أنابيل كريم قصار مهندسة معمارية ومصممة ديكور.. وأكثر

بيروت تتنفس تصاميمها

تأثرت أنابيل كريم قصار بالتصميم الشرقي بعد ان عاشت فترة 3 سنوات في المغرب وحاليا تعيش في بيروت
TT

إذا زرت مدينة بيروت بعد إعادة بناء وسطها التجاري أو ما يعرف بمنطقة سوليدير فسوف تتلمس نمطا مميزا من التصميم والهندسة، فيه نوع من الأنوثة الممزوجة بقسوة الحجر في الهندسة المعمارية التي ترتكز في الكثير من أشكالها على الزخرفة الحجرية والأرابيسك، والتحليل الواضح للهندسة المعمارية لبعض من أهم معالم وسط بيروت ومنطقة الأسواق القديمة التي تم تجديدها مع المحافظة على نمطها القديم يحمل توقيع المهندسة المعمارية ومصممة الديكور فرنسية الأصل أنابيل كريم قصار التي اختارت الإقامة في بيروت بعدما اختارتها المدينة لتكون واحدة من المهندسين والمصممين الذين قاموا بترميمها وإعمارها.

في لقاء خاص مع «الشرق الأوسط» التقينا المهندسة أنابيل كريم قصار في مطعم «سكيتش» اللندني الواقع في منطقة مايفير، وتم اختيار هذا المكان لإجراء المقابلة للتعرف أكثر على تصميمات قصير، فهي مسؤولة عن تصميمات الديكور بالكامل في كل أرجاء المطعم المقسم إلى عدة مطاعم، من بينها مطعم الطاهي الفرنسي المخضرم بيير غانيير وسكيتش براسري والأماكن المخصصة لتناول شاي ما بعد الظهر. في كل ركن من أركان المبنى الضخم ترى لمسة أنثوية تشبه صاحبتها، فأنابيل فرنسية الأصل عاشت في المغرب، إلى أن تم اختيارها من قبل شركة «سوليدير» في بيروت للمساهمة بتصميم بعض من أهم معالم سوقها القديمة إلى جانب عدد من أهم الأسماء في عالم الهندسة والتصميم أمثال المهندسة العراقية العالمية زها حديد والفرنسي جان نوفيل ونورمان فوستر وهيرزوغ ودو ميرون ورافايل مونيو.

وفي مستهل اللقاء قالت أنابيل إنها سعيدة جدا بالحديث عن تصاميمها، لا سيما التي تقوم بها حاليا في المنطقة العربية، وذلك لأنها تعشق كل ما هو عربي واستلهمت الكثير من التصميمات من المغرب عندما عاشت فيه قبل العودة إلى باريس مع زوجها اللبناني. وبعد انتهاء الحرب اللبنانية انتقلت مع زوجها وعائلتها للعيش في لبنان وركزت على العمل هناك، وهي تعمل اليوم على تصميم المركز اللبناني الترفيهي في بيروت، بالإضافة إلى مشاريع كثيرة أخرى في العالم العربي من أهمها مشروع «الزهرة بافيليون» في عجمان في الإمارات المتحدة العربية.

وتقول أنابيل إنها تستلهم الكثير من الأفكار في تصميماتها ومشاريعها من الحرفيين والأنماط والأشكال الهندسية وعندما تحضر الفكرة تضيف عليها لمسة عصرية، فهي درست الهندسة في المدرسة الوطنية العليا للفنون الجميلة في باريس وتتلمذت على يد عراب المهندسين المعاصرين ايميريك زوبلينا، وعملت أنابيل على مشاريع كثيرة في باريس مثل مبنى البلدية وتصميم مكاتب لشخصيات مهمة أمثال مارسيل برويير وستانيلاس فيزير. افتتحت استوديو خاص بها في باريس عام 1982، فهي تجمع ما بين مهنتي التصميم الهندسي وتصميم الديكور، وردا على سؤال «الشرق الأوسط» عما إذا كانت تضعف أمام الهندسة المعمارية وتفضلها على الديكور، أجابت بلكنتها الفرنسية الناعمة: «لا.. الأم لا يمكنها التفضيل ما بين أبنائها، فأنا أعشق كل ما له علاقة بالابتكار والتصميم، فأنا مهندسة ومصممة». وأضافت بأنه ليس هناك فرق كبير ما بين الهندسة وتصميم الديكور، فكل مشروع يبدأ بالهندسة من الخارج وبعدها تنتقل إلى الهندسة الداخلية وهنا يأتي دور تصميم الديكور وما يليه من تصميم الأثاث، وعبرت عن تفضيلها العمل على المشاريع الكبرى التي تعطيها مجالا أوسع وأكبر للتعبير عن أفكارها وترجمتها من خلال تصميمها، وتقول أنابيل إنها تفضل دائما بدء العمل في أي مشروع من الصفر، بمعنى آخر لا تحبذ العمل على مبنى موجود في السابق، بل تفضل العمل على مبنى جديد، يكون لها السيطرة التامة على تصميمه ورسم صورة معينة تبدأ من التصميم الخارجي وتنتقل إلى الداخل لتكتمل الصورة بحسب ما يحتاجه المشروع وحسب طبيعته وموقعه.

أنابيل كريم قصير تقول إنها تعشق التحدي في تصاميمها ولا تحب المشاريع السهلة، تبدأ أي مشروع تتبناه بالاستماع إلى مزاياه من الأشخاص القائمين عليه، فهي تعتبر أنه من الضروري فهم الصورة العامة للمشروع وبعدها تقوم برسم تصميمها على مساحات صغيرة وبعدها تقوم بتكبير دائرة العمل إلى التصميم بأحجام أكبر. وعن أهمية العلاقة ما بين الزبون والمصمم، تقول أنابيل إنه من الأسهل بأن يكون هناك نوع من التفاهم بين الطرفين. وتتابع: «في بداية مشواري كنت أقبل بأي مشروع يتم عرضه علي، إلا أنني اليوم أصبحت أنتقي مشاريعي بعناية فائقة وأختار ما يناسبني وما يناسب قدراتي العالية».

إضافة إلى تصميم المباني في أسواق بيروت، تحمل عدة مطاعم بصمة أنابيل منها مطعم «موموز» في الأسواق الذي يتميز بتصميمات الأرابيسك العصرية، وعن هذا النوع من التصميم تقول أنابيل إنها مغرمة بالتصميم العربي وفازت بجائزة أفضل تصميم عربي في السابق، إلا أن تصميمها العربي يحمل نفسا أجنبيا يجمع ما بين المشربيات والحياكة العربية والأرابيسك بأشكاله الهندسية وزواياه، ولكن وفي نفس الوقت ترى العنصر العصري موجودا أيضا. وترى تصميم الإنارة واضحا في ديكورات أنابيل، وهنا تقول إنه من المهم جدا القيام بإمدادات الكهرباء في أي مشروع في المراحل الأولى، منه وتضيف بأن المشكلة في بعض من أهم بيوت بيروت والعالم العربي أنه لا يتم الاكتراث لموضوع الإنارة، بل يتم التركيز على الأثاث، فهي ترى أن الإنارة تلعب الدور الأهم في تصميم ديكور أي منزل أو غرفة أو حتى مشروع تجاري وفندق وغيره. ففي مطعم «موموز» في بيروت على سبيل المثال بدأت التصميم من خلال الإنارة على شكل حبة من الماس ومن ثم انتقلت إلى تصميم الأثاث والألوان والأرضية، فالإنارة هي مفتاح نجاح أي تصميم ويجب اللعب دائما على الظل الناتج من الفانوس أو الضوء نفسه.

أنابيل مخلصة جدا للصناعة المحلية، لذا تحرص على تصميم جميع قطع أثاثها لدى حرفيين لبنانيين في منطقة طرابلس الشمالية، وتقوم بشحن قطعها إلى كافة بقاع العالم، فهي تعمل اليوم على مشاريع كثيرة في الإمارات من بينها دبي وعجمان وتقوم بتصميم مشاريع تجارية وأماكن سكنية خاصة أيضا. وهنا تقول إن لكل مشروع نكهته وطريقة التعامل الخاصة به. وتعمل أنابيل مع الكثير من الجنسيات ولكنها تراها دائما تعمل مع الجنسيات العربية وقد يكون السبب برأيها لأنها تفهم العقلية العربية وتحب نمط عيش العرب وتحب أيضا الذوق العربي والمساحة الواسعة التي يقدمها إليها الزبون في تصميم المشروع الخاص به. وعن المقارنة ما بين الهندسة والديكور تقول أنابيل إن الفارق يكمن في التفاصيل، فالديكور يتطلب الكثير من العمل والمتابعة وفيه الكثير من التفاصيل الصغيرة التي يجب التنبه لها. وتروي لنا كيف بدأت بتصميم ديكور مطعم «مومو» في بيروت، قائلة إن صاحب المطعم الجزائري مراد معزوز طلب منها تصميم المطعم بشكل يتشابه مع بيت المصمم الفرنسي إيف سان لوران في مراكش، ومن هنا بدأت الفكرة وتقول هنا ضاحكة: «كانت هذه أغرب طريقة لبدء فكرة تصميم مشروع ضخم».

وعن نصيحتها لمن يود القيام بتصميم ديكور منزله بنفسه، تقول أنابيل إنها تنصح دائما بعدم نقل الأثاث من منزل إلى آخر، فالتكرار ليس جيدا وهذا الأمر ينطبق أيضا على المشاريع التجارية، فلكل مكان هويته ورونقه، كما أن الموقع يحدد طبيعة الديكور، وتعطي مثالا هنا عن الديكور التي تقوم بتصميمه حاليا لمطعم «مومو» في أبوظبي وهو يختلف تماما عن ديكور مومو في دبي والسبب هو الموقع، فالفرع الجديد في العاصمة الإماراتية هو في الهواء الطلق، بينما فرع المطعم في دبي يقع في مركز تجاري، ففي أبوظبي سيكون الفرع أكثر حيوية، حيث تم التركيز على ديكور يساعد على النمط الاجتماعي، يسهل التواصل بين الزبائن، ليتناسب مع نمط عيش أهل المدينة.

وتقول أنابيل إنها استفادت كثيرا من إقامتها في المغرب لمدة 3 سنوات مع زوجها، وساعدتها أيضا إقامتها في بيروت على الانخراط بشكل أكبر في المجتمع العربي، وعندما دخلت مسابقة أفضل تصميم فوجئت بنجاحها، وهي تقول إنها لا تحب أن تتقيد في نمط معين من التصميم وتفضل خوض التجارب المختلفة، فهي تصمم الأماكن السكنية الخاصة والمكاتب وحتى الشركات والمصانع، وهذا ما يجعل منها مترجمة للتصميم والابتكار في مجالات متعددة لكي تتفادى التكرار.

وعن سوقها المفضلة للعمل تقول أنابيل إنها اختبرت العمل مع مختلف الأسواق العالمية، ولكنها تفضل العمل في المنطقة الأوروبية والمنطقة العربية، ولديها تجارب في العمل في الصين، ولكن المشكلة تكمن في طريقة العمل والتعامل، فهي ترى أن التواصل صعب جدا، خصوصا أنك بحاجة إلى مترجم، وترجمة الأفكار تستغرق وقتا طويلا.

* أسست أنابيل كريم قصار شركة «إيه كيه كيه» عام 1994 في باريس ولديها اليوم فرع في بيروت وآخر في دبي والصين. تعمل الشركة على مشاريع خاصة وتجارية، وتهتم بكل ما له علاقة بالهندسة المعمارية وصولا إلى هندسة الديكور وتصميم الأثاث والإنارة www.annabelkassar.com وwww.cai - light.com.

* المشاريع الحالية : المركز اللبناني الترفيهي في سوليدير بيروت - قصر خاص في دبي - مشاريع مختلفة في الصين - فيلا «جي» في لبنان - مومو في أبوظبي - بافيليون في عجمان

* من أهم مشاريع أنابيل كريم قصار: - فيلا جميزة في لبنان - فيلات خاصة في الإمارات - مصانع في الصين - مطعم الماز في دبي - بالي باليما كافيه في لبنان - أنابيل بيتش هاوس في دبي - ستراينج فروت في بيروت - مطعم مراكش في بيروت