الموقف السياسي يزداد تعقيدا مع اقتراب الحسم لاختيار رئيس البلاد

بدء الاقتراع في الخارج.. واستمرار الجدل حول المجلس الرئاسي في الداخل

المرشح الرئاسي الخاسر حمدين صباحي يقود المظاهرات في ميدان التحرير عقب صدور الأحكام في قضية القرن أول من أمس (إ.ب.أ)
TT

في وقت قالت فيه مصادر من حملة المرشح الرئاسي الإخواني محمد مرسي إنها لم تحسم أمرها بعد بشأن انضمامه لتشكيل مجلس رئاسي مقترح من قوى ثورية، كشرط لدعمه في الانتخابات المقرر حسمها الأسبوع بعد القادم، واصل آلاف المصريين اعتصامهم في ميدان التحرير بقلب العاصمة المصرية القاهرة احتجاجا على الأحكام التي قالوا إنها غير كافية، على الرئيس السابق حسني مبارك ونجليه ووزير داخليته وستة من مساعديه ورجل الأعمال الهارب حسين سالم.

وتصدر مطالب المعتصمين في التحرير، تشكيل مجلس رئاسي يضم كلا من المرشح مرسي مع المرشحين الذين خرجوا من الجولة الأولى للانتخابات الرئاسية حمدين صباحي وعبد المنعم أبو الفتوح وخالد علي، بالإضافة إلى الدكتور محمد البرادعي وكيل مؤسسي حزب الدستور (تحت التأسيس).

لكن حسم الموقف من المجلس الرئاسي المقترح أن يحل محل المجلس العسكري الحاكم، ما زال يراوح مكانه بعد أن اختلفت وجهتا نظر أتباع مرسي والثوار، حيث ترى حملة مرسي - وفقا للمصادر الإخوانية التي تحدثت لـ«الشرق الأوسط» أمس - أن يكون المجلس الرئاسي برئاسة مرسي، على أن يساعده اثنان من النواب دون صلاحيات واضحة، بينما يرى الثوار أن يكون أعضاء المجلس الرئاسي متساوين في الصلاحيات «كأسنان المشط».

وواصلت أطراف سياسية مختلفة، بما فيها قيادات من جماعة الإخوان، أمس مشاوراتها حول اختيار أعضاء المجلس الرئاسي، في وقت تمر فيه الأيام مقتربة من موعد الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية التي يتنافس فيها مرسي في مواجهة آخر رئيس وزراء من عهد مبارك، أثارت تبرئة مساعدي العادلي الستة بصفة خاصة غضبا شديدا إذ رأى فيها كثير من المصريين رسالة موجهة إلى نظام أمني متهم بارتكاب انتهاكات واسعة النطاق لحقوق الإنسان مفادها أن القمع سيظل بلا عقاب.

كما أثار الحكم ردود فعل غاضبة في أنحاء مختلفة من البلاد، واندلعت مظاهرات في ميدان التحرير ومحافظة الإسكندرية الساحلية المطلة على البحر المتوسط وعدد من المدن الأخرى. وواصلت قوى سياسية وائتلافات ثورية إدانتها للأحكام الصادرة بحق مبارك، ووصفها الحزب الاشتراكي المصري بـ«الأحكام الهزلية»، قائلا إنها «لا تتناسب مع فداحة الجرائم التي ارتكبها مبارك ونظامه على مدى ثلاثين عاما».

ونظم نحو 3 آلاف متظاهر مسيرة كبيرة من ميدان التحرير باتجاه دار القضاء العالي التي يوجد بها مكتب النائب العام، احتجاجا على الأحكام الصادرة في محاكمة مبارك، حيث طالب المشاركون في المسيرة بإلغاء الأحكام الصادرة أمس وإعادة محاكمة المتهمين أمام محاكم ثورية، للقصاص لأرواح شهداء الثورة، وإلغاء نتيجة الجولة الأولى من انتخابات الرئاسة وتشكيل مجلس رئاسي من المرشحين الخاسرين والمستقلين من الثوار لإدارة الحكم في البلاد خلال الفترة المقبلة، وتطبيق قانون العزل السياسي على الفريق أحمد شفيق المرشح الرئاسي، بالإضافة إلى تطهير القضاء والإعلام.

كما نظم المئات عدة مسيرات طافت أرجاء الميدان وهي تحمل أعلام مصر وصور الشهداء مرددة الهتافات المطالبة بتطهير القضاء وإعادة محاكمة مبارك أمام محكمة ثورية.

ودعت عدة ائتلافات شبابية تضم 20 حركة ثورية المصريين إلى المشاركة في مظاهرات مليونية يجري الإعداد لها يوم الثلاثاء المقبل تحت اسم «مليونية العدالة» للمطالبة بالقصاص «من قتلة الشهداء». وقال المتحدث باسم اتحاد شباب الثورة، تامر القاضي: لا بد من إقالة النائب العام وتطهير القضاء من رجال مبارك، واستكمال الثورة.

وقالت وزارة الصحة المصرية في بيان لها أمس إن عدد المصابين في المظاهرات التي شهدها ميدان التحرير وبعض الميادين في المحافظات المختلفة بلغ 27 مصابا يتلقون العلاج بالمستشفيات حالتهم جميعا مستقرة.

وشهد ميدان التحرير حلقات نقاشية موسعة بين المتظاهرين الذين أعلنوا اعتصامهم بالميدان أمس حيث تنوعت الآراء بين ضرورة العودة للميدان لفرض مطالب القوى الثورية بينما يرى آخرون أن محاكمة مبارك ونجليه ووزير داخليته ومساعديه هي في حد ذاتها مكسب من مكاسب الثورة، باعتباره أول رئيس في تاريخ مصر يحاكم ويسجن، مع ضرورة العمل على تهدئة الأوضاع حتى انتهاء جولة الإعادة في الانتخابات الرئاسية.

وشهد الميدان بعض التجمعات التي احتشدت قرب مبنى الجامعة الأميركية وأمام مجمع التحرير، مرددة هتافات تطالب بإعدام مبارك وأعوانه. وبحلول المساء تزايدت أعداد المعتصمين بعدما خفت حرارة الطقس. وواصل المعتصمون إغلاق الميدان أمس لليوم الثاني على التوالي أمام حركة المرور ووضعوا الحواجز الحديدية عند مداخله المختلفة.

وعلى صعيد متصل، قرر المستشار عبد المجيد محمود النائب العام المصري استمرار منع السفر لخارج البلاد لمساعدي وزير الداخلية الأسبق حبيب العادلي الذين قضت المحكمة ببراءتهم. وقال المستشار عادل السعيد النائب العام المساعد المتحدث الرسمي للنيابة العامة إن النائب العام سبق وأن أصدر قرارا خلال شهر فبراير (شباط) من العام الماضي بمنع المساعدين الستة من السفر على ذمة القضية.. مشيرا إلى أن النائب العام عقب صدور حكم البراءة أمر باستمرار قرار المنع واتخاذ إجراءات الطعن بالنقض على أحكام البراءة.

وقالت مصادر قضائية إن النائب العام قرر أمس الطعن أمام محكمة النقض بالحكم الصادر يوم السبت الماضي في قضية مبارك، بينما قال بيان صادر عن مكتب النائب العام إن إجراءات الطعن بالنقض بدأت على الحكم. ولم يوضح البيان ما إذا كانت النيابة العامة ستطعن على جميع الأحكام الصادرة بحق كل المتهمين أم بالبعض منها فقط.

وتأتي هذه التطورات في وقت يقترب فيه موعد الجولة الثانية للانتخابات الرئاسية بالنسبة للمصريين في داخل البلاد والتي سيتنافس فيها كل من مرشح الإخوان المسلمين محمد مرسي وآخر رئيس وزراء في عهد الرئيس السابق، أحمد شفيق.

وبدأت أمس جولة الإعادة في انتخابات الرئاسة بالنسبة للمصريين المقيمين في الخارج، والتي تستمر لمدة أسبوع في السفارات المصرية في مختلف دول العالم، وقالت مصادر في الخارجية المصرية إن 141 لجنة اقتراع في بعثات مصر الدبلوماسية بالخارج فتحت أبوابها صباح أمس في جولة الإعادة بالانتخابات الرئاسية ليدلي المصريون المغتربون المسجلون لدى اللجنة العليا المشرفة على الانتخابات والبالغ عددهم 586 ألفا بأصواتهم.