اليونان على طريق حكومة ائتلافية بعد تقدم اليمين المؤيد لليورو في الانتخابات

قادة الدول الأوروبية يرحبون بفوز حزب الديمقراطية الجديدة

يونانيون يقرأون عناوين الصحف أمام كشك في أثينا أمس، بعد فوز حزب المحافظين اليوناني «الديمقراطية الجديدة» في الانتخابات البرلمانية (إ.ب.أ)
TT

بدأ زعيم حزب الديمقراطية الجديدة اليميني أنطونيس ساماراس، 61 عاما، الذي فاز حزبه الحريص على بقاء اليونان في منطقة اليورو، في الانتخابات التشريعية مشاوراته لتشكيل حكومة وحدة وطنية «فورا». وبموجب المادة 37 من الدستور سيكلف ساماراس (61 عاما) من قبل رئيس الجمهورية كارولوس بابولياس «تشكيل حكومة تحظى بثقة البرلمان» خلال 10 أيام. ودعا ساماراس كافة الأحزاب المؤيدة لليورو للانضمام إلى مشروعه. لكن الرفض الفوري الذي واجهه من قبل شركائه سيرغمه على احترام الشكليات. وأمام ساماراس مهلة ثلاثة أيام لتشكيل حكومته.

وفي حال فشل، سيحاول هذه المرة استمالة زعيم حزب سيريزا اليساري أليكسيس تسيبراس. وتسيبراس الذي يرفض سياسة التقشف التي فرضها على اليونان الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي، استبعد حتى الآن قبول أي تحالف وانضم إلى صفوف المعارضة بعد حصوله على 27,1 في المائة من الأصوات و72 مقعدا في البرلمان.

وبعد ذلك سيكلف الرئيس اليوناني زعيم حزب باسوك الاشتراكي الذي وصل في المرتبة الثالثة بحصوله على 12,3 في المائة و33 مقعدا في البرلمان، تشكيل الحكومة.

وكان ساماراس، 61 عاما، دعا إلى إبقاء البلاد في منطقة اليورو بأي ثمن إلا أنه رأى أن عليه «إجراء المفاوضات اللازمة لخطة» التقشف المفروضة على اليونان منذ 2010.

من جهته قال الرئيس اليوناني كارولوس بابولياس الذي عهد إلى ساماراس هذه المهمة الصعبة «هناك حاجة ملحة لتشكيل حكومة» اعتبارا من أمس.

وقال ساماراس بعد أن فاز على خصمه أليكسيس تسيبراس، 37 عاما، زعيم حزب سيريزا اليساري المتشدد إن «الشعب اليوناني صوت لبقاء اليونان في منطقة اليورو ولا يمكننا أن نضيع أي دقيقة. لا يمكننا المضي مع بلد يغرق».

وأعرب مسؤولون كبار على الساحة الدولية عن ارتياحهم لهذه النتيجة وأكدوا عزمهم على المضي في دعم هذا البلد الذي يعد 11 مليون نسمة وأصبح «الرجل المريض» في أوروبا.

وأعربت كل من باريس وبروكسل وبرلين عن بوادر لتليين محتمل وعلى الأقل فيما يتعلق بالاستحقاقات، لخطة التقشف التي تم التفاوض بشأنها مع جهات دولية مقابل الحصول على مساعدة مالية.

وأعلن رئيسا الاتحاد الأوروبي هرمان فان رومبوي والمفوضية الأوروبية جوزيه مانويل باروزو على هامش قمة العشرين في لوس كابوس بالمكسيك «سنواصل دعم اليونان كدولة عضو في الاتحاد الأوروبي ومنطقة اليورو».

وأبدت الأسواق المالية حذرا حيال تصويت اليونانيين، فقد فتحت بورصة أثينا على ارتفاع نسبته 6,9 في المائة في أولى المبادلات.

وفاز حزب الديمقراطية الجديدة على 29,66 في المائة من الأصوات وحصل على 129 مقعدا من مقاعد البرلمان الـ300، يليه اليسار الراديكالي (سيريزا) الذي حصل على 26,89 في المائة من الأصوات (71 مقعدا) ثم الحزب الاشتراكي الذي حصل على 12,28 في المائة من الأصوات بحسب النتائج الرسمية.

وكتبت صحيفة يمين الوسط «كاثيميريني»: «حكم يثير الارتياح»، مشيرة إلى «وجود أرضية مستقرة لحكومة تحالف». أما صحيفة «اليفثيروس تيبوس» التي تدعم الحزب الحاكم أيضا، فرأت في الانتخابات «تصويت أمل». من جهتها، رأت صحيفة «اثنوس» اليسارية أن «تفويضا واضحا» منح لحكومة تبقي اليونان في منطقة اليورو وتعيد التفاوض حول شروط خطة الإنقاذ.

ويرى المحلل السياسي جون لوليس أنه «تصويت خشية خروج البلاد من منطقة اليورو وليس لدعم الإصلاحات فعليا».

وصرح للصحافة الفرنسية بأن «الحكومة ستكون ضعيفة من دون قاعدة شعبية وقد تكون مجرد فترة سماح». وحصل حزب الفجر الذهبي على عشرين مقعدا مقابل 18 مقعدا (6,29 في المائة).

ولم تفض الانتخابات السابقة في السادس من مايو (أيار) إلى غالبية أو حكومة ائتلاف، وأغرقت البلاد في فوضى وأثارت استياء في أوروبا وتعليقا لدفع مساعدة بقيمة 2,6 مليار يورو.

ومنذ ذلك يبدو أن اليونان على شفير الإفلاس إذ تراجع إجمالي الناتج الداخلي بـ6,5 في المائة وبلغت نسبة البطالة 22,6 في المائة وتراجعت الودائع المصرفية وقد تصبح خزينة الدولة فارغة بحلول منتصف يوليو (تموز).

وفي حال فشل ساماراس في تشكيل حكومة وحدة وطنية خلال ثلاثة أيام، فإن المشاورات السياسية ستستمر ويقودها هذه المرة زعيم حزب سيريزا أليكسيس تسيبراس. وتسيبراس الذي سيلتقيه بابولياس أمس استبعد أي تحالف واختار الانضمام إلى صفوف المعارضة.

وصرح توماس جيراكيس المحلل السياسي ومدير معهد مارك للاستطلاعات لوكالة الصحافة الفرنسية أن «الرهان الرئيسي في الاقتراع كان تشكيل حكومة مؤيدة لليورو. ليس هناك من خيار سوى ائتلاف بين اليمين والاشتراكيين».

وفي حال بقي فينيزيلوس على موقفه فإن شبح المأزق السياسي سيعود مجددا إلى الواجهة. وسيحاول الرئيس اليوناني مرة أخيرة التوصل إلى وفاق وقد يستمر مسعاه بضعة أيام.

ويطرح ساماراس نفسه على أنه ضامن بقاء اليونان في منطقة اليورو مؤكدا أنه يريد إعادة التفاوض بشأن خطة التقشف التي حصلت بفضلها اليونان على دعم بقيمة 347 مليار يورو.

وخلال عامين حصلت اليونان على مساعدة بقيمة 347 مليار يورو «قرضان بـ110 و130 مليار حتى 2015 ومحو ديون بقيمة 107 مليارات يورو» ما يوازي مرتين ونصف قيمة إجمالي ناتجها الداخلي.

وصرح مستشار سابق للوكاس باباديموس رئيس الوزراء السابق الذي قاد حكومة وحدة وطنية «التسوية التي يجب توقيعها بحلول سبتمبر (أيلول) ستتعلق بمهلة إضافية من عامين بين 2014 و2016 لتصحيح الموازنة».