ألوف المتظاهرين يطالبون بالعدالة الاجتماعية ويتصدون للتمييز والعنصرية

حكومة نتنياهو تحرض الإسرائيليين على إيران والفلسطينيين واللاجئين الأفارقة لتنسيهم هموم سياستها

متظاهرون في تل أبيب يرفعون لافتات تطالب بالعدالة الاجتماعية (رويترز)
TT

شارك نحو 15 ألف متظاهر إسرائيلي، الليلة قبل الماضية، في ثلاث مظاهرات مركزية في كل من تل أبيب والقدس الغربية وحيفا، في إطار تجدد حملة الاحتجاج على سياسة الحكومة الاقتصادية والاجتماعية، التي اجتاحت إسرائيل في الصيف الماضي. ولكن المظاهرات الأخيرة بدت أكثر عمقا وأقوى مضمونا، حيث تناولت شعاراتها المركزية أخطار سياسة حكومة بنيامين نتنياهو في شتى المجالات، بما في ذلك قضية الصراع الإسرائيلي - الفلسطيني، والصراع مع إيران، والهجمة العنصرية ضد اللاجئين الأفارقة، بل برز فيها أيضا رفض لسياسة التمييز ضد المواطنين العرب في إسرائيل (فلسطينيي 48).

وقاد هذه المظاهرات مجموعة من قادة الحملة السابقة أيضا، الذين قالوا إن الحكومة خدعت الجمهور في السنة الماضية، عندما ادعت أنها تتفهم مطالبهم في العدالة الاجتماعية، وأقامت لجنة خبراء للتجاوب مع هذه المطالب. وكما قالت ستيف شبير، إن «الحكومة اتخذت عدة قرارات جيدة ولكنها تراجعت عنها بدعوى أنه لا توجد ميزانيات كافية. ولكن هذا غير صحيح. توجد أموال، ولكنها توزع وفق سلم أفضليات خاطئ». وقالت إن الحكومة وأقطابها، يديرون حملة تحريض عنصري بين صفوف المواطنين اليهود الفقراء في جنوب تل أبيب ضد اللاجئين الأفارقة، وتحرض المواطنين اليهود عموما ضد العرب والمتدينين اليهود بدعوى أنهم لا يخدمون في الجيش ولا يشاركون في تحمل الأعباء الوطنية. وهذا التحريض يرمي في الواقع، إلى شيء واحد، هو إشغال المواطنين بعضهم ببعض حتى ينسوا موبقات الحكومة والهموم المتراكمة فوق رؤوسهم بسبب سياستها.

وقال شاي هوفر - ساغي، وهو معلم من القدس الغربية، إن الحكومة تحاول بث روح الخوف والفزع لدى المواطنين، تارة من إيران وتارة من الفلسطينيين وتارة من لبنان، و«لكنني أعرف تلاميذي جيدا. إنهم لا يخافون إيران ولا الفلسطينيين. وليسوا غاضبين من اللاجئين الأفارقة ولا من العرب. إنهم غاضبون على سياسة الحكومة التي تجعل أهاليهم عاجزين عن دفع التزاماتهم الاقتصادية والاجتماعية. إنهم غاضبون على الفوارق الاجتماعية غير المسبوقة بين الشرائح الاجتماعية في إسرائيل».

وتكلم في كل من مظاهرة حيفا ومظاهرة تل أبيب، ممثل عربي من فلسطينيين 48. وقال ناصر شاهين من حيفا، إن «أهم ما يجب العمل عليه في حملة الاحتجاج هذه السنة، هو أن يضمن استمرارها. فعندما توقفت الحملة في نهاية الصيف الماضي، ساد إحباط شديد صفوف المواطنين، وعلينا ألا نسمح بمثل هذا». ودعا إلى الحفاظ على التعددية الثقافية في حملة الاحتجاج والحرص على إشراك ممثلي المواطنين العرب فيها.

ومن الشعارات التي رفعها المتظاهرون، برزت «البشر قبل الأرباح»، «نريد مجتمعا آخر»، «كفى للعنصرية»، «الشباب يريد دولة رفاه»، «نريد صدقا لا صدقات»، «الشعب يريد عدالة اجتماعية».

المعروف أن حملة الاحتجاج الاجتماعي الاقتصادي أغرقت إسرائيل في المظاهرات الشعبية طيلة الصيف الماضي، وأقام خلالها المحتجون ألوف الخيام في كل مدينة. وبلغ عدد المشاركين في مظاهراتها نحو 400 ألف متظاهر في ليلة واحدة. وقد ارتعد نتنياهو خوفا منها، آنذاك، فأقام لجنة من خبراء الاقتصاد والمجتمع لبحث مطالب الحملة والتجاوب معها. لكنه لم ينجح في إسكاتها بشكل حقيقي، إلا عندما أرسل طائرات سلاح الجو لتشن سلسلة غارات متواصلة على قطاع غزة، ردا على الصواريخ الفلسطينية. وقد اتهم بعض قادة المتظاهرين حركة حماس يومها بمساعدة نتنياهو على الإفلات من حملة الاحتجاج، عندما سمحت بإطلاق الصواريخ. وفي هذه السنة، يحاول قادة الحملة تعبئة الرأي العام وتحصينه حتى لا تنهار الحملة في حال لجوء نتنياهو مرة أخرى إلى سلاح التوتر الأمني ليفلت من الاحتجاج الجماهيري على سياسته.