تهاني الجبالي لـ «الشرق الأوسط»: هناك مخطط إخواني لهدم الدولة.. وإعلان فوز مرسي اختطاف للشرعية

نائب رئيس المحكمة الدستورية العليا: المجلس العسكري هو السلطة الفعلية.. والبرلمان منعدم دستوريا

المستشارة تهاني الجبالي نائب رئيس المحكمة الدستورية العليا
TT

اتهمت المستشارة تهاني الجبالي، نائب رئيس المحكمة الدستورية، جماعة الإخوان المسلمين بالسعي لتنفيذ مخطط لهدم الدولة المصرية، برفضهم حكم المحكمة الدستورية العليا وقرار المجلس العسكري بحل البرلمان، قائلة، إن «الإخوان» يريدون أن ينقلبوا على الثورة، التي قامت من أجل تطبيق دولة القانون والحرية والعدالة من أجل تحقيق حلم حسن البنا.

وأوضحت الجبالي في حوار مع «الشرق الأوسط»، أن رفض قرار حل البرلمان وعدم الاعتراف بالإعلان الدستوري المكمل الذي أصدره المجلس العسكري، هو انتهاك مباشر لشرعية الدولة وهدمها لصالح دولة «الإخوان»، مشيرة إلى أن المجلس العسكري هو السلطة الفعلية التي تدير البلاد وحين يتخذ إجراء متصلا بالشأن العام فهذا حقه ومن صلاحيته، وأن كل الإعلانات الدستورية السابقة، بما فيها الإعلان الأول الذي صدر في مارس (آذار) 2011، لم يتم الاستفتاء عليها، فلماذا هذه الإعلان تحديدا، والذي جاء على غير رغباتهم.

وفيما يلي أهم ما جاء بالحوار:

* أعلنت عدد من القوى السياسية والثورية تقودها جماعة الإخوان المسلمين، أمس، رفضها قرار المجلس العسكري والمحكمة الدستورية حل مجلس الشعب.. كيف تعلقين على هذا الأمر؟

- في الحقيقة، لا بد أن ننظر إليهم على نحو دقيق، فوصف هؤلاء بالقوى السياسية، ليس صحيحا.. كلمة «قوى» كبيرة جدا عليهم، الوصف الصحيح لهم هو أنهم بعض الأشخاص، فلهم لا يمثلون قوى اجتماعية تذكر ولا يعبرون عن الملايين، وبالتالي لا بد أن يقرأ المشهد بشكل صحيح، وهو أن الذين يرفضوا الحكم هم جماعة الإخوان المسلمين، والتيار الإسلامي المحيط بها، وبعض الشخصيات العامة، وبالتالي كل منهم يتحمل رأيه الشخصي الخاص به. المشترك بين هؤلاء اجتماعهم على «ضلال»، فهذا انتهاك مباشر لشرعية الدولة، التي ليست قابلة للمساومة، فهذه ليست مساومة سياسية.. هذا هدم لسلطات ومؤسسات الدولة. أعتقد أن «الإخوان» يستدرجون هؤلاء للدفاع عن منهج هدم الدولة لصالح دولة «الإخوان»، ربما هم يعلمون هذا أو لا يعلمون، لكن هذه هي الحقيقة المجردة، لأن الحديث عن حجية قضاء المحكمة الدستورية العليا عنوانه الاختصاص الدستوري لهذه الهيئة وتأثيره، وبالتالي فهو ليس محلا للاعتراض أو الاتفاق. أيضا الصلاحيات الممنوحة للمجلس الأعلى للقوات المسلحة باعتباره السلطة الفعلية التي تدير شؤون البلاد لمدة عام ونصف العام، وهو الذي أصدر كل الإعلانات الدستورية المؤقتة التي أدارت شؤون البلاد في كل المناحي وترتب عليها الدعوة إلى الانتخابات جاءت بالبرلمان المنحل، وهذا يعني أنه حين يتخذ إجراء متصلا بالشأن العام فهذا حقه ومن صلاحيته، ورأي بعض القوى لا يمكن أن تكون ملزمة لا للمجلس العسكري ولا للشعب المصري.

* يقول من يرفضون قرار المحكمة، إنها تجاوزت صلاحيتها، باعتبار أن اختصاصها البت في دستورية قانون الانتخابات من عدمه، لا أن تصدر حكما بحله ما تعليقك؟

- حكم المحكمة الدستورية ليس حل البرلمان (مجلس الشعب) وإنما هو انعدام دستوري لأن الأساس الدستوري الذي قام عليه البرلمان قضت المحكمة بعدم دستوريته، وهذا الانعدام يحمل في طياته آلية تنفيذه، لأن المحكمة في سوابقها، التي وصلت إلى 5 سوابق قضائية، كانت دائما تؤكد أن البطلان يصيب البرلمان منذ لحظة انعقاده، وكانت أيضا تحصن ما يصدر من قرارات وقوانين عنه احتراما لاستقرار الأوضاع التشريعية. إن قوة الحكم الدستوري تستمد من ذاته، والبطلان هو بطلان قانوني يستمد من ذاته، وبموجب أحكام الحجية المطلقة لأحكام المحكمة الدستورية، فهو ملزم لكل سلطات الدولة المختلفة، وأعتقد أن كل هذا اللغط عنوانه هو الحفاظ على المكاسب السياسية لجماعة الإخوان المسلمين فقط، وليس إعمالا لصحيح القانون ولا احترام استقلال القضاء.

* وهل ينطبق قرار الحل على مجلس الشورى (الغرفة الثانية للبرلمان)؟

- حل مجلس الشورى الآن رهن الطعون التي تنال منه، أو رهن إرادة سياسية تتولى حله بناء على ذات العوار الذي أصاب الأساس القانوني لمجلس الشعب، خاصة أنه مجلس مكمل للمجلس التشريعي ودوره محدود، وإذا كان الأصيل غير قائم، فربما يكون الفرع ليس له دور.

* طرح البعض فكرة عقد جلسات البرلمان خارج مقره بعد منع قوات الأمن أعضائه من الدخول تنفيذا لحكم المحكمة؟

- هذا باطل بالتأكيد.

* أعلنت جماعة الإخوان فوز مرشحها محمد مرسي في انتخابات الرئاسة قبل إعلان النتيجة الرسمية.. ما مدى قانونية ذلك؟

- هو تجاوز لإرادة الشعب المصري، وهذا هو الأخطر، فحتى الآن لم تعلن النتيجة الرسمية كي نعلم من الفائز في معركة الرئاسة ومن الخاسر، وهذه محاولة لاستباق النتائج واختطاف لشرعية الدولة وانتهاك لحرمة الشعب المصري التي لن تجد تعبيرا عنها إلا عبر انتخابات تجرى عبر صناديق. وأعتقد أن إعلان فوز مرسي محاولة لانتهاك حرمة الدولة المصرية، لأن الثورات تطيح بأنظمة حكم ولا تهدم الدولة، ويجب أن يعلم الجميع أن الدولة المصرية ليست لقمة قابلة للابتلاع.

* وكأنك تشرين إلى «مخطط إخواني» لهدم الدولة؟

- بالتأكيد.. لأن المعلن حتى الآن يتجاوز حدود الدولة الدستورية والقانونية الموجودة في مصر في إطارها الذي يحدد لكل سلطة صلاحيتها ولكل هيئة اختصاصاتها، وحين تمارسها يجب أن تمارسها في دولة قانون.. ويجب أن نتساءل هل هناك دولة قانون أم لا، وأعتقد أن هذا يوضح الصورة أكثر.

* كيف يمكن للمجلس الأعلى للقوات المسلحة الحاكم أن يواجه ما تعتقدين أنه مخطط إخواني، وإلى ماذا ستقودنا هذه المواجهة؟

- أنا لا أتحدث باسم المجلس العسكري، ولست مخولة بأن أعبر عن قراراته وردود فعله، لكن المطلوب هو قراءة رشيدة للبيان الصادر عن المجلس العسكري أمس، لأن كل سطر فيه يعبر عن التزام معلن في إطار مسؤوليته التاريخية تجاه الدولة المصرية لإدارة هذه المرحلة.

* أعلن التحالف الذي يقوده مرشح «الإخوان» رفضه أداء اليمين أمام المحكمة الدستورية العليا، وفقا لما جاء في الإعلان الدستوري المكمل؟

- هذا جزء من انتهاك حرمة الدولة القانونية، ولم نعرف من قبل مرشحا للرئاسة يخوض معركة انتخابية في ظل قانون ودستور محدد وإجراءات محددة وفي ظل سلطة هي التي دعت لهذه الانتخابات، ثم حين يأتي إليها ويتسلم منصبه يمكنه أن يختار الجهة التي يقسم أمامها اليمين، هذا جديد علينا في إطار القواعد المرعية في دولة قانون.

* وماذا إن أقسم اليمين في ميدان التحرير كما يطالبه البعض؟

- هذه «صورة فلكلورية» لأن الشعب المصري يعرف جيدا أن لديه دولة وأن هذه الدولة يجب أن تحترم وإلا أصبح متهما بتهمة الخيانة العظمى.

* مبرر جماعة الإخوان هنا أنهم لا يعترفون بالإعلان الدستوري المكمل الذي أصدره المجلس العسكري منذ أيام ودون إجراء استفتاء شعبي عليه؟

- هم لا يعترفون أصلا بالدولة.. وهل كان هناك استفتاء على الإعلانات الدستورية السابقة التي دعت للانتخابات البرلمانية على أساسها والتي أتت بالأغلبية الإسلامية في البرلمان.. لماذا يتم الاعتراض على هذا الإعلان المكمل تحديدا. هذه مطالبة تعتبر في غير موضعها، خاصة أن كل هذه الإعلانات هي إعلانات مؤقتة، ومعلن بشكل نهائي أنها مرهونة بصدور الوثيقة الدستورية الجديدة التي يجب أن يتم استفتاء الشعب المصري عليها، ويجب أن نتذكر أن من وقف أمام صدورها في بداية المرحلة الانتقالية هم «الإخوان».

* لكن الميادين تحتشد بالملايين الآن.. وتعلن بشكل واضح رفضها للإعلان الدستوري المكمل، وكذلك حل البرلمان، أليست هذه هي الشرعية الحقيقية للشعب المصري؟

- أعتقد أن الميادين ليست محتشدة، فميدان التحرير في ظل الثورة كان عنوانا لضمير الشعب المصري، لكنه الآن هو عنوان للتعددية السياسية، وإذا غادر من في الميدان أماكنهم، سيحتله فصيل آخر. وبالتالي فالميادين الآن لم تعد تعبيرا عن الشعب المصري ولا عن إرادته الجماعية.

* في ظل هذه الأجواء المحتقنة.. هل نتوقع استمرار خريطة الطريق الحالية وتسليم السلطة نهاية الشهر الحالي؟

- هذا مرهون بحقائق ما لدى لجنة الإشراف على الانتخابات فيما يتصل بمن الفائز في الانتخابات الرئاسية، وإذا كانت هناك انتهاكات صارخة وصلت إلى مرحلة المساس بالإرادة الجماعية للشعب المصري، وماذا يمكن أن يكون تصرفها حيال ذلك، وأعتقد أن الأمر رهن ساعات.

* قالت جماعة الإخوان المسلمين، إن عدم إعلان فوز محمد مرسي في الرئاسة سيعني حتمية اندلاع ثورة ثانية، إلى أي مدى يمكن أن يحدث هذا؟

- أي ثورة أخرى هي ثورة إخوان مسلمين وليست ثورة الشعب المصري، وهي من أجل تسلم السلطة والدولة الآن، وهذا واضح وشواهده قائمة، لكن ليست ثورة الشعب المصري، التي ستظل فقط ثورة «25 يناير»، التي كان عنوانها دولة ديمقراطية حديثة خاضعة للدستور والقانون تقوم من أجل الحرية والكرامة الإنسانية والعدالة الاجتماعية. أما «الإخوان» فهم يريدون القيام بثورة انقلابا على هذه الثورة، من أجل تحقيق حلم حسن البنا.