سلمان.. أمير يسير على نهج الفاروق

المعادلة الصعبة تتحقق في شخصية ولي العهد السعودي

حديث ودي بين خادم الحرمين الشريفين وولي العهد
TT

«عدلت فأمنت فنمت».. جاءت هذه العبارة عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - حينما سأل عنه رسول كسرى، ووجده يغط في نوم عميق تحت شجرة، يده اليسرى تحت رأسه وسادة، ويده اليمنى على عينه تحميه من حرارة الشمس. ونظرا للكثير من القصص التي دونها التاريخ عن عدل وسماحة الخليفة عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - اجتهد الكثيرون من أصحاب القرار ووجهاء الدول كافة، في تحقيق هذه المعادلة الصعبة التي استطاع ثاني الخلفاء الراشدين تحقيقها، والتي تتمثل في إرساء مبدأ العدالة على الجميع، والعيش بأمان، نظرا لحب الناس.

وعلى الرغم من صعوبة تحقيق هذه المعادلة، لكن الأمير سلمان بن عبد العزيز نجح في تحقيقها، حتى أطلق عليه كل من تعامل معه لقب أمير الأمراء، وأمير العدالة. وتحدث كثير من عامة الناس وصفوتهم، عن شخصية الأمير سلمان بن عبد العزيز، واتفقت جميع الروايات على سمو شخصيته، التي فرضت احترامها وحبها في الوقت ذاته.

الخوف على الرعايا في الخارج

* وبحسب الأميرة سارة بنت فيصل بن فهد بن عبد العزيز آل سعود أكدت أن الأمير سلمان بن عبد العزيز يشتهر بلقب أمير الأمراء داخل العائلة المالكة، مشيرة إلى عدم تهاونه في أي خطأ يرتكبه أبناء أسرته، كما أن له عندهم هيبة ومكانة خاصة، فهو معروف لدى الجميع بعدالته وإنصافه، ووقوفه مع المظلوم وصاحب الحق، حتى ولو كان من بسطاء الناس وقضيته ضد أصحاب جاه ومكانة.

وتروي الأميرة سارة قصتها مع الأمير سلمان بن عبد العزيز أثناء اندلاع الثورة المصرية في يناير (كانون الثاني) 2011، عندما كانت تقيم في مدينة الإسكندرية لإكمال دراستها، قائلة «أثناء ثورة يناير كان الوضع شبه متأزم، خاصة بعد خروج المسجلين خطرا من السجون، وصعودهم للمنازل، وإيقاف السيارات في الشوارع لغرض السرقة». وأضافت «في هذه الأثناء اتصلت على القنصلية السعودية في الإسكندرية وأبلغتهم بالخطورة التي تواجهنا كسعوديين في مصر، ورغبتي في العودة أنا والوالدة إلى السعودية، لأن وجود البلطجية في الشوارع يمنعنا من الخروج».

وزادت بالقول إن «القنصلية طلبت منا محاولة الحصول على سيارة، والذهاب بها إلى القاهرة، والعودة للسعودية في أقرب رحلة، وبعد هذا الرد اتصلت فورا بأمير العدالة الأمير سلمان بن عبد العزيز، وهو قليل الكلام، ومستمع جيد، وقال لي اهدئي وإن شاء الله خير، وبالفعل بعد هذه المكالمة بدقائق، اتصلت بي القنصلية السعودية وأعلموني بقدوم سيارة تحت المنزل، لكي تقلني أنا والوالدة إلى المطار».

وأكدت أنها أثناء وجودها في المطار اكتشفت وجود العديد من الطائرات القادمة لنقل السعوديين إلى بلادهم، مما يعني أن الأمير سلمان أمر بحل مشاكل السعوديين عامة وليس الأمراء خاصة، مشيرة إلى مدى الاهتمام الفائق الذي أولاه الأمير سلمان لرعاياه السعوديين في الخارج.

عدالته وإنصافه

* ويستعيد الدكتور خالد باطرفي ذكرياته مع الأمير سلمان بن عبد العزيز قائلا «كنت طالبا في الدراسات العليا بالولايات المتحدة في نهاية التسعينات الميلادية، وأرسلت له رسالة أشكو فيها وضعي كطالب على حسابه الخاص لسنوات، رغم أن تقديري ممتاز وفي جامعة معتمدة لدى وزارة التعليم العالي وتخصص تحتاجه البلاد (الصحافة والعلوم السياسية). لم أكتب له باعتباره أميرا لمنطقة الرياض، ولكنني كاتبت أبا يرعى مواطنيه وأبناءه في جميع أنحاء المملكة وخارجها، ويهتم بشؤونهم وقضاياهم اهتماما شخصيا».

وأضاف «فعلا، لم يخب ظني في أمير الأمراء، فقد خاطب - حفظه الله - سفير خادم الحرمين الشريفين في واشنطن، فرد عليه السفير بأن الموضوع يخص وزارة التعليم العالي، فكاتب الوزير، وتابع معه حتى اتصل بي وكيل الوزارة، ليبشرني بأن معاملتي تمت الموافقة عليها بناء على توصية الأمير سلمان، ويرجوني في الوقت نفسه ألا أثقل على سموه بالمتابعة الملحة».

وزاد «عندما أخبرت الدكتور بأنني لم أفعل ذلك، قال: إذن ما سر متابعة الأمير الملحة؟! لم أجد جوابا غير أن الأمير أحس بظرفي الصعب، وثمن نتائجي الدراسية الممتازة، واقتضت عدالته أن ينصفني من بطء الإجراءات الرسمية، أو جهلي بمساراتها، فيعجل بتحقيق المراد. ولم يكتف بذلك - حفظه الله - بل أكرمني بدعم مالي من حسابه الخاص، لمساعدتي على تجاوز الصعوبات التي شرحتها لسموه، نتيجة تأخر البعثة».

وأكمل «بعد عودتي من السفر أهديته رسالة الدكتوراه، وتواصلت معه بعدها بشأن أناس بحاجة إلى عدالته، فأنصفهم رغم أن معاناتهم لا تقع في دائرة مسؤولياته كأمير لمنطقة الرياض. هذا هو الأمير سلمان الذي عرفت، والذي أعجبت به وأحببت، والذي أدعو له ما حييت».

اهتمامه بشؤون المبتعثين في الخارج

* وتذكر الدكتور صدقة فاضل أستاذ العلوم السياسية، علاقته بالأمير سلمان بن عبد العزيز، وقال «أذكر أني حظيت بالسلام عليه، واللقاء به مرات عدة. فمن يده الكريمة تسلمت شهادة التخرج (البكالوريوس) في جامعة الملك سعود بالرياض عام 1395هـ عندما رعى الأمير سلمان حفل تخرجنا في ذلك العام، باعتباره أميرا لمنطقة الرياض». وأضاف «كما حظيت بلقاء ولي العهد عندما زارنا في كاليفورنيا بأميركا عام 1981، لتفقدنا كطلاب مبتعثين سعوديين في تلك الأثناء، وأذكر أنه كان يشد من أزرنا ويشجعنا على الجد والاجتهاد للعودة إلى الوطن وتقديم ما يمكننا تقديمه من خدمة لهذا الوطن العظيم، لرد شيء قليل من جميله علينا».

وأوضح الدكتور صدقة فاضل أن الأمير سلمان أثناء زيارته كان يسأل كل واحد من الطلاب على أحواله وما يحتاجه، ويقدم لهم النصح والدعم الأبوي الكامل.

الأمير سلمان والصحافة

* الأمير سلمان بن عبد العزيز رجل دولة من الطراز الكبير، تمتد علاقاته واتصالاته لتشمل دائرة واسعة ومتنوعة من أبناء شعبه ورجالات الدول العربية والإسلامية والصديقة، وله روابط مع دوائر الإعلام، ومراكز الثقافة، ومؤسسات العلم ومراكز الأبحاث. وبات معروفا لدى هذه الدوائر أن الأمير سلمان هو «المرجع» الذي يذهبون إليه إذا احتاجوا إلى ذلك.

وأكد محمد الفال الكاتب والصحافي، أنه من النادر أن يزور السعودية كاتب أو صحافي أو إعلامي كبير، ولا يزور الأمير سلمان، مشيرا إلى وسائل الإعلام التي كثيرا ما ترجع إليه إذا حدث لها ما يحتاج إلى تدخله.

وقال إن «الأمير سلمان رجل دولة لم تشغله مسؤولياته الكبرى عن الاهتمام بقضايا الثقافة والإعلام، بل أصبح مرجعا كبيرا في تاريخ الجزيرة العربية وأخبار رجالاتها وأعلامها، وهو قارئ متابع لكل ما ينشر عن السعودية، وتاريخها، وقضاياها، ويبدي ملاحظاته وتوجيهاته إلى المسؤولين في الإعلام والصحافة في السعودية بصورة تشجعهم على إبداء الرأي، وإن كان مختلفا».

وأضاف «الأمير سلمان بن عبد العزيز يتفهم دور الإعلام وتأثيره، ويقدر اختلاف وجهات النظر حين تصدر من اجتهادات لا تحركها أهداف أو أغراض تسيء إلى الوطن، وأذكر أنني زرته للسلام عليه، بعد خروجي من رئاسة تحرير جريدة (المدينة) (...) يومها استقبلني الأمير سلمان بروح المسؤول المتفهم لاجتهادات المخلصين».

الأمير سلمان.. الموسوعة المتحركة

* من جهته، هنأ الأمير عبد الله بن سعود بن محمد رئيس اللجنة السياحية في غرفة جدة، الأمير سلمان بن عبد العزيز بمناسبة اختياره وليا للعهد ونائبا لرئيس مجلس الوزراء وزيرا للدفاع، معتبرا الأمير سلمان خير خلف لخير سلف، ووصفه بـ«الموسوعة التاريخية المتحركة». وأوضح أن مدرسة الأمير سلمان في الإدارة تقوم على معايير من الدقة والموضوعية والأمانة والعدالة وصولا إلى الحقائق المجردة تمهيدا لإصدار القرارات والأحكام، مشيرا إلى أن هذه الرؤية التي تقوم على الحصافة وتجارب السنين أبهرت كل من اقترب من الأمير سلمان.

وقال «ولي العهد رجل دولة من الطراز الأول، يتمتع بعلاقات قوية في الداخل والخارج، كما أن له أيادي بيضاء ممتدة في العمل الاجتماعي والخيري، من أجل المواطن. ويتمتع بثقة الجميع لما يمتلكه من خبرة وحنكة وفطنة في الإدارة، وفكر سياسي عميق، أهله لتولي الكثير من المهام والملفات داخليا وخارجيا».

وأعرب عن ثقته الكاملة في أن الأمير سلمان سيكون عضدا قويا لخادم الحرمين في إدارة شؤون البلاد خلال المرحلة المقبلة. ونوه بالعديد من السمات في شخصية الأمير سلمان، ومن أبرزها التواضع وحب الخير وحب العلم والقراءة، مما أهله ليكون بمثابة موسوعة تاريخية متحركة، خاصة في ما يتعلق بتاريخ المملكة.

وأشاد بالجهود النوعية التي بذلها ولي العهد في تطوير مدينة الرياض على مدى عقود طويلة، مما جعلها واحدة من أفضل العواصم في العالم.