حيل السلطة والثوار لمواجهة «لعبة الثورة»

استعارت أدوات أكثر قمعا.. بعد كسر «حاجز الخوف»

TT

مع تنوع حيل السلطة والثوار لمواجهة «لعبة الثورة» في مصر، شحذ أحمد إبراهيم (28 عاما) كل تركيزه وهو يشاهد صورا متتابعة، بدت مخيفة، تظهر على حاسبه المحمول لمدرعة شرطة مصرية جديدة مزودة بشبكة كهربائية تحيطها من كل الجوانب، والملابس الجديدة المحصنة للشرطة العسكرية في مصر، وأخرى تشرح حجم السلطات الممنوحة لضباط الشرطة والمخابرات العسكرية وفق قانون الضبطية القضائية. المثير أن هذه الصور تلتها أخرى تتضمن إرشادات ثورية لمواجهة وسائل القمع المتوقعة من السلطة؛ في حال حدثت اضطرابات أو مظاهرات حاشدة في المرحلة المقبلة، والتي يرى مراقبون أنها ستكون أكثر عنفا مما سبق.

ومع حالة الشد والجذب بين المجلس العسكري وقوى الثورة للإمساك بلعبة السلطة، يتوقع مراقبون أن تندلع أحداث عنف واضطرابات حال تم إعلان فوز الفريق أحمد شفيق بجولة الإعادة في الانتخابات الرئاسية في مصر. وهو ما يعيد للمشهد مجددا «لعبة الثورة» والتي شهدت مواجهات طاحنة لإدخال قوى الثورة المتمردة - برشاقة ناعمة - في قفص «السلطة»، مما أسفر عن مقتل نحو ألف شاب وإصابة ثلاثة آلاف آخرين خلال ثورة 25 يناير.

وفيما كان يداعب ابنه ذا العامين، قال إبراهيم، الذي يعمل صيدلانيا، وشارك وزوجته في أحداث الثورة ومعظم المظاهرات السلمية التي تلتها: «لست خائفا من قمع السلطة.. ولا أعتبر ذلك عائقا في طريق مواصلة كفاح جيلي من أجل الكرامة والحرية.. هناك طريق واحد للحرية». وأضاف إبراهيم بتأثر: «المدرعات المكهربة ليست أكثر خطرا من المدرعات التي تدهس المواطنين»، في إشارة منه لدهس مدرعات الجيش لمتظاهرين أقباط في محيط ماسبيرو قبل 9 أشهر.

وانتشرت مؤخرا على مواقع التواصل الاجتماعي صورا لملابس جديدة مدرعة وشديدة التحصين للشرطة العسكرية في مصر، ظهرت مع إصدار وزير العدل المصري قانونا بمنح ضباط وضباط صف المخابرات والشرطة العسكرية قوة الضبط القانوني، مما يمنحهم حق القبض على المدنيين في الشوارع، خاصة في الأحداث التي تشمل مقاومة الحكام وعدم الامتثال لأوامرهم والتعدي عليهم بالسب وغيره وتعطيل المواصلات.

كما ظهرت مؤخرا سيارات للأمن المركزي، الذي خسر معركة الثورة في يناير (كانون الثاني) 2011، بغطاء كهربائي يصعق كل من يحاول إمساكها والسيطرة عليها، وهو ما علق عليه إبراهيم قائلا: «الاستعانة بكل تلك الأدوات والتصميم على إظهارها على مواقع التواصل الاجتماعي هو رسالة إرهاب للثوار وتخويفنا من المشاركة».

وأكد وزير الداخلية المصري استعداد الشرطة لمواجهة أي تجاوزات قد تحدث عقب الإعلان عن النتائج الانتخابية، مؤكدًا أن كل التجاوزات ستتم مواجهتها بمنتهى القوة ووفقا للقانون.. وأوضح أن وزارته ترصد كل الدعوات إلى التظاهر، أو إثارة الشغب عقب الإعلان عن هذه النتائج.

على الجانب الآخر، نشر نشطاء إرشادات للتغلب على المدرعات المكهربة، منها رشها بالمياه المالحة، أو استخدام أسلاك لجعل الشبكة المكهربة تصطدم بجسم السيارة وكهربتها، وأخيرا ارتداء قفازات وأحذية خاصة محصنة، كما أطلق آخرون صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي للتضحية بأنفسهم في مواجهة القمع.

ويعتقد محسن كمال، نائب مدير مركز أندلس لدراسات التسامح ومناهضة العنف، أن الآلة القمعية تجدي نفعا مع مظاهرات محدودة؛ وليس مع مظاهرات حاشدة أو واسعة. وقال كمال لـ«الشرق الأوسط»: «كلما زادت درجة القمع، كلما زادت قدرة المواطنين على ابتداع وسائل للمقاومة. كما أن العنف سيخلق نوعا من العند والمكابرة عند المصريين ضد السلطة».

وشهدت أحداث الثورة المصرية نوم المتظاهرين داخل جنازير الدبابات لمنعها من التحرك، كذلك وقوف الشباب في وجه سيارات الأمن المركزي، وأظهرت لقطات حديثة شابا مصريا يوقف قطار المترو لمساعدة متظاهرين على الهروب من الشرطة أثناء أحداث العباسية.. وهو ما علق عليه كمال قائلا: «المصريون كسروا حاجز الخوف وحطموا آلة القمع من قبل».