يمثل متنفسا لإسقاطات قوية بنقد ساخر، في حين اندثرت النكت العنصرية والتي تشير إلى مناطق بعينها ولم تعد تشد الناس لتداولها.

وبحسب ما ذكره الممثل محمد القحطاني، فإن هموم الناس بدأت تظهر وتتشكل ككوميديا سوداء تبعث على الضحك والبكاء في آن واحد، ويرى القحطاني وجود اختلاف جذري بين النكتة التي تسخر من بعض العادات وبين الكوميديا التي تهدف لإظهار مآس أو هموم يواجهها المجتمع، وقال إن «المشاكل التي قد تعتري الشخص أو يراها فيمن حوله ويشعر بها، تدفعه إلى تأليف نكتة منكهة بالكوميديا السوداء».

وغدت النكتة السعودية منتشرة على نحو واسع بفضل وسائل الهواتف الذكية وشبكات التواصل الاجتماعي، وساهمت ثورة التقنية بسرعة تداول النكات في السعودية، الأمر الذي جعل النكتة تصل بأساليب مختلفة كرسائل نصية ورسائل بث «برودكاست» على برامج المحادثة كـ«البلاك بيري ماسنجر»، و«واتساب»، وتغريدات على شبكة «تويتر».

وتعتقد هتون قاضي طالبة الدراسات العليا، أن انتشار النكت الساخرة في الشبكات الاجتماعية أظهر طبيعة المجتمع السعودي بصورة غير متكلفة، لاتحاد هموم الناس التي ترويها النكتة التي تعد من أكثر الوسائل العفوية في التعبير، لكونها تصيب الهدف من دون تنظير أو تكلف. وكانت هتون قاضي قد أطلقت نقدا ساخرا في مايو (أيار) الماضي عبر مقطع مرئي على قناتها «نون النسوة» في «يوتيوب» تضمن نقدا لطبقة من الجنس الناعم بالسعودية.

وتروى النكت السعودية غالبا في وجود أحداث معينة، أو حالة يعيشها المجتمع السعودي بجميع أطيافه، كانهماك الطلاب في الاختبارات، أو مشاكل البطالة وقلة الموارد، أو عادات مجتمعية تشكل ضغوطا يرفضها الجيل الجديد من الشباب، وتمثل النكتة خطا ورديا لبعض القضايا بتعريضها لسخرية لاذعة وإسقاطات متعددة على الحالة الاجتماعية بكوميديا سوداء، فكما قيل: «شر البلية ما يضحك»!