تضارب في المعلومات بين سقوط و«إسقاط» طائرة تركية في الأجواء السورية

صحافيون أتراك نقلوا عن أردوغان أن السلطات السورية اعتذرت.. وهو «لا يستطيع التأكيد»

TT

سيطر الغموض على ملابسات حادثات إسقاط سوريا مقاتلة تركية ووقوعها في المياه الإقليمية السورية، فيما تريثت أنقرة في رد الفعل «تجنبا لانفعالات ليست في موقعها» كما قال مصدر دبلوماسي تركي لـ«الشرق الأوسط».

وتضاربت المعلومات - كما التصريحات - التركية فيما خص الحادثة، فبعد إعلان مصادر عسكرية تركية عن إنقاذ الطاقم، وإعلان رئيس الوزراء التركي عن اعتذار سوري، عادت الأمور إلى الغموض مجددا مع نفي أردوغان وجود معلومات لديه عن «إسقاط» الطائرة من قبل السوريين، مفضلا استعمال عبارة «سقطت» نافيا وجود اعتذار سوري.

وأبلغت مصادر رسمية تركية «الشرق الأوسط» أن قطعا بحرية تركية وسورية شاركت في البحث عن حطام الطائرة والطيارين اللذين يعتقد أنهما سقطا في منطقة تبعد نحو 8 أميال غرب مدينة اللاذقية السورية، فيما رفض رئيس الوزراء التركي الحديث عن تداعيات هذه الحادثة على الوضع بين البلدين المتأزم أصلا بسبب انحياز تركيا إلى المعارضة السورية واستضافته قيادة «الجيش السوري الحر» المنشق عن النظام. واكتفى أردوغان بالقول: «فلننتظر ونر».

وقال صحافيون أتراك رافقوا أردوغان في رحلة العودة من البرازيل إلى أنقرة إن رئيس الوزراء أبلغهم أن السلطات السورية اعتذرت عن إسقاط الطائرة عن طريق الخطأ. وقال إن السلطات السورية سارعت إلى تقديم اعتذار جدي وأعربت عن أسفها. وأشار إلى أنه تم إبلاغ الجانب التركي أن الحادثة تمت عن طريق الخطأ. وعندما سأله أحد الصحافيين عما إذا كان الأمر سيشعل فتيل أزمة كبيرة، قال: «فلننتظر ونر».

غير أن أردوغان نفى هذه المعلومات في وقت لاحق قائلا إنه لا يستطيع أن يؤكد إسقاط السوريين للطائرة ولا اعتذارهم. وقال أردوغان: «فقدنا طائرة وحتى الآن ليست لدينا معلومات عما حدث وما إذا كانت قد أسقطت.. نعمل مع السوريين في إطار عمليات بحث وإنقاذ»، مضيفا أنه لا توجد معلومات أيضا عن مصير الطيارين اللذين كانا على متن الطائرة. ونفى أردوغان التصريحات التي نسبتها له صحيفة «حريات» بأن سوريا اعترفت بإسقاط الطائرة المفقودة وقدمت اعتذارا بهذا الشأن قائلا: «لم أتلق مثل تلك المعلومات». وأضاف: «لا أعلم ما إذا كان السوريون اعتذروا، وإذا اعتذروا لا أعرف عما اعتذروا» ورفض أردوغان الإجابة عن الأسئلة المتعلقة بأسباب عمل تلك الطائرة بالقرب من السواحل السورية.

وقالت مصادر عسكرية تركية إن الطائرة من طراز «إف 4» أسقطت من قبل الجيش السوري، مشيرة إلى أنها سقطت في المياه الإقليمية السورية. وتضاربت المعلومات حول مصير قائدي الطائرة، ففيما قالت مصادر عسكرية إن سلاح الجو التركي استطاع إنقاذ الطيارين اللذين كانا في المياه، من دون أن توضح ما إذا كان الإنقاذ تم في المياه السورية أم لا، أشارت محطة «سي إن إن التركية» إلى أن الطيارين أنقذا من منطقة تبعد 8 أميال عن المياه الإقليمية السورية، غير أن أردوغان ألقى بمزيد من الغموض حول مصيرهما بقوله إنه متأكد أنهما لم يقعا في أيدي القوات السورية.

وقالت المصادر إن السلطات التركية تنتظر إذنا من السلطات السورية لبدء عملية البحث عن حطام الطائرة في المياه الإقليمية السورية، وإن قوة من البحرية التركية توجهت إلى مقربة من مكان سقوط الطائرة. وقالت المصادر التركية إن الاتصال انقطع مع طاقم الطائرة بعيد إقلاعها من قاعدة مالاطيا، وإنها اختفت عن شاشات الرادار في منطقة تقع جنوب محافظة هاتاي الحدودية. وأشارت المعلومات إلى أن الطائرة أقلعت من القاعدة في العاشرة صباحا، وأن الاتصال انقطع معها قرابة الثانية عشرة ظهرا.

وانعقد مساء اجتماع أمني استثنائي في منزل أردوغان، حضره وزير الداخلية إدريس شاهين ووزير الخارجية أحمد داود أوغلو ووزير الدفاع عصمت يلماظ ورئيس أركان الجيش التركي نجدت أوزيل.

وبدوره، رفض الناطق الرسمي باسم وزارة الخارجية التركية سلجوق أونال الإفصاح عن المزيد من المعلومات حول الحادثة، قائلا لـ«الشرق الأوسط» إن المعلومات تشير إلى سقوط الطائرة، وإنه سوف يتم تزويد وسائل الإعلام بالمعلومات فور توفرها.

وكان أونال أكد أن بلاده تؤوي 32 ألف و700 لاجئ سوري، بينهم 12 جنرالا، مشيرا إلى أن الجنرالات الذين خدموا في الجيش السوري تحت قيادة الرئيس بشار الأسد هم الآن بمثابة ضيوف على تركيا. وقال إن أنقرة «تريد وتقوم بجهود مناسبة لوضع نهاية لحالة عدم الاستقرار في سوريا. بالنسبة لنا من المهم أن يقف نزيف الدم بأسرع ما يمكن. إنه أمر هام للشعب السوري وللدول المجاورة، لأن عدم الاستقرار في الأراضي السورية يؤثر على وضع الدول التي تحدها».

وشدد على ضرورة أن يقوم المجتمع الدولي بنشاط فعال لحل الأزمة السورية، مشيرا إلى أنه بعد إطلاق خطة كوفي أنان قتل في سوريا أكثر من ألفي إنسان، وهذا يعكس صعوبة الوضع هناك. واعترف بأن اجتماعي «مجموعة أصدقاء سوريا» ومجموعة الاتصال حول سوريا لم يعطيا نتائج بعد.

ونفى أونال ما قالته صحيفة «نيويورك تايمز» نقلا عن مسؤولين أميركيين وعناصر استخباراتية عربية بأن تركيا تهرب أسلحة عبر أراضيها إلى شبكة المعارضة السورية، وقال أونال «إنها معلومات لم يتم إثباتها». ونفى أن تكون تركيا تقوم بتزويد الأسلحة لأي بلد مجاور، بما فيها سوريا، مؤكدا أن الشعب السوري هو من يحل القضايا المتعلقة بمستقبله.

ونفى أونال أيضا صحة تقارير أنباء عن منع الصحافيين من زيارة المخيمات الإنسانية للنازحين السوريين جنوبي البلاد للاطلاع على أحوال اللاجئين الفارين من أعمال العنف بسوريا. وأشار إلى أن «السماح لممثلي وسائل الإعلام بدخول معسكرات اللاجئين السوريين يتم يوميا بشكل سلس ودون معوقات في إطار القواعد المعدة من السلطات التركية». واعتبر تقارير الأنباء التي أوردتها وسائل إعلام أميركية عن صعوبة دخول هذه المخيمات المقامة قرب الحدود الدولية مع سوريا بأنها «غير صحيحة».