آخر بصمات الأمير نايف.. جائزة «المرأة السعودية» المتميزة

الراحل كان يؤكد دائما على قيمة المرأة في المجتمع السعودي ويطالب بإكرامها وإعزازها

صورة تجمع الأمير سلطان بن عبد العزيز والأمير نايف بن عبد العزيز والأمير سلمان بن عبد العزيز
TT

بعد ساعات قليلة من إعلان إطلاق «جائزة المرأة السعودية» المتميزة، صباح أمس السبت، جاء الخبر الفاجع في وفاة ولي العهد السعودي وزير الداخلية، الأمير نايف بن عبد العزيز، الذي كان قد أبدى موافقته «خطيا» على دعم الجائزة والمؤتمر المصاحب لها، كما أوضح القائمون على صندوق الأمير سلطان بن عبد العزيز لتنمية المرأة، وهي الجهة المشرفة على هذه الجائزة، لتكون بذلك آخر الأعمال المقررة لدى الراحل، الذي لم تمنعه أعباء المرض من دعم المرأة السعودية في لحظات حياته الأخيرة.

وهنا تقول نائب أمين عام الصندوق، هناء الزهير، إن «آخر بصمات الأمير نايف كانت في صندوق الأمير سلطان بن عبد العزيز لتنمية المرأة، حيث وافق على المؤتمر ورعايته له، كما أن الموافقة جاءت خطية منه، رحمه الله، وكان التشجيع من قبله على الجائزة خير دليل على عطائه». وتابعت: «خبر الوفاة نزل كالصاعقة على رؤوسنا، حيث كنا منهمكين في الإعلان عن جائزة سموه، رحمه الله». واعتبرت الزهير أن دعم الأمير نايف للمرأة السعودية في آخر لحظات حياته هو بمثابة «الرسالة التي وصلت منه لتؤكد على أهمية دعم المرأة والوقوف إلى جانبها، لتتويجها في كل المحافل الدولية».

في حين أكد الأمين العام للصندوق، حسن الجاسر، أن خبر الوفاة جاء بعد ساعتين من الإعلان عن جائزته لدعم المرأة، متابعا بالقول: «حظيت الجائزة التي أطلقت باسمه باهتمامه قبل وفاته، بعد أن اطلع على الآلية التي سيتم العمل بها وفقا لرسالة الصندوق في دعم عمل المرأة وتحفيزها، حيث نتطلع إلى تتويجها في الملتقى ذي الصبغة المنفردة، إلا أن الحزن والأسى خيم على قلوبنا بعد مرور ساعتين من انتهاء المؤتمر وسماع خبر الوفاة».

وكان صندوق الأمير سلطان بن عبد العزيز لتنمية المرأة قد أعلن صباح أمس عن بدء الإعداد لمؤتمر تحت عنوان «مؤتمر المرأة السعودية المتميزة»، برعاية ولي العهد وزير الداخلية الأمير نايف بن عبد العزيز، وذلك في بيان صحافي تسلمت «الشرق الأوسط» نسخة منه، إذ أوضح الأمين العام للصندوق خلال مؤتمر صحافي عقد في مقر الصندوق، أن رعاية الأمير نايف بن عبد العزيز للمؤتمر، دليل على مدى الاهتمام الذي تحظى به المرأة السعودية، مفيدا بأن «المؤتمر سيضم شخصيات نسائية بارزة، ويكشف النقاب عن الجهود التي بذلتها المرأة السعودية طيلة الأعوام الماضية».

وأفاد الجاسر بأن الملتقى كان من المقرر عقده مع بداية العام المقبل، وسيتم خلاله إطلاق جائزة الأمير نايف بن عبد العزيز للمرأة السعودية، الذي قام الصندوق بالإعداد لها بترشيح لجنة من الخبراء والمختصين بشأن التقييم ووضع المعايير، مضيفا بقوله: «يأتي الملتقى الذي سيوجه فيه دعوات إلى العديد من النساء المتميزات في مجالات مختلفة، بالتزامن مع سلسة الإنجازات التي حققتها المرأة السعودية، لتكريس جهودها في خدمة وطنها، وتقديم نماذج للعالم تفتخر المملكة به».

وكان الصندوق قد أوضح أن المؤتمر لن يطرح قضية أو مشكلة، ولن يدرج ضمنه محاور وجلسات نقاش، وإنما يقدم نماذج نسائية سعودية مشرفة في ستة مجالات، منها المجال الاقتصادي، الاجتماعي، الإعلامي، الطبي، الهندسي، وغيرها من المجالات التي حققت بها إنجازات تعكس مدى قدرتها على العطاء والمشاركة في عملية التنمية المجتمعية.

وأفاد الصندوق، عبر البيان، بأن المؤتمر يأتي لإبراز النتاج الفكري والثقافي الذي حققته المرأة السعودية، ومدى مساهمتها في العديد من المجالات التي تعتبر مسارات رئيسية في النهوض بالمجتمع، سواء في الحقل الطبي، الهندسي، الاقتصادي، الإعلامي، وغيرها الكثير، وهنا تقول الزهير: «رواية قصص النجاح والتعريف بدور وجهود المرأة السعودية عالميا محور مؤتمرنا الذي نفخر بأنه حظي برعاية كريمة من الأمير نايف بن عبد العزيز».

وسجل اهتمام الأمير نايف بن عبد العزيز بالمرأة السعودية حافل بالكثير من المواقف والأفعال والأقوال الخالدة، من ذلك التصريح الشهير الذي ذكره في أحد الملتقيات الاقتصادية عام 2009، وحظي بمشاهدة عشرات الآلاف على موقع «يوتيوب» في الإنترنت، حيث قال: «المرأة مواطنة مثلما الرجل مواطن، ولكن كل ميسر لما خلق له، وأعتقد - ولا نختلف أبدا - أن المرأة تؤدي الكثير للمجتمع.. أكثر مما يؤدي الرجل، وتعاني أشياء كثيرة فيما خلقها الله له، وتتحمل ما لا يتحمله الرجل، من تربية وما قبل التربية، وهو الشيء الذي لا تتساوى هي والرجل فيه».

وأضاف: «بشكل عام، المرأة عزيزة علينا دينا ومواطنة، فهي الأم وهي الأخت وهي البنت وهي الزوجة، وليس أكرم لدى الإنسان من هؤلاء النساء، وليس هناك أكرم من الأم ولا أعز منها، فالجنة تحت أقدام الأمهات، وهذا قول معروف لرسول الله (عليه الصلاة والسلام).. وكرامة الزوجة وكرامة الأخت وكرامة البنت فوق الرؤوس، وأنا واثق بشكل قاطع أن كل الرجال في المملكة.. بكل مناطق المملكة ومدنها وقراها.. يضحون بأنفسهم وبدمائهم في سبيل كرامة المرأة والحفاظ على كل ما تحتاجه».

ولا يمكن نسيان الكلمة التي ألقاها الأمير نايف بن عبد العزيز، خلال تشريفه لقاء نظمته جامعة الأميرة نورة بنت عبد الرحمن في الرياض، في مايو (أيار) عام 2009، حيث تحدث عن المرأة بقوله: «نحن نقدرها ونحترمها ونحافظ على كرامتها حتى لو فديناها بدمائنا على أن تعيش سليمة محترمة محافظا على كرامتها ومكانتها».

وخاطب الراحل منسوبات الجامعة، في تصريح نقلته وكالة الأنباء السعودية (واس)، قائلا: «إن مواقع العمل للمرأة تنتظركن لتقمن بخدمة هذا الوطن، كما هو الآن هناك أخوات لكن يقمن من مواقعهن بأداء الواجب نحو دينهن ووطنهن». وأضاف: «إننا جميعا في هذا الوطن، بقيادة سيدي خادم الحرمين الشريفين وسمو سيدي ولي عهده الأمين وحكومة المملكة العربية السعودية وشعبها نعتز بكن بوصفكن بنات اليوم وأمهات الغد».

واعتبر الأمير نايف الرسالة الملقاة على كاهل المرأة كبيرة ومهمة، إذ قال: «إن ثقتنا بالله عز وجل ثم بكن كبيرة، وإن شاء الله المرأة السعودية تحتل مرتبتها اللائقة بها بكل كرامة واعتزاز بشخصيتها وعملها الدؤوب في بناء الأسرة وتعليم الأجيال، ليس هناك رسالة أعظم من تربية النشء، وليس هناك من يحافظ على الترابط الأسري أكثر من المرأة الصالحة، وإن شاء الله إنكن من الصالحات».

يضاف لذلك ما ذكره الأمير نايف في تصريح خاص لـ«الشرق الأوسط» أواخر سبتمبر (أيلول) الماضي، معلقا على قرار الملك عبد الله بن عبد العزيز حول مشاركة المرأة في مجلس الشورى عضوا، وحق المرأة في ترشيح نفسها لعضوية المجالس البلدية، إذ قال: «واضح فيما قاله خادم الحرمين الشريفين أن المرأة جزء من المجتمع، وإن شاء الله آراؤهن فيها سداد وصواب». وأضاف: «مشاركة المرأة السعودية ليس فيها محاكاة للآخرين، ولكنه مطلب يراد منه أن يكون فيه صوت للمرأة، والتحدث عن شؤون المرأة، وتشارك أخاها الرجل في خدمة الوطن».