الإسبان يتطلعون لفك العقدة الفرنسية والعبور للمربع الذهبي بـ«يورو 2012»

الماتادور يسوده الاستقرار.. والخلافات تهيمن على الديوك قبل لقاء دور الثمانية

TT

يحتاج الماتادور الإسباني إلى التغلب على اللعنة الفرنسية وإسقاط الديوك الزرقاء اليوم إذا أراد استكمال طريقه بنجاح نحو الدفاع عن لقبه القاري وكتابة التاريخ. ويلتقي المنتخبان الإسباني والفرنسي لكرة القدم اليوم على استاد «دونباس آرينا» بمدينة دونيتسك الأوكرانية في ثالث مباريات دور الثمانية لبطولة كأس الأمم الأوروبية (يورو 2012) المقامة حاليا ببولندا وأوكرانيا.

ولم يسبق للمنتخب الإسباني أن حقق الفوز على نظيره الفرنسي في أي من المواجهات الست الرسمية التي جمعت بينهما. ورغم ظهور المنتخب الإسباني في الدور الأول من فعاليات البطولة الحالية بعيدا عن مستواه المعهود في السنوات الماضية، أنهى الفريق منافسات الدور الأول في صدارة المجموعة الثالثة بعد التغلب على نظيره الكرواتي بهدف متأخر سجله خيسوس نافاس قبل دقيقتين من نهاية المباراة.

وبينما يتميز المنتخب الإسباني بالوحدة والترابط بين لاعبيه داخل الملعب وخارجه وهو من العناصر التي تجعل الفريق مرشحا بقوة للدفاع عن لقبه في البطولة الحالية، اصطدم المنتخب الفرنسي بمشكلة أخرى خارج الملعب وبالتحديد عقب الهزيمة (0 – 2) أمام المنتخب السويدي يوم الثلاثاء الماضي التي تراجعت بالفريق إلى المركز الثاني في المجموعة وكادت تطيح به من البطولة. وقبل عامين، عانى المنتخب الفرنسي (الديوك الزرقاء) مشكلة وأزمة كبيرة بسبب تمرد لاعبيه على مديرهم الفني آنذاك ريمون دومينيك، وهي الأزمة التي تزامنت مع خروج الفريق المهين من الدور الأول لبطولة كأس العالم 2010 بجنوب أفريقيا دون تحقيق أي فوز في المباريات الثلاث التي خاضها واحتل على أثرها قاع مجموعته خلف أوروغواي والمكسيك وجنوب أفريقيا.

وعقب المباراة أمام السويد يوم الثلاثاء الماضي، تحدث لوران بلان، المدير الفني للمنتخب الفرنسي، إلى لاعبيه حاتم بن عرفة وسمير نصري وآلو ديارا، ولكن كلمات بلان لم تلق قبولا لدى اللاعبين. واجتهد المعسكر الفرنسي اليومين الماضيين للتأكيد على أن الأجواء أصبحت صافية تماما وأن الأمور أصبحت على ما يرام بين عناصر الفريق. ولكن المؤكد أيضا أن هذه الأجواء التي عاشها الفريق بعد الهزيمة أمام السويد ليست الطريقة الأفضل من أجل الاستعداد لمباراة اليوم أمام المنتخب الإسباني بطل أوروبا والعالم. ولكن العزاء الذي قد يدعم المنتخب الفرنسي قبل مواجهة اليوم هو أنه لم يخسر أي مباراة سابقة في ست مواجهات رسمية جمعته بالمنتخب الإسباني، فكان الفوز من نصيب الديوك الزرقاء في خمس منها، وتعادل الفريقان مرة واحدة.

وكان من بين هذه المباريات فوز فرنسا على إسبانيا (2 – 0) في نهائي «يورو 1984» بباريس الذي توج الديوك الفرنسية بأول ألقابهم الدولية، والفوز الفرنسي على الماتادور الإسباني (2 - 1) في دور الثمانية بـ«يورو 2000» ليستكمل المنتخب الفرنسي طريقه إلى منصة التتويج بلقبه الأوروبي الثاني. وفاز الديك الفرنسي على الماتادور (3 – 1) في دور الستة عشر لكأس العالم 2006 بألمانيا ليستكمل مسيرته إلى المباراة النهائية التي خسرها أمام المنتخب الإيطالي بضربات الترجيح. وكان فلوران مالودا، نجم خط وسط المنتخب الفرنسي حاليا، ضمن الفريق الذي شارك في مونديال 2006، ويرى أن فريقه يستطيع تحقيق الفوز على الإسبان مجددا.

وقال مالودا: «فوزنا عليهم سابقا سيساعدنا على أن نثق بإمكانية الفوز عليهم مجددا في هذه المباراة الفاصلة.. إنه أمر ممكن. نحترم المنتخب الإسباني كثيرا. لقد وضع المعايير لباقي العالم عبر السنوات الست الماضية. ولكن عندما نخوض مباراة رسمية، نبذل كل ما بوسعنا من أجل تحقيق الفوز». وقال مالودا: «لم نقدم ما لدينا أمام السويد. ولكننا سنجري التغييرات التي نحتاجها للفوز على إسبانيا».

ويدرك مالودا، الذي يلعب في تشيلسي الإنجليزي بجوار خوان ماتا وفيرناندو توريس نجمي المنتخب الإسباني، أن الماتادور الإسباني يتميز بالأداء الخططي البارز. وقال مالودا إن المنتخب الإسباني يتميز بالاستحواذ على الكرة والسيطرة على مجريات اللعب. وأضاف: «عندما تلعب أمامه (المنتخب الإسباني)، عليك أن تلتزم خططيا حتى تحرمه من أي مساحات خالية».

ويعتقد مالودا أن توريس زميله في تشيلسي هو الأخطر في صفوف إسبانيا بعدما بدا أنه استعاد مستواه عقب فترة من التراجع. وقال مالودا «لقد أنهى الموسم جيدا وسيتطلع لإظهار أنه أحد أهم المهاجمين في العالم. إنه مصدر خطر. يمكنه تسجيل هدفين أو ثلاثة أهداف ومواجهة دفاع كامل بمفرده».

ولا يرى خوانفران، مدافع أتلتيكو مدريد والمنتخب الإسباني، أن فريقه يسعى للثأر من نظيره الفرنسي بعد الهزيمة أمامه في مونديال 2006 رغم وجود الكثير من لاعبي الفريق الحالي ممن شاركوا في مونديال 2006. وقال اللاعب: «الخروج أمام فرنسا في كأس العالم كان يوما حزينا بالفعل. المواجهة مع المنتخب الفرنسي تكون مواجهة قوية دائما، ولكننا لا نفكر في أي ثأر».

وقال زميله خافي مارتينيز إنه لا يفكر في مسيرة مشابهة للانتصارات بنتيجة (1 - 0) التي قدمها الفريق في الأدوار الفاصلة لمونديال 2010. وأوضح «المنتخب الفرنسي من أبرز الفرق التي ترغب في الاستحواذ على الكرة وتكافح من أجل ذلك. إنه فريق يمتلك لاعبين يتميزون بالسرعة والإبداع. سيكون المنتخب الفرنسي من أصعب المنافسين الذين نواجههم في هذه البطولة». إلا أن مارتينيز اعترف بأن فريقه عاش «أوقاتا صعبة» في بطولة الأمم الأوروبية، رغم أنه أضاف أن الفريق «خرج منها أقوى». وقال اللاعب: «الأجواء جيدة للغاية. إننا نتحلى بالثقة. مرت لحظات صعبة، لكننا كنا نعرف ذلك قبل قدومنا. مسألة تحقيق نجاحات كثيرة، لقبا أمم أوروبا والمونديال، تجعل كل الأمور أصعب علينا. لكن الفريق خرج منها أقوى».

وأوضح لاعب أتلتيك بيلباو «فرنسا لها أسلوب لعب مجدد. تعتمد على كرة اللمسة الواحدة بوجود يوان كاباي كلاعب وسط. علينا أن نفرض أسلوبنا وننتزع منهم الكرة». وبالنسبة لمارتينيز، يعد المنتخب الفرنسي «فريقا يسعى إلى امتلاك الكرة، بلاعبين في المقدمة يتميزون بالسرعة الكبيرة». وأضاف «إنهم يحاولون التمرير بسرعة والتصويب. إنهم أحد الفرق التي سنحتاج إلى بذل مجهود كبير أمامها».

وقلل اللاعب الإسباني من أهمية التوترات التي اعترف الجانب الفرنسي بوقوعها بين أفراده عقب الخسارة (0 - 2) أمام السويد. وقال: «حدث معهم ما حدث معنا، أن الأداء كان مرضيا للغاية في أول مباراتين، ولم يكن كذلك في المباراة الثالثة. لكن بالتأكيد لن يؤثر عليهم ذلك وسيكونون في حالة جيدة».

ويرتبط مستقبل مارتينيز بالانتقال إلى عدة فرق من بينها ريال مدريد وبرشلونة وبايرن ميونيخ، إلا أنه يؤكد أن تركيزه منصب على البطولة القارية: «لدينا هدف جميل ومحفز يجعل من السهل أن نركز في البطولة». ورغم أنه لا يشارك أساسيا، أعرب مارتينيز عن استعداده للعب دقائق أكثر: «كلنا كلاعبين احتياطيين نريد اللعب. لكن كل واحد منا يدرك دوره ولا بد فقط من أن نكون مستعدين». كما أثنى على أندريس إنييستا، أحد أبرز لاعبي المنتخب الإسباني «إنه نجم حقيقي، أتعلم منه كل شيء».

ويمتلك المدرب فيسنتي دل بوسكي، المدير الفني للمنتخب الإسباني، فريقا متكاملا تحت تصرفه، بينما يحتاج بلان إلى استبدال قلب الدفاع فيليب ميكسيه باللاعب لوران كوشيلني. وينتظر أن يعود اللاعبان يوان كاباي وجيرمي مينيز اللذان سجلا هدفي الفوز (2 - 0) على أوكرانيا إلى التشكيلة الأساسية للمنتخب الفرنسي في مباراة الغد بعدما غابا عن التشكيل الأساسي في لقاء السويد. ويسعى المهاجم الفرنسي كريم بنزيمة، نجم ريال مدريد الإسباني، إلى استعادة ذاكرة التهديف وتسجيل الهدف الأول له في البطولة من خلال مباراة اليوم.

وحذر دل بوسكي من الحديث المبكر عن النصر على فرنسا، مذكرا بالإفراط في التفاؤل قبل ثمن نهائي مونديال 2006. وقال دل بوسكي: «حفرت صورة عن مونديال 2006 في ذاكرتي. أسأنا تقدير الفرنسيين الذين كانوا كبار السن.. إنها عادة إسبانية تكمن في عدم الانتباه للخصوم». وكان منتخب إسبانيا الشاب عام 2006 واجه منتخبا فرنسيا على شفير الاعتزال ضم زين الدين زيدان، لكن «الديوك» أحبطوا آمال الإسبان بالفوز عليهم (3 - 1).

وتعتبر فرنسا بالنسبة إلى دل بوسكي الخصم الأقوى من المجموعة الرابعة التي ضمت إنجلترا والسويد وأوكرانيا، «فرنسا هي الخصم الأكثر تعقيدا. يملكون مقومات الفريق الناجح. هم جيدون من الناحية التقنية ومنظمون أيضا. (كريم) بنزيمة يتألق وخلفه ثلاثة لاعبين جيدين. أعتقد أنهم سيلعبون مثلنا. لا يملك الفرنسيون أي عقد». وعن التشكيلة التي سيعتمدها، قال دل بوسكي إنه سيزج بنواة الفريق الذي خاض أول ثلاث مباريات.