الحكومة المغربية تعتزم توسيع تعليم «الأمازيغية» ليشمل أكثر من مليون طفل

وزراء مغاربة يلقون خطابات بها في افتتاح مدرسة نموذجية

TT

لأول مرة خلال حدث رسمي بالمغرب، تحدث وزيران باللغة الأمازيغية ووزير ثالث بالعربية في افتتاح المدرسة الثالثة والستين من شبكة «مدرسة.كم» (المدرسة النموذجية) أول من أمس في قرية إموزار مرموشة، التي يتحدر منها محند العنصر وزير الداخلية المغربي في منطقة الأطلس المتوسط، في حين اختفت الفرنسية تماما من خطابات المسؤولين المغاربة المشاركين في حفل الافتتاح.

وأعلن محمد الوفا، وزير التربية والتعليم الذي تحدث بالعربية، أن الحكومة وضعت مخططا لتوسيع تعليم الأمازيغية ليشمل أكثر من مليون طفل ابتداء من سبتمبر (أيلول) المقبل. وأشاد الوفا بتجربة «مدرسة.كم» التي تدرس اللغات الثلاث، العربية والأمازيغية والفرنسية، منذ مرحة التعليم الأولي، بينما المدارس الحكومية لا تبدأ في تعليم الفرنسية إلا في السنة الثانية من المرحلة الابتدائية، ولا يزال فيها تعليم الأمازيغية محدودا وفي طور تجريبي. وقال الوفا إن شبكة «مدرسة.كم» كانت قد انطلقت في عام 2000 في إطار شراكة بين وزارة التربية والتعليم ومجموعة مؤسسة «البنك المغربي للتجارة الخارجية» التي تترأسها ليلى مزيان، زوجة شيخ المصرفيين المغاربة عثمان بنجلون، كتجربة نموذجية في مجال الشراكة بين الحكومة والقطاع الخاص في مجال حيوي كالتعليم، وكمختبر للإصلاحات من أجل تطوير نظام التعليم. وتوفر وزارة التربية والتعليم في إطار هذا المشروع المعلمين ومديري المدارس، بينما تقوم مؤسسة «البنك المغربي للتجارة الخارجية» بتمويل بناء وتسيير المدارس، التي وقع الاختيار مند البداية على أن تكون في المناطق القروية النائية والصعبة. وأضاف الوفا أن التلاميذ الذين يدرسون في هذه المدارس يستفيدون من نفس مستوى المجانية الذي يستفيد منه تلاميذ المدارس الحكومية رغم الفارق الكبير في جودة التعليم.

وتم خلال السنة الأولى من المشروع إطلاق 16 مدرسة، حيث وصل التلاميذ الذين درسوا فيها هذه السنة إلى مرحلة البكالوريا (الثانوية العامة). ويبلغ حاليا عدد مدارس هذه الشبكة 63 مدرسة موزعة في كل مناطق المغرب ويدرس فيها نحو 17 ألف طفل وطفلة، ويجري الإعداد لافتتاح عدة مدارس جديدة ضمن هذه الشبكة خلال الأشهر المقبلة في أغادير وتزنيت وتافراوت جنوب المغرب. وترتبط كل المدارس بنظام معلوماتي عبر الأقمار الاصطناعية، الشيء الذي يمكن اللجنة المركزية لقيادة المشروع من تتبع أداء المدارس والمعلمين والتلاميذ، والتدخل بسرعة كلما لاحظت اختلالا في الأداء أو إخلالا بالضوابط والمعايير المعتمدة، كالتغيبات أو التخير والتقصير. ويتم التدريس في هذه المدارس باستعمال التقنيات الحديثة وسبورات إلكترونية وبرامج تعليمية جد متقدمة. ونظرا لنجاحها في المغرب بدأ في الفترة الأخيرة تصدير تجربة «مدرسة.كم» إلى أفريقيا، حيث تم مؤخرا إنشاء ثلاث مدارس نموذجية في السنغال والكونغو ومالي.

وقال محند العنصر، وزير الداخلية الذي تحدث بالأمازيغية، إن تجربة «مدرسة.كم» أعطت أجوبة عن العديد من الإشكالات التي يعرفها التعليم في المغرب بصفة عامة، والتعليم في الوسط القروي بشكل خاص. وأشار إلى أنها لعبت دورا في رفع جودة التعليم الحكومي في بعض المناطق بسبب المنافسة. وشدد العنصر على أهمية إشراك المجالس البلدية والمجتمع المدني والقطاع الخاص في مشاريع مماثلة من أجل رفع مستوى التعليم في المغرب.

من جهته، دعا لحسن الداودي، وزير التعليم العالي، الذي تحدث أيضا بالأمازيغية، إلى ضرورة الاهتمام أكثر بالعالم القروي خاصة المناطق الجبلية الوعرة والمناطق النائية. وقال إنه على الحكومة أن تترك المشاريع الضخمة لبناء الطرق البرية الكبيرة (الطريق السريع) للقطاع الخاص بما أن التنقل على هذه الطرق يكون مقابل أداء، وأن توجه ميزانيتها إلى بناء الطرق والمسالك القروية لفك العزلة عن هذه المناطق. وأضاف الداودي أن فك العزلة لا يتم فقط عبر بناء الطرق، بل أيضا عبر توفير تعليم جيد والخدمات الصحية وفرص الشغل، مشيرا إلى أن العديد من سكان هذه المناطق مدقعون. وقال «خلال حملتي الانتخابية صادفت أشخاصا لا يتوفرون على بطاقات هوية للمشاركة في الانتخابات بسبب عدم توفرهم على مبلغ عشرة الدراهم اللازمة لأداء رسوم استخراج بطاقة الهوية».

وأضاف الداودي أن زمن «كل شيء بخير» قد ولى في المغرب، وأن على المسؤولين أن يواجهوا الواقع بكل شفافية، وأن يضعوا أصابعهم على المشاكل الحقيقية من أجل معالجتها. ودعا الأسر المغربية إلى تغيير ثقافتها في مجال التربية ومعاملة الأطفال، وأن تعلمهم ثقافة المنافسة والاستحقاق بدل ثقافة الاتكال وأن ينالوا كل ما يريدون من دون بذل مجهود.

وأكدت ليلى مزيان استمرار مؤسسة «البنك المغربي للتجارة الخارجية» في التزامها بدعم وتوسيع وتطوير شبكة «مدرسة.كم»، وإيصالها إلى أبعد وأصعب المناطق، لتساهم في انتشال أطفال تلك المناطق من البؤس والجهل، وفي تطوير المنظومة التربوية بالمغرب.