«تأسيسية الدستور» تعقد ثاني اجتماعاتها اليوم.. قبل 48 ساعة من تحديد مصيرها

ممثلو الأزهر والكنيسة لـ«الشرق الأوسط»: مستمرون.. والحوار مبدؤنا وليس الانسحاب

TT

تعقد الجمعية التأسيسية المنوط بها صياغة دستور جديد في مصر، ثاني اجتماع لها اليوم (السبت)، في مقر مجلس الشورى (الغرفة الثانية للبرلمان) برئاسة المستشار حسام الغرياني، لبحث التوافق بين القوى السياسية حولها، ودراسة مقترحات الأعضاء بشأن اللائحة الداخلية والانتهاء من الإجراءات الخاصة بتعيين أمين عام للجمعية ووكيلين لرئيسها ومتحدث إعلامي أو أكثر لها، وسط جدل حول استمرار الجمعية، التي تواجه اعتراضات من قوى ليبرالية ويسارية، وتنتظر حكما قد يقضي ببطلان تشكيلها الثلاثاء المقبل، على غرار الجمعية الأولى.

وكانت الجمعية، التي يقول البعض إن أغلب أعضائها الـ100 من الإسلاميين، قد اجتمعت الاثنين الماضي في مقر مجلس الشورى، وتم اختيار المستشار حسام الغرياني، رئيس مجلس القضاء الأعلى، رئيسا للجمعية التأسيسية بالتزكية. وشهدت الجمعية انسحابات عديدة بين أعضائها قبل صدور حكم المحكمة الدستورية العليا بحل البرلمان، وإقرار المجلس العسكري الحاكم للإعلان الدستوري المكمل، مستندين إلى مخالفة تشكيل الجمعية للحكم القضائي بعدم مشاركة أعضاء مجلسي الشعب والشورى فيها.

وبينما يرى مراقبون أن «التأسيسية الثانية تشوبها أخطاء، وقد يطالها نفس حكم الجمعية الأولى، وأنها سوف تشهد استقالات جديدة بين صفوفها في اجتماع (اليوم)»؛ إلا أن ممثلي الأزهر والكنيسة أكدوا حضورهم اجتماع اليوم، وقالوا لـ«الشرق الأوسط»: «مستمرون في الجمعية.. والحوار مبدؤنا وليس الانسحاب».

وكان الإعلان الدستوري الصادر في مارس (آذار) 2011، قد كلف أعضاء البرلمان المنتخبين باختيار جمعية تأسيسية لكتابة الدستور، وانتخب البرلمان الجمعية التأسيسية الأولى قبل شهرين ثم أبطل تشكيلها حكم من القضاء الإداري، وتشكلت الجمعية الثانية قبل أيام من بدء جولة الإعادة في الانتخابات الرئاسية التي جرت يومي 16 و17 يونيو (حزيران) الحالي.

وقال الدكتور أسامة العبد، رئيس جامعة الأزهر، ممثل الأزهر في اللجنة التأسيسية للدستور، إن «الأزهر سوف يحضر اجتماع التأسيسية اليوم (السبت)، وإن الجميع داخل الجمعية مصرون على التوافق والخروج بدستور لكل المصريين». وتابع: «اتفقنا على نزع أي عباءة حزبية داخل الجمعية وأن تكون المصلحة الأولى هي مصلحة مصر»، لافتا إلى وجود إصرار داخل الجمعية على استقلال الأزهر الشريف، وأن يكون المرجعية الدينية الأولى والوحيدة في مصر.

وكان بعض نواب التيار السلفي قد تقدموا بمشروع إلى مجلس الشعب المنحل، للمطالبة بعدم اعتبار الأزهر المرجعية الوحيدة في البلاد.

وعن المادة الثانية من الدستور (والتي تنص على أن الإسلام دين الدولة، واللغة العربية لغتها الرسمية، ومبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع)، قال الدكتور العبد لـ«الشرق الأوسط»: ليس هناك أي خلاف داخل الجمعية على المادة الثانية، فهي التي تتضمن الحياة الكريمة والآمنة لكافة أطياف المجتمع، ولا نجد مشكلة في إضافة عبارة «أن يحتكم كل أصحاب ديانة إلى شريعتهم في الأحوال الشخصية وفي حال وجود أي خلاف»، مؤكدا الاسترشاد بوثائق الأزهر الثلاث داخل الجمعية، لأنها صيغت من كافة أطياف المجتمع ولاقت توافقا مجتمعيا.

وبخصوص حقوق المرأة في الدستور الجديد، أوضح الدكتور العبد، أن المرأة ليست نصف المجتمع كما يدعي البعض؛ لكنها كل المجتمع، فهي نصف المجتمع ومسؤولة عن النصف الآخر، فهي الأم والأخت والزوجة والابنة، والشريعة الإسلامية استوصت بالنساء خيرا، لذلك الدستور الجديد سوف يؤكد على حقوق المرأة دونما تفرقة على أساس العقيدة أو غير ذلك.

وفي معرض رده عن حقوق المسيحيين في الدستور الجديد، قال رئيس جامعة الأزهر: «هم شركاء لنا في الوطن، لهم ما لنا وعليهم ما علينا، وسوف نحرص في الدستور الجديد على إزالة أي فوارق»، كاشفا عن وجود تنسيق بين الأزهر والكنيسة، بقوله: «يربطنا بهم رباطا وثيقة الأزهر والوطنية».

من جانبه، أوضح الأنبا يوحنا قلته، نائب بطريرك الأقباط الكاثوليك؛ ممثل الكنيسة الكاثوليكية في الجمعية التأسيسية، أن «الكنيسة الكاثوليكية قررت عدم الانسحاب من تأسيسية الدستور»، مشيرا إلى أن الكنائس المصرية الثلاث اتخذت نفس القرار بالتنسيق مع الأزهر الشريف، نافيا ما تردد عن عدم دعوتهم للاجتماع (اليوم)، ومؤكدا أن «ممثلي الكنيسة سيحضرون الاجتماع».

وقال الأنبا قلته لـ«الشرق الأوسط»: «تثار الآن الكثير من التساؤلات حول استمرار الجمعية بعد قرار المحكمة الدستورية العليا حل البرلمان؛ إلا أننا في حالة استمرار عملها فلن نلجأ إلى الانسحاب، لأن الوجود خير من عدم الوجود»، مؤكدا أن الانسحاب ليس من وسائل الكنيسة وأن مبدأها الذي تسير خلفه هو الحوار.

وعن هيمنة الإسلاميين على الجمعية التأسيسية لوضع الدستور، قال نائب بطريرك الأقباط الكاثوليك: «الهيمنة والأغلبية الإسلامية واقع مصري واجتماعي لا يمكن إنكاره، وتأسيسية الدستور تعكس هذا الواقع، ومن ثم لا يوجد داع لكل هذه الموجة من الاعتراضات».

وفي السياق ذاته، أكد الدكتور فريد إسماعيل، وكيل لجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس الشعب المنحل، وعضو المكتب التنفيذي لحزب الحرية والعدالة (الإخواني)، إن «لجنة وضع لائحة عمل الجمعية التأسيسية قد أوشكت على الانتهاء من وضعها، حيث من المقررة عرضها على اجتماع الجمعية التأسيسية (اليوم)»، مضيفا: أن «الجمعية لم تشهد أي انسحابات رسمية من أعضائها، وما يتردد عن انسحابات غير رسمي».

في المقابل، قال السعيد كامل، رئيس حزب الجبهة الديمقراطية، إن «التأسيسية الثانية تشوبها أخطاء على غرار الجمعية الأولى التي أبطلتها محكمة القضاء الإداري في مصر، بسبب إصرار القوى الإسلامية على السيطرة على كل شيء».

وتوقع كامل أن «تلقى مصير التأسيسية الأولى لما بها من أخطاء»، مشيرًا في الوقت نفسه إلى أنها ستتصدى بقوة لأي محاولة من جانب المجلس العسكري للانفراد بوضع معايير تأسيسية الدستور.