الأمن السوري يقتحم بلدة العقيد المنشق في شمال سوريا.. ويحرق منزله

ناشطون: النظام فقد أعصابه ويمارس سياسة انتقامية * شخصيات سورية رفيعة المستوى تستعد للانشقاق

متظاهرون سوريون يعرضون مجسما لطائرة من طراز ميغ 21 أثناء مسيرات أمس في إطار احتفالهم بانشقاق وفرار طيار إلى الأردن أول من أمس (رويترز)
TT

جاء رد فعل النظام السوري تجاه عملية الانشقاق الناجحة التي نفذها أول من أمس العقيد السوري حسن مرعي حمادة حيث هبط بطائرته الحربية من طراز «ميغ21» في قاعدة الملك حسين الجوية طالبا اللجوء السياسي من السلطات الأردنية سريعا وقاسيا، إذ أشار ناشطون معارضون إلى أن قوات الأمن التابعة للسلطات السورية شنت هجوما شرسا ضد قرية ملّس جنوب غربي محافظة إدلب مسقط رأس العقيد المنشق وقامت بإحراق منزله وتدمير محتوياته. ولفت الناشطون إلى أن «عائلة العقيد الطيار تم إجلاؤها عن المنزل بواسطة الجيش الحر قبل تنفيذ العملية من قبل عناصر الأمن» مؤكدين أن «جميع أفرادها بخير».

وأشار محمد وهو ناشط في تنسيقيات مدينة إدلب للثورة السورية إلى أن «قوات الأمن الذين اقتحموا القرية، كانوا يستهدفون منزل العقيد المنشق حسن حمادة بالتحديد، حتى إنهم قاموا بتفتيش بعض منازل القرية بحثا عن عائلته» ويجزم الناشط أن «العملية دافعها انتقامي ثأري».

وعن هروب العائلة من المنزل قبل وصول الأمن قال محمد «كنا نتوقع الهجوم على القرية وعلى منزل العقيد المنشق، فقد حدث ذلك في مرات عديدة، حيث قامت قوات النظام سابقا بالهجوم على منزل المقدم المنشق حسين هرموش في قرية ابليين وقامت بإحراقه وتدميره». ويرى الناشط المعارض أن «النظام السوري فقد أعصابه منذ فترة، وصار يتصرف بأسلوب عشوائي انتقامي وعملية إحراق منزل العقيد المنشق أكبر دليل على ذلك». ويضيف «هذه هي المرة الأولى التي يفقد فيها نظام الأسد طائرة تهبط في الأردن وتتسبب له بإحراج كبير لا سيما بعد حصول الطيار المنشق على لجوء سياسي من السلطات الأردنية».

ويؤكد محمد أنه «إذا انتشرت الانشقاقات داخل سلاح الجو السوري هذا يعني أن النظام سيتأثر كثيرا من الناحية العسكرية فالطائرات هي السلاح الوحيد الذي يتفوق فيه على الجيش الحر بعد أن قام الثوار بتفجير العديد من المدرعات والدبابات في مناطق مختلفة، مما يعني أن نظام الأسد لا يستطيع أن يزج بعد الآن السلاح الجوي في معركته ضد المنتفضين وسيصبح طرفا في معركة متساوية قد تحسم قريبا بهزيمته».

وتقع قرية ملّس التي يتحدر منها العقيد حمادة على الطريق العام لمدينة أرمناز وهى قرية رومانية قديمة تعود إلى الحكم الروماني حيث وجد فيها مجموعة من الآثار والقبور الرومانية عند سفح جبلها. تمتد هذه القرية على سهل الروج وهي ذات تربة خصبة. وكان يتزعم هذه القرية عائلة شعبان آغا وهي عائلة منحدرة من أصول عربية عريقة تعود بنسبها للطائفة العلوية. واشتهرت هذه القرية بصعوبة تضاريسها الجبلية السهلة.

يشار إلى أن العقيد الطيار المنشق حسن مرعي حمادة هو من الفرقة 20 اللواء 73 المتمركزة في مطار خلخلة العسكري في مدينة السويداء يحمل رتبة قائد سرب البحوث العلمية في المطار، رفض الذهاب في مهمة لقمع المنتفضين في مدينة درعا وهبط بطائرته في الأردن.

إلى ذلك، كشف مسؤولون أميركيون عن أن أفرادا بالدائرة المقربة من الرئيس بشار الأسد يعدون «مخططات سرية للانشقاق» مع انشقاق عقيد القوات الجوية السورية عن مهمة الهجمات وإقلاعه بطائرة «ميغ» إلى الأردن. حسب ما جاء في مقال نشرته صحيفة «ديلي تلغراف» في عددها الصادر أمس.

ويحيك أعضاء بالحلقة المقربة من بشار الأسد مخططات سرية للانشقاق والانضمام إلى صفوف المعارضة، إذا ما بات النظام السوري مهددا بشكل خطير من جانب الثورة، حسبما صرح مسؤولون أميركيون.

وجاء في المقال، إن «شخصيات عسكرية رفيعة المستوى تضع استراتيجيات خروج وتنشئ قنوات اتصال مع الثوار لمناقشة كيف سيتم استقبالهم في حالة انشقاقهم». وأن قائدي ثلاث طائرات «ميغ» يفكرون في الانشقاق، لكنهم قلقون من ألا يتم قبولهم بين صفوف المعارضة. وقال مسؤول أميركي رفيع المستوى في واشنطن، إن بعض أقرب المقربين للرئيس السوري يخططون الآن للهروب. وأضاف «نحن نرى أفرادا بالدائرة المقربة من بشار الأسد يرسمون خططا للرحيل».

وتشمل خططهم تحويل مبالغ ضخمة إلى مصارف لبنانية وصينية والاتصال بعناصر من المعارضة وبحكومات غربية. وأكدت جماعات المعارضة السورية أنها تطلب المساعدة من أميركا لتشجيع المزيد من الانشقاقات.

وقال مصدر رفيع المستوى من المعارضة: «إنني على يقين من أن هناك بعض الضباط أصحاب الرتب الرفيعة ممن هم في انتظار اللحظة المناسبة للانشقاق. ولدينا أسماء لشخصيات من داخل القصر الرئاسي. وهناك شائعات تفيد بأن هناك شخصا مقربا من الرئيس يعتزم الانشقاق ونحن نتوقع مغادرته البلاد عما قريب».

وأوقد انشقاق العقيد حسن مرعي حمادة آمال المعارضة في احتمال أن يكون ذلك بداية لموجة من الانشقاقات.

وتحدث ناشط لصحيفة «ديلي تلغراف» قائلا «كان هو وثلاثة آخرون من قائدي طائرات (ميغ) في مهمة لقصف درعا (معقل الثوار الجنوبي) وقد خاطر بحياته». ويضيف: «كان هناك حديث دائر عن انشقاقات، لكن الثلاث طائرات المقاتلة الأخرى لم تنشق لخوف قائديها ولعدم تأكدهم من أنه سيتم قبولهم في الأردن».

وصرح البيت الأبيض بأن إدارة أوباما «رحبت بقرار الطيار اتخاذ الإجراء الصائب».

قالت فيكتوريا نولاند، المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية: «هكذا تبدأ الأشياء. من الواضح أن إقلاع طيار بطائرة سعرها 25 مليون دولار متجها إلى دولة أخرى تعتبر بمثابة لحظة فارقة».

وتزعم جماعات المعارضة أن نظام الأسد قد تمكن من منع انشقاقات واسعة من خلال حملة منظمة بحذر شديد، كما اعتادت شخصيات رفيعة المستوى ابتزازهم بالتهديد كي يظلوا موالين للنظام.

وقد وردت تقارير عن إدارة النظام مراكز اعتقال في دمشق، يوضع فيها أفراد أسر الدبلوماسيين تحت مراقبة المخابرات أو البوليس السري.

وتم الآن مجددا تفعيل القوانين القديمة التي تلزم كل أفراد الجيش بتلقي ختم تصديق من المخابرات قبيل مغادرة البلاد، والذي لم تتم ملاحظته مؤخرا إلا في حالة الخرق، بقوة، بحسب مصدر في دمشق.