كوفي أنان: إيران جزء من الحل وما يحدث في سوريا لا يمكن استمراره

مجموعة الاتصال تبحث بدائل ومقترحات لتقديمها لمجلس الأمن

كوفي أنان ورئيس بعثة المراقبين الجنرال مود قبل انطلاق المؤتمر الصحافي بجنيف أمس (رويترز)
TT

أكد المبعوث الخاص للأمم المتحدة والجامعة العربية كوفي أنان ضرورة توحد الأسرة الدولية من أجل الضغط على النظام السوري لوقف العنف وإيجاد حل سياسي للأزمة، مشيرا إلى استمرار المشاورات حول اجتماعات مجموعة الاتصال التي تجتمع في الثلاثين من الشهر الجاري في جنيف للبحث عن مقترحات لتنفيذ خطة السلام ذات الست نقاط. وحذر أنان من إطالة الوقت بحيث تخرج الأزمة السورية عن إطار السيطرة وتمتد إلى الدول المجاورة. وأكد أن مشاركة إيران في هذا الاجتماع هو ضرورة باعتبارها جزءا من الحل.

وخلال المؤتمر الصحافي المشترك بجنيف صباح أمس مع الجنرال روبرت مود رئيس بعثة المراقبين الدوليين في سوريا، قال أنان: «لقد دعمت قرار الجنرال مود عندما اتخذ قرارا صعبا بتعليق أنشطة بعثة المراقبين في سوريا، نظرا لتصاعد أعمال العنف. والمراقبون حريصون على استئناف عملهم والتزامهم بمساعدة الشعب السوري لكن يجب أن تسمح الظروف لهم بالقيام بعملهم، ولا يمكن أن يحدث ذلك إلا باتخاذ قرار استراتيجي لوقف العنف والتعاون الكامل مع المراقبين».

أشار أنان إلى مشاورات مكثفة مع عدد من الوزراء والمسؤولين في عواصم العالم حول ترتيبات عقد اجتماع وزاري لمناقشة ما يمكن اتخاذه من إجراءات إضافية لتنفيذ قرارات مجلس الأمن، وقال أنان: «لقد حان الوقت لزيادة مستوى الضغط على جميع الأطراف وإقناعهم بأن من مصلحتهم وقف القتال وبدء المحادثات». وأضاف: «نحن نمضي قدما، وعلينا الحفاظ على أهدافنا بحزم لوقف أعمال القتل ومساعدة السكان الذين يعانون، وتأمين عملية انتقال سياسي، وضمان ألا تمتد الأزمة السورية إلى الدول المجاورة».

وحذر أنان من إطالة الفترة دون التوصل لحل وقال: «كلما طال انتظارنا أصبح مستقبل سوريا أكثر قتامة ولا يمكن أن تكون العملية مفتوحة إلى ما لا نهاية، ومن الضروري أن تسفر مشاوراتنا عن نتائج إيجابية في وقت قريب، وخلاف ذلك، فإنني أخشى أن نصل إلى اليوم الذي يكون فد فات أوان وقف هذه الأزمة بحيث تخرج عن السيطرة».

وفي سؤال للصحافيين حول قدرة اجتماع مجموعة الاتصال على الخروج بنتائج تغيير الأوضاع في سوريا، أجاب أنان: «آمل أن مجموعة الاتصال التي تشمل الدول الأعضاء بمجلس الأمن والدول المعنية بالأزمة السورية تدرك ضرورة اجتماع المجتمع الدولي على رأي واحد، وأن تمارس ضغطا حتى يمكن التوصل إلى نتائج، لأن الوضع الحالي مدمر، ويؤثر على الشعب السوري» وأضاف أنان: «المجموعة ستناقش الإجراءات الإضافية التي يمكن اتخاذها لضمان تنفيذ خطة السلام ذات الستة نقاط وإذا اتخذنا قرارا سنعلنه».

وأبدى أنان تفاؤله بالقدرة على إحداث تغيير في الأزمة السورية وقال: «عندما يتحدث المجتمع الدولي بصوت واحد، ويمارس ضغوطا فإن شيئا ما يمكن أن يحدث، وقد مرت ثلاثة أشهر على خطة السلام ونحن نواصل الضغط، وعلينا إيجاد بدائل، وأسمع تعليقات بشأن عدم تنفيذ الخطة، وهناك أزمات دولية رأينا فيها عدم التزام بتنفيذ الخطط، ثم حدثت تحالفات استراتيجية أدت إلى تغيير الموقف والاستجابة، ونأمل أن نرى تغييرات إيجابية في موقف الحكومة السورية».

وحول مشاركة إيران في الاجتماع أكد أنان أن الأسبوع الحالي يشهد مناقشات لوضع الصورة النهائية لتشكيل المجموعة وقال: «رأيي الشخصي أن إيران هي جزء من الحل وأساند مشاركتها».

وفي أسئلة حول فشل الخطة والبدائل المتاحة للخطة، والتفكير في فرض حظر جوي على سوريا، قال المبعوث الخاص للأمم المتحدة والجامعة العربية «أنا أعمل بناء على تفويض من مجلس الأمن، وهو الذي يقرر ما الذي يجب القيام به، لكن الوضع الحالي لا يمكن أن يستمر إلى ما لا نهاية وإذا لم نتمكن من تنفيذ خطة السلام فما هي الخيارات التي أمامنا، علينا أن نفكر في تلك الخيارات ونبدأ في دراستها، لكن القرارات تعود في النهاية لمجلس الأمن، وقد تقدم مجموعة الاتصال اقتراحات لمجلس الأمن، لكن المجموعة نفسها لا تتخذ قرارات».

وفي سؤال حول التوقيت الذي يعترف فيه أنان بأن الأزمة خرجت عن نطاق السيطرة أجاب أنان: «هذا قرار يرجع للدول الأعضاء أن تتخذه والنقاش دائر الآن حول نشوب حرب أهلية، وعندما نصل إلى مرحلة يرى الجميع أن الوضع لا يمكن أن يستمر وخرج عن نطاق السيطرة، سندفع لنرى إذا كان بمقدورنا إقناع الدول باتخاذ خطوات أخرى» وأضاف أنان: «إننا لسنا بعيدين عن ذلك، وأناشد الجميع أن يضع السلام ومصلحة الشعب السوري أمامه».

واعترف كوفي أنان أن أطرافا داخلية في سوريا تقوم بالمراوغة لكسب الوقت وقال: «أقول بصراحة أن أطرافا معينة تقوم بكسب الوقت وأربط هذا الأمر بالداخل».

من جانبه، أوضح الجنرال روبرت مود أنه رغم تعليق أعمال البعثة فإن المراقبين لا يزالون مرابطين في مواقع في حماه ودمشق وحمص ودرعا وقال: «تعليق عمل البعثة لا يعني أننا لا نفعل شيئا، ونواصل الاتصالات التليفونية مع كافة الأطراف، ونقوم بدوريات على المستشفيات». وأكد مود أن مستقبل عمل المراقبين ومسألة تسليحهم هي أمور منوط بها مجلس الأمن وقال: «أنا لا أعتقد أن زيادة عدد المراقبين أو تسليحهم سيؤدي إلى تحسن الأوضاع». وأضاف: «وجود 300 مراقب في وضع يشهد عنفا مستمرا هو أمر صعب، لكنه جزء من مصدر قوتنا والوضع يحتاج إلى الكثير من الشجاعة».

وأبدى مود قلقه من أوضاع الجرحى في المستشفيات وقال «أشعر بقلق خاص من الاحتلال العسكري للمستشفيات ومنع تقديم الرعاية الصحية لمن يحتاجون والحاجة إلى خطط إنسانية ضرورية».

وحمل رئيس بعثة المراقبين المسؤولية على النظام السوري، مشيرا إلى أن المسؤولية الأولى تقع على عاتق الحكومة السورية في توفير الحماية للمدنيين وأوضح أن محاولات جمعية الصليب الأحمر لإجلاء المدنيين في حمص باءت بالفشل. وأكد مود زيادة أعمال العنف والاستخدام غير المقبول للأسلحة الثقيلة في المناطق السكنية داعيا جميع الأطراف المتقاتلة إلى التفريق بين المدنيين والمسلحين وإبقاء المدنيين بعيدا عن خط النيران.

من جهتها قالت مصادر رسمية فرنسية إن الأمور لم تنضج بعد في مجلس الأمن الدولي للسعي إلى استصدار قرار جديد تحت الفصل السابع يجعل تطبيق خطة المبعوث الدولي كوفي أنان ذات النقاط الست إلزاميا ويفرض عقوبات على الجهة المخالفة. وأفادت هذه المصادر، بالاستناد إلى ما حصل على هامش قمة العشرين في لاس كابوس (المكسيك) وبعدها من مناقشات مع المسؤولين الروس، أن ثمة حاجة إلى مزيد من التواصل والعمل مع الجانب الروسي «لأن الأمور لم تحسم بعد» في موسكو لجهة مستقبل النظام السوري وموقف موسكو منه.

وفهم أمس من المصادر الفرنسية أن الدول الساعية إلى قرار جديد من مجلس الأمن تحت الفصل السابع تفضل انتظار نتيجة المشاورات الجارية حاليا واجتماع «مجموعة الاتصال» في جنيف الذي يرجح التئامه نهاية الشهر الجاري بدل استعجال طرح مشروع قرار يواجه بفيتو صيني أو روسي أو الاثنين. ولا تريد هذه الدول «الوصول إلى طريق مسدود» في مجلس الأمن.

وحتى الآن، لم تطرح مسودة قرار في المجلس بل هناك «أفكار» يتم تداولها بينما المناقشات الحقيقية تدور في مكان آخر. لذا تفضل هذه الدول وبينها الدول الغربية وبلدان الجامعة العربية التعرف على مدى التغير الذي لحق بمواقف روسيا المعلنة التي عارضت حتى الآن فرض عقوبات دولية على سوريا قبل السير في مشروع القرار.

وترى باريس أن إحداث تحول في المواقف الروسية «يحتاج إلى وقت وإلى جهود إضافية». وحتى الآن، ذهبت التصريحات الروسية في كل الاتجاهات بحيث تشير إلى الشيء وعكسه الأمر الذي يمكن تفسيره بأن الجانب الروسي «لم يحسم بعد موقفه» أو أنه «لم يحصل بعد على ما يريده».

وتراهن المصادر الفرنسية التي كانت تتحدث أمس قبل المؤتمر الصحافي في جنيف الذي عقده أنان والجنرال مود، مسؤول فريق المراقبين الدوليين في سوريا، على ثلاث ديناميات متداخلة واحدة سلبية والأخريان إيجابيتان. وتتمثل الأولى في ما تراه باريس من «تقهقر» النظام السوري دبلوماسيا وسياسيا وأمنيا وعسكريا وتسارع الانشقاقات وخسارة المواقع العسكرية مثلما حصل في ثكنة في اللاذقية. وعلى هذا الصعيد، أعربت الخارجية الفرنسية أمس عن ارتياحها لانشقاق الطيار العقيد حسن مرعي ووصفت ما قام به بأنه «عمل شجاع». وقال الناطق باسم الخارجية برنار فاليرو إن العقيد حسن حمادة مرعي «ينضم إلى لائحة الضباط وصفوف الضباط والأنفار من الجيش السوري الذين اختاروا، أكثر فأكثر، طريق الكرامة والصراع من أجل الحرية في مواجهة همجية النظام السوري». وحثت باريس القوات السورية المسلحة على الاستمرار في الانشقاقات و«التوقف عن الخضوع لأوامر النظام المجرم في دمشق».

وترى باريس في المسار الجديد الذي تسلكه المعارضة السورية التي اتفقت مؤخرا في اسطنبول على برنامج سياسي وتتأهب لاجتماع في القاهرة برعاية جامعة الدول العربية نافذة للتفاؤل بوجود دينامية جديدة. وستدعى المعارضة للمشاركة في مؤتمر أصدقاء الشعب السوري في باريس. غير أن فاليرو رفض تحديد الجهة «أو الجهات المعارضة» التي ستدعى علما أن المجلس الوطني السوري هو الذي حضر اجتماعي تونس واسطنبول.

وفي السياق الأخير، ترى باريس أن هناك «دينامية دولية» للتعاطي مع الملف السوري تعكسها المشاورات الجارية على أكثر من صعيد إن في نيويورك أو جنيف أو في العواصم الرئيسية بعد المحطة المهمة التي شكلتها قمة العشرين في المكسيك وما شهدته من اتصالات.

وفي هذا السياق، قالت الخارجية الفرنسية إن وزراء الخارجية الأوروبيين الذين سيجتمعون في لوكسمبورغ يوم الاثنين القادم سيعمدون إلى رفض عقوبات مالية واقتصادية على هيئات ومؤسسات وأشخاص يعتبرهم الاتحاد الأوروبي إما مرتبطين بقمع النظام أو من المساندين له خصوصا ماليا.

وترى باريس أنه يتعين منذ الآن البحث في مصير قوة المراقبين الدولية في سوريا بعد انتهاء فترة انتدابها الأولى (20 يوليو /تموز). وحتى الآن تتمسك فرنسا ببقاء هذه القوة على الأرض رغم أنها لم تنجح في لجم العنف وتقليص عدد القتلى. وقال مصدر مسؤول عن المراقبين إن «الصعوبة تكمن في أن المراقبين مكلفون الحفاظ على وقف لإطلاق النار غير موجود». وبحسب هذا المصدر، فإن زيادة عديد القوة أو تسليحها «غير مطروحين لأنهما لن يكونا فاعلين» ما يعني بقاء الباب مفتوحا أمام كل الاحتمالات حول مستقبل القوة بما في ذلك انسحابها من سوريا.

ومن جانب آخر، أفادت الخارجية أن 153 دعوة إلى دول ومنظمات وهيئات للمشاركة في مؤتمر أصدقاء الشعب السوري في باريس في 6 يوليو قد وجهت حتى الآن. وتتوقع فرنسا أن يحظى مؤتمر أصدقاء الشعب المؤتمر الذي سيفتتحه الرئيس فرنسوا هولاند بمشاركة أوسع من تلك التي حظي بها المؤتمران السابقان.