السؤال تلو السؤال

عبد الرزاق أبو داود

TT

تفكر في ما يدور في الوسط الرياضي، انظر إليه عبر فعالياته، ومناقشاته ومناوشاته ووسائله الإعلامية، وأمعن في محاولة فهم كيفية تنظيم مسيرته الرياضية، وتمهل كثيرا خلال ساحاته الجماهيرية، ماذا تجد؟ وماذا تعتقد؟ وبأي تصورات ستخرج؟ من غير المستبعد أنك ستصطدم بالكثير من المشاهد المثيرة.. وتلك المضحكة المسيئة، بل ستجد انطباعات أخرى جامحة.. قد تخبرك مليا بأنك في ساحة «اقتتال».

أعتقد أنك ستكرر السؤال تلو السؤال، ما الذي يدور في هذا الوسط العجيب؟ الذي تدهشك أحداثه.. وينفرك بعض ما يدور فيه بل وأدواته وشخوصه ومظاهره التي أضحت «فبركة» يتداولها الكل تقريبا. ممارسات، كتابات، تصريحات، مقابلات... و«اللستة» في مجملها لا ترضي صديقا أو خصما، ولا تجد «رجيعا» سوى عند المتعصبين. في كل يوم قضية مستجدة، خسارة هنا واحتجاج هناك، تصريح توضيحي أو كيدي وثالث عقابي، ورابع يرد على بيان سابق، وخسارة تبدو وكأنها نهاية عالمنا الرياضي! الاستغناء عن مدربين، وهدر ملايين البنكنوت، يستقر أكثرها في بنوك أوروبية وبرازيلية وعربية في حسابات من نستقدمهم كمدربين ثم نعمد نحن إلى تدريبهم على كيفية اللعب!! دع عنك الاستقالات وطرد اللاعبين في كثير من المباريات نتيجة الخشونة والخروج على الأنظمة! وتطاير الكروت الحمراء والصفراء، وأخطاء الحكام..! أضف إلى ذلك الكثير من «أحاجي» هذا الوسط المفعمة مدحا وذما «وكله بثمن»!.. عبثية في أكثرها، مثيرة، جلها يلامس حدود القذف. مديح ممجوج، وتنابذ بالألقاب، وتعال وادعاءات، ومفردات مثيرة، تقود إلى بث الكراهية.

تأمل ما يدور بوسطنا الرياضي، وشدد على كرة القدم في ما تحتويه طياتها من إشكاليات عدم الاستمرارية على روزمانة منتظمة، وستفاجأ «بمبررات» جاهزة عن «خصوصيتنا»، وكأن لا أحد يملك خصوصية «غيرنا». تأمل كيف تقبل الأندية، ومنها أعضاء كثيرون باللجان إياها! تأمل هذا وآثاره السلبية على أندية تستجدي بدورها تغيرا هنا وتقديما هناك، وتأمل آثار كل هذا على مستويات المسابقات ذاتها وتطورها واللاعبين، الذين تتأرجح مستوياتهم نتيجة الأحمال البدنية والنفسية كنتيجة لمشاركات محلية وخارجية كثيرة. تأمل نتائج فرقنا الرياضية وأحوال لاعبيها، وسترى أن «المادة» أصبحت «عنوانا» لكل شيء، وبسببها سيقتصر الأمر على عدد من الأندية «المليئة» التي ستأكل «الأخضر واليابس» على حساب الأندية الأخرى، التي ستجبر على بيع عقود لاعبيها مقابل «أثمان» متواضعة أحيانا، مما يجعل المنافسات منحصرة بين «الكبار» لتجد البقية نفسها مجرد تكملة عدد.

تأمل معي كيف تحول الإعلام الرياضي إلى التركيز على كرة القدم.. في حين أن بقية الألعاب لا تحظى إلا باليسير من التغطية الإعلامية والحضور الجماهيري. تأمل ما تقدم.. فقد تتكشف.. صور غير مريحة لوسطنا الرياضي من تطورات وما يحمله ويفرزه من إرهاصات. وسط أصبح مرتعا لكل من شاء، تأمل ذلك كله.. بعد أن أصبح المال هو سيد الموقف.