واشنطن تتطلع إلى قاعدة عسكرية في فيتنام لمواجهة صعود الصين

بكين تتحفظ على عزم أميركا نشر جزء كبير من أسطولها في المحيط الهادي

بانيتا (وسط) يتحدث من فوق متن سفينة «ريتشارد بيرد» خلال زيارته لقاعدة «كام ران باي» في فيتنام أمس (أ.ف.ب)
TT

زار وزير الدفاع الأميركي ليون بانيتا أمس قاعدة كبيرة استخدمتها القوات الأميركية في حرب فيتنام بينما تسعى واشنطن لتعزيز علاقاتها مع عدوتها السابقة لمواجهة صعود الصين. ويعد بانيتا أرفع مسؤول أميركي يزور قاعدة «كام ران باي» منذ انتهاء حرب فيتنام في 1975.

وقال مسؤولون إن البلدين وقعا مذكرة للتعاون الدفاعي العام الماضي، وإن زيارة بانيتا التي تستمر يومين، تهدف إلى مناقشة كيفية تطبيق الاتفاق. وأكد مسؤول أميركي كبير في الدفاع، طالبا عدم كشف هويته، أنه «كان لدينا مسار رائع مع فيتنام لسنوات. خلال 17 عاما من تطبيع العلاقات، نحتاج فعلا إلى علاقة متينة مع الحكومة الفيتنامية بشكل عام وعلاقة بين عسكريي بلدينا جيدة أيضا».

وكانت قاعدة «كام ران باي» أحد ثلاثة مواقع استخدمتها القوات الأميركية في الحرب. وقد تمركزت فيها مقاتلات وطائرات شحن وقوات في أوج النزاع مع فيتنام. وبعد انتهاء الحرب، سلم الفيتناميون القاعدة الجوية والمرفأ البحري إلى الاتحاد السوفياتي. ونشرت موسكو في الموقع مقاتلات وغواصات نووية ومحطة للتجسس خلال الحرب الباردة. وغادر الروس القاعدة في 2002 وقررت فيتنام فتح المرفأ كمركز تجاري للسفن الأجنبية من أجل التزود بالمؤن والخضوع لعمليات صيانة. وعلى متن سفينة شحن أميركية راسية في المرفأ هي «يو إس إن إس ريتشارد بيرد» التي تنقل مؤنا للأسطول البحري ومعظم أفراد طاقمها من المدنيين، قال بانيتا إن «وصول السفن الأميركية إلى هذه القاعدة العسكرية يشكل عنصرا حيويا في العلاقة» مع فيتنام. وأضاف أن هذه القاعدة «ستكون ذات أهمية خاصة للتمكن من العمل مع شركاء مثل فيتنام، لاستخدام موانئ مثل هذه في وقت نعيد فيه نشر سفننا في المحيط الهادي».

وتطرق بانيتا إلى الحرب التي خاضتها الولايات المتحدة في فيتنام، معتبرا أن «دما كثيرا أهرق خلال هذه الحرب لدى الجانبين»، مبديا أمله في أن يتمكن البلدان «بعد كل هذه التضحيات» من «بناء شراكة صلبة تتطلع نحو المستقبل». وتابع بانيتا: «قطعنا شوطا كبيرا (مع فيتنام)، وخصوصا بالنسبة إلى علاقاتنا على صعيد الدفاع».

وتقع قاعدة «كام ران باي» في واحدة من أفضل المناطق الساحلية الطبيعية، وتعتبرها الولايات المتحدة موقعا مثاليا للوجود البحري الأميركي في بحر الصين الجنوبي الاستراتيجي. وكان بانيتا أعلن أول من أمس انتشار القسم الأكبر من الأسطول البحري الأميركي نحو المحيط الهادي بحلول 2020 في إطار استراتيجية عسكرية جديدة تتمحور حول آسيا.

ورأت وكالة أنباء الصين الجديدة أول من أمس أن الوقت ليس ملائما لـ«تعكير المياه والصيد» في بحر الصين الجنوبي المتنازع عليه في الوقت الراهن، وذلك بعيد الإعلان عن إعادة انتشار القسم الأكبر من الأسطول الأميركي في اتجاه المحيط الهادي. وكتبت الوكالة الرسمية: «نوصي البعض بألا يأتي ويعكر هذه المياه وعمليات الصيد» التي تجري في هذا الموقع البحري المتوتر والغني بالأسماك. وتطالب بكين بالقسم الأكبر من بحر الصين الجنوبي، بينما تطالب بجزء منه فيتنام والفلبين وتايوان وبروناي وماليزيا، ويتعلق النزاع بين الصين وفيتنام بجزر سبراتلي.

ويرى محللون أن التصعيد في الموقف الصيني في بحر الصين الجنوبي هو الذي دفع فيتنام إلى إقامة تعاون دفاعي أعمق مع عدوتها السابقة الولايات المتحدة. وبحسب تقرير جديد لـ«المركز من أجل أمن أميركي جديد»، المؤسسة الفكرية القريبة من إدارة باراك أوباما، فإن «فيتنام من دون أدنى شك هي الدولة الأساسية عندما يتعلق الأمر ببحر الصين الجنوبي». وأضاف التقرير «في حال لم تواجه فيتنام صعود الصين فإن دولا أضعف مثل الفلبين ليس لديها أي فرصة في التصدي لهيمنة الصين». وتأتي زيارة بانيتا إلى فيتنام في أعقاب خطاب ألقاه أول من أمس حول القمة المتعلقة بالأمن في سنغافورة قال فيه إن البحرية الأميركية ستنقل القسم الكبير من أسطولها إلى المحيط الهادي بحلول 2020 في إطار استراتيجية جديدة تركز على آسيا. وتأتي زيارة بانيتا بعد أن أعلنت سنغافورة أنها تدرس اقتراحا من كندا لإقامة تسهيلات لوجستية للقيام بالجهود اللازمة لمواجهة الكوارث الطبيعية.