«غسل قلوب» بين مسيحيي «14 آذار» والبطريرك الماروني بعد «التباس» في تفسير مواقفه من سوريا وسلاح حزب الله

مصادر الراعي لـ«الشرق الأوسط»: المجتمعون فصلوا بين ما اعتبروه «غيمة عابرة» ومرجعية بكركي

رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي أثناء لقائه مع وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون في قمة لوس أنجليس للتنمية المستدامة أمس (رويترز)
TT

وعكست المواقف الصادرة بعد اللقاء رضا المشاركين فيه، وقالت مصادر المجتمعين لـ«الشرق الأوسط» أن اللقاء تم بعد مشاورات بين بكركي ومسيحيي «14 آذار»، بينما أكد رئيس حزب الكتائب الرئيس أمين الجميل أن «غيمة صيف ومرت» مع بكركي.

وقالت أوساط مقربة من البطريرك الراعي لـ«الشرق الأوسط» عقب الاجتماع إن «أجواء اللقاء كانت صريحة وودية، وتحدث كل مشارك بوضوح عن هواجسه وتطلعاته، وكان البطريرك انسجاما مع شعاره (شركة ومحبة) منفتحا ومستمعا من موقعه كبطريرك لكل الآراء والنقاط التي طرحت». وأوضحت أنه «تم التذكير ببعض الثوابت التي يتفق الجميع عليها والتركيز على أن الحوار هو السبيل الأساسي لوحدة الصف، وعلى الوحدة الداخلية باعتبارها رافعا للوصول إلى الوحدة الوطنية».

وقالت المصادر عينها إنه «جرى تأكيد أن الحوار المباشر أفضل بكثير من الانتقادات عبر وسائل الإعلام»، في موازاة تأكيد المشاركين على «مرجعية بكركي وموقعها وفصلهم بين ما وصفوه بأنه (غيمة صيف عابرة) سببتها بعض المواقف نتيجة التباس في تفسيرها، وشخص البطريرك وموقع بكركي».

وفي حين أشارت مصادر بكركي إلى أن لقاءات أخرى ستعقب هذا اللقاء، أوضح العميد المتقاعد وهبي قاطيشا، مستشار رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، أبرز المنتقدين لمواقف البطريرك الراعي بعد انتخابه، لـ«الشرق الأوسط» أن «مصالحة حصلت في بكركي، أمس، وتم التوافق على العودة إلى الهدوء، خصوصا أن جميعنا أبناء الكنيسة وأبناء بكركي».

وقال قاطيشا إن «بكركي تشكل مظلة لجميع اللبنانيين لا المسيحيين منهم فحسب»، وإن «غسل قلوب حصل مع الراعي، بعدما شعرنا بأن مواقفه في الفترة الأولى لانتخابه أخذت منحى لم نعتد عليه من بكركي، ولذلك كان لنا رد فعل عاطفي عليها، إذا صح التعبير». وأعرب عن اعتقاده بأن «البطريرك الراعي حاول أن يستوعب الأطراف كلها، لكنه أدرك اليوم أن الفريق الآخر ليس جاهزا بعد للاستيعاب، وتحديدا في عناوين: السلاح، والعبور إلى الدولة، وبناء المؤسسات».

وفي حين لم يصدر بيان ختامي عن المجتمعين، كان للمشاركين فيه كلمات مقتضبة أمام وسائل الإعلام من بكركي، حيث قال الرئيس أمين الجميل إن «غيمة صيف مرت مع بكركي»، وأوضح قائلا: «إننا طرحنا مع غبطته هواجس البعض في فريقنا لأن هناك بعض الظروف التي خلقت تفسيرات»، آملا أن «يؤسس اللقاء لمرحلة نلتقي جميعنا حول مبادئ تحفظ لبنان، خصوصا في ظل المصاعب الداخلية والخارجية». ووصف اللقاء بأنه «كان مهما ويؤسس نحو مرحلة جديدة»، مشيرا إلى أن البحث تناول «مواقف ضبابية إذ مررنا بظروف خلقت مع التفسيرات فرأينا أنه يجب أن نتفاهم على بعض المسلمات، وأن نكون جميعا متفقين على كيفية انتشال البلد مما هو فيه». وقال: «لقد تكلمنا في موضوع سلاح حزب الله، وتوقفنا عند نقطتين: مستلزمات الوحدة الوطنية ومستلزمات السيادة، كما تكلمنا في الموضوع السوري وذكرنا بما قامت به سوريا في لبنان، ولذلك كانت هناك قراءة واضحة للموقف تجاه سوريا والحياد لعدم إقحام لبنان في الصراع الدائر في سوريا».

وأكد الجميل أن «ما سمعناه اليوم (يشفي الغليل)، وقد أكد صاحب الغبطة شعاره (شركة ومحبة)، وما سمعناه من البطريرك عن ملفي سلاح حزب الله وسوريا يمكن البناء عليه»، مشددا على أن «الاهتراء الداخلي لا يمكن أن يستمر بشهادة جميع أركان الحكومة».

من ناحيته، قال النائب بطرس حرب إن زيارة وفد مسيحيي قوى «14 آذار» إلى بكركي «تشكل صفحة جديدة وتطوي صفحة من الالتباس»، مشددا على أن «بكركي هي بكركي وأن كل المسيحيين والموارنة ينتمون إليها، وبكركي ستبقى المكان الذي سيتم فيه التشاور في ما بيننا، ومن غير الطبيعي أن تبقى العلاقة على ما كانت عليه». ونقل حرب عن البطريرك قوله إنه «كان هناك سوء تعامل مع تصاريحه السابقة، خصوصا أن بعض ما نسب إليه غير صحيح»، مشددا على «الاتفاق مع البطريرك الراعي على الثوابت».

ووصفت عضو كتلة القوات اللبنانية، النائبة ستريدا جعجع، أن «الجو كان جيدا جدا»، موضحة: «إننا تمنينا عليه في هذا الظرف في العالم العربي أن يبقى في حياد وأن يبقى موقع بكركي فوق كل الصراعات والخيارات». ووصفت اللقاء بأنه كان «جلسة تاريخية وتم الاتفاق على وضع مذكرة بعيدة من الإعلان».

وأوضح المنسق العام لتحالف قوى «14 آذار»، فارس سعيد، أن اللقاء «يأتي ضمن سياق، خصوصا أن البلد يمر بظرف دقيق جدا والمنطقة تمر بظرف أكثر دقة»، مؤكدا أن «مواقفنا معروفة، وكل ما سنقوم به هو أن نقدم ورقة سياسية تبرز وجهة نظرنا بشكل كامل انطلاقا من الثوابت التي نناضل من أجلها ونتمسك بها». واعتبر أن «بكركي فوق الترسيمات السياسية، وجئت لأقول إنه ما من خلاف شخصي مع سيدنا، ووجهة نظرنا واضحة جدا لما يجري من أحداث».

أما النائبة السابقة نائلة معوض، فقالت: «إننا أولاد هذا الصرح وأولاد هذه الكنيسة، وبكركي هي للدفاع عن القيم الوطنية والدفاع عن أي لبنان نريد، ومتفقون مع بكركي على الثوابت»، مشيرة إلى أن «هناك مبادئ أساسية من غير المسموح الخروج عنها ومن أجل ذلك تفاهمنا مع غبطته، وسيكون هناك لقاء آخر بعيدا عن الإعلام».