مصر: المجلس العسكري يلوح باستخدام القوة ويؤكد على سيادة القانون

خبراء لـ «الشرق الأوسط»: البيان انقلاب هادئ ورسالة تحذيرية للإخوان

آلاف المتظاهرون احتشدوا بميدان التحرير أمس اعتراضا على الإعلان الدستوري المكمل وحل البرلمان (إ.ب.أ)
TT

تباينت ردود الفعل على بيان المجلس العسكري أمس الذي شدد فيه على أن إصدار إعلان دستوري مكمل ضرورة فرضتها متطلبات إدارة شؤون البلاد، محملا جماعة الإخوان المسلمين الانقسام والارتباك السائد على الساحة السياسية بسبب استباقها إعلان نتائج الانتخابات الرئاسية قبل إعلانها من الجهة المسؤولة عنها. وبينما قال مراقبون إن البيان أكد ضرورة الحرص على المصالح العليا للبلاد وضرورة الحفاظ على مقدرات الدولة العامة والخاصة، اعتبر آخرون أن البيان أكد تمسك المجلس بقراراته الأخيرة وعلى رأسها الإعلان الدستوري المكمل.

وقد استهل المجلس العسكري بيانه أمس بالتأكيد على أن سيادة القانون أساس الحكم في الدولة، مشددا على أن القضاء المصري أحد أعمدة الدولة التي يجب على الجميع احترامها. وهو ما علق عليه المستشار أحمد مكي، نائب رئيس محكمة النقض السابق، قائلا لـ«الشرق الأوسط»: «إن استهلال بيان المجلس العسكري بذكر القانون والقضاء يعد محاولة منه للتستر بهما»، وأضاف: «القضاء جزء من السلطات.. يكون عادلا في الدولة العادلة، ويكون ظالما في الدولة الظالمة».

بينما اعتبر عصام الشريف، المنسق العام للتغيير السلمي، أن البيان تأكيد من المجلس العسكري على أنه لن يتراجع عن الأحكام السابقة بخصوص البرلمان وقانون العزل، كما لن يتراجع عن فرضه النظام بقوة القانون. وأضاف الشريف لـ«الشرق الأوسط»: «العسكري يوجه رسالة مباشرة بأنه هو الشرعية، وأن باب الخروج عن الشرعية موصد تماما».

وقال الشريف، الذي تتبنى حملته مطالب ميدان التحرير بإلغاء الإعلان الدستوري المكمل: «البيان رسالة للإخوان المسلمين بخصوص الصراع الدائر على السلطة»، متابعا: «لكننا قلقون من خطاب المجلس العسكري ومن تصرفات الإخوان.. الصدام قادم بين الجميع لا محالة».

وقد شدد العسكري في بيانه على أن إصداره للإعلان الدستوري المكمل ضرورة فرضتها متطلبات إدارة شؤون البلاد خلال الفترة الحرجة الحالية. ويعلق نادر بكار، المتحدث الرسمي باسم حزب النور (السلفي)، على ذلك قائلا: «ردي الوحيد وغير المباشر على البيان هو أننا نرفض الإعلان الدستوري المكمل ونعتبره افتراء على إرادة الشعب»، وأضاف بكار لـ«الشرق الأوسط»: «المطلوب الآن أن يكون الأمر سجالا بين القوى السياسية والمجلس العسكري، لكننا نركز على استمرار التمسك بمطالبنا وبشكل سلمي».

وقال الدكتور حازم حسني، الأستاذ بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، إن البيان «ما هو إلا رسالة من العسكري بأنه صاحب السلطة، وأنه لن يخضع لأي ابتزاز سياسي من الشارع»، وأضاف حسني «العسكري أكد أنه متمسك بكل قراراته مهما كان الضغط الشعبي ضدها».

واعتبر حسني أن البيان رسالة موجهة ضد الموجودين في ميدان التحرير وضد اللغة التي استخدمها بعض قيادات الإخوان حول عدم الرضا بنتائج الانتخابات حال تم إعلان شفيق رئيسا، وهو ما جعل البيان يؤكد على سيادة القانون ونزاهة القضاء، محملا الإخوان الارتباك السياسي بسبب التعجل في إعلان النتائج، وقال حسني: «البيان يحذر الإخوان أن عليهم احترام مؤسسات الدولة، وأنهم سيواجهون أي خروج عن القانون بالعنف المشروع».

وحذر العسكري في بيانه أمس من أنه سيواجه أي محاولات للإضرار بالمصالح العامة والخاصة بمنتهى الحزم والقوة، بمعرفة أجهزة الشرطة والقوات المسلحة في إطار القانون، مشددا على أن الحفاظ على هيبة مؤسسات الدولة هو مسؤولية وطنية للجميع، باعتبار أن المساس بها أمر يهدد الاستقرار والسلم والأمن القومي المصري.

وأوضح جمال عيد، مدير الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، أن بيان المجلس العسكري يحمل رسالة ثلاثية، مفادها التهديد باستخدام القوة، والإصرار على أنه الحاكم الأوحد في البلاد، وترويج الأكاذيب حول وجود سيادة للقانون في مصر.

وقال عيد لـ«الشرق الأوسط»: «البيان كرس أن المجلس العسكري مفوض من الديكتاتور السابق ولا يحكم بأي تفويض شعبي، وأوضح أيضا أن العسكري يعلن أنه أقوى من الرئيس المنتخب»، مضيفا أن «ما يحدث في مصر حاليا هو انقلاب عسكري على الثورة، لكن في حلة قانونية».

ووصف الفقيه الدستوري، الدكتور أحمد كمال أبو المجد، بيان المجلس الأعلى للقوات المسلحة أمس، بأنه بيان معقول وجاء في وقت مناسب، وقال الدكتور أبو المجد، في تعقيب بثته الوكالة الرسمية في مصر أمس، إن «هذا البيان أكد على سيادة دولة القانون واحترام القضاء، وهو أمر نبهنا إليه من قبل مرارا»، وقال أبو المجد «إن مصر تعيش الآن في ظل ظروف حساسة للغاية، وحالة من الارتباك السياسي الشديد، مما يتطلب إيجاد حالة من التوافق الوطني بين الجميع».

وأضاف أبو المجد أن «البيان أكد ضرورة الحرص على المصالح العليا للبلاد وضرورة الحفاظ على مقدرات الدولة العامة والخاصة، وهو أمر يجب أن نتفق عليه جميعا في إطار من القانون والحرص على حرية الرأي والتعبير وحق التظاهر السلمي».

وقال الخبير القانوني خالد أبو بكر، عضو اتحاد المحامين الدولي، إن البيان العسكري في مجمله يتفق عليه الجميع، مثل الحرص على المصالح العليا للبلاد وضرورة التظاهر السلمي، لكنه تابع لـ«الشرق الأوسط»: «لكن البيان لم يجب عمن هو الذي أوصلنا إلى تلك المرحلة، ولم يجب عمن هو المسؤول عن سن قانون غير دستوري للبرلمان.. البيان لم يجب عن أسئلة يسأل عنها الشارع المصري»، وأضاف أبو بكر «البيان لم يقل إن المجلس العسكري مسؤول عن كل ذلك، واكتفى فقط بتبرير الإعلان الدستوري المكمل».