طبيبة تركية تدرب زملاءها الإسرائيليين على مكافحة التعذيب في السجون

من مجموع 750 شكوى ضد تعذيب فلسطينيين في إسرائيل بحثت 35 شكوى فقط

TT

عشية الاحتفاء باليوم العالمي للتضامن مع ضحايا التعذيب في السجون والمعتقلات، الذي يصادف يوم الثلاثاء المقبل، استضافت اللجنة الإسرائيلية ضد التعذيب الخبيرة التركية العالمية، الدكتورة شبنام كورور فنكنكي، لتقدم دورة تدريبية لأطباء إسرائيليين حول سبل اكتشاف آثار التعذيب وضرورة الكشف عنها أمام السلطات القضائية.

والتقت الدكتورة فنكنكي، في إطار الدورة، مجموعة من ضحايا التعذيب الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية وأجرت فحصا لأوضاعهم الصحية والنفسية من جراء التعذيب الذي تعرضوا له، لتوضح للأطباء الإسرائيليين مدى خطورة التعذيب وعمق الجريمة ضد الإنسانية الكامنة فيه. وقالت لهم إن على الطبيب الذي يتستر على التعذيب أن يدرك أنه يفتح الطريق أمام وقوعه هو نفسه ضحية تعذيب في المستقبل: «فأنت تحسب أنك تدافع عن أجهزة الأمن التي تدافع عن الوطن، ولكنك قد تجد نفسك ضحية للتعذيب الذي يمارسه هؤلاء ضد أي معتقل كان». وأوضحت الطبيبة التركية أنها هي نفسها تعرضت للتعذيب في السجون التركية في الماضي. وعندما أصبحت طبيبة طردت من عملها لأنها كتبت تقارير في التعذيب. ولكنها أشارت إلى أن الأوضاع في تركيا تحسنت من هذه الناحية في السنوات الأخيرة. ونصحت الأطباء الإسرائيليين بأن لا يسكتوا ولا يتستروا على التعذيب في السجون، بحجة أنه تعذيب لأبناء وبنات العدو. وقالت: إن التعذيب هو ضد الإنسانية وضد الوطن، أيا كانت ضحيته. ودعت نقابة الأطباء الإسرائيليين إلى تنظيم دورات لجميع الأطباء في هذا الموضوع، مؤكدة أن 33% من الأطباء في تركيا كانوا يؤيدون تعذيب المعتقلين، ولكن بعدما عبروا هذه الدورة انخفض عدد المؤيدين للتعذيب إلى 2%.

المعروف أن إسرائيل تعتبر واحدة من أكثر دول الغرب التي تمارس التعذيب في المعتقلات، خصوصا ضد الفلسطينيين. ويتابع مكتب منظمة الصليب الأحمر قضايا التعذيب في إسرائيل، ويعتبر هذا المكتب رابع أكبر مكاتب المنظمة في العالم. وفي آخر تقرير له كشف أنه رفع 750 شكوى ضد التعذيب في إسرائيل داخل معتقلات المخابرات، وقد قبلت المؤسسات القضائية البحث في 35 منها فقط. وأما بقية الشكاوى فقد أحيلت إلى المراقب الداخلي في الشاباك (المخابرات العامة)، وتم إغلاق جميع الملفات ولم يقدم أي ضابط مخابرات إلى التحقيق حولها.

يذكر أن إسرائيل كانت قد امتنعت عن التوقيع على ميثاق طوكيو لمنع الأطباء من التستر على التعذيب، طيلة 22 سنة. فقد صدر الميثاق في سنة 1975 وانضمت إليه إسرائيل في سنة 2007. كما انضمت إسرائيل إلى الميثاق العالمي لمنع التعذيب بوسائل وحشية في سنة 1988. أي بعد سنتين من إقراره في الأمم المتحدة. وفي سنة 1999 صدر قرار في محكمة العدل العليا في القدس يمنع استخدام عدد من وسائل التحقيق والتعذيب وقرر أن جهاز المخابرات العامة لا يملك الصلاحية لاستخدام وسائل تحقيق عنيفة وأن صلاحيات التحقيق لجهاز المخابرات العامة مثيلة لصلاحيات الشرطة. ولكن تقارير اللجنة الإسرائيلية لمناهضة التعذيب تشير إلى أن قوات الأمن الإسرائيلية ظلت تمارس التعذيب بحق آلاف الفلسطينيين في كل عام. وبحسب تقديراتها فإن كل من خضع للتحقيق تعرض إلى نوع واحد على الأقل من أنواع التعذيب خلال التحقيق.

وتعدد اللجنة المذكورة وسائل التحقيق والتعذيب التي يستخدمها جهاز المخابرات العامة (الشاباك) في إسرائيل على النحو التالي: تقييد في وضعيات مؤلمة لمدة ساعات وأيام متواصلة، يتخللها تغطية رأس الشخص بكيس عفن ورطب، عزل انفرادي في الزنزانة، ضرب، «هز» (هز جسم ورأس الشخص إلى الإمام والخلف بيد محقق الشاباك الذي يمسكه من كتفيه أو بطرف قميصه)، منع النوم والأكل، التعريض للبرد أو الحر، التكبيل لكرسي صغير ومائل، شتائم وإهانات نفسية، إسماع موسيقى مزعجة، تهديدات للمتهم أو لعائلته، منع الخدمات الصحية الأساسية وتبديل الملابس، عزل عن العالم الخارجي (لا سيما المحامي وأفراد العائلة) وأحيانا لمدة أشهر. وتضيف اللجنة أن كل هذه الأساليب تسبب ضررا نفسيا وأذى جسمانيا وفي حالات كثيرة أدت إلى الموت.

وتؤكد اللجنة على الحاجة لتغيير القانون الإسرائيلي، لأن قرار المحكمة العليا المذكور، ورغم إيجابيته وكونه الأول من نوعه، فقد «ترك ثغرات كبيرة تبيح وجود التعذيب والتنكيل في تحقيقات جهاز المخابرات العامة (الشاباك)، أخطرها هو: «الدفاع للضرورة» والذي يعفي من المسؤولية الجنائية أي محقق استخدم وسائل تحقيق ممنوعة، ولا سيما التنكيل الجسدي. بناء على اعتماد مبدأ «الدفاع للضرورة» فإنه عندما يتقدم شخص خضع للتحقيق بالشكوى عن تعرضه للتعذيب، فإن المستشار القضائي للحكومة يأمر بإجراء فحص مسبق للشكوى، وذلك من أجل التأكد أن الحالة كانت من نوع «الدفاع للضرورة» التي تعفي المحقق من المسؤولية، وبالتالي يتم إنهاء التحقيق دون مساءلة قانونية وحتى دون استكمال كافة الإجراءات اللازمة في أي تحقيق عادي، كما تقول اللجنة.