تجاذبات دولية حول خطة أنان عشية انعقاد اجتماع جنيف لـ«مجموعة العمل»

مصادر غربية: يتعين متابعة ما يصدر عن لقاء كلينتون ولافروف لقياس نسبة نجاح المؤتمر أو فشله

وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون تقف بجانب السفير الأميركي لدى روسيا مايكل ماكفاول أثناء لقاء كلمته لدى لقائه ناشطين في منظمة حقوق الإنسان (رويترز)
TT

ساد الغموض، أمس، العواصم الغربية بخصوص مصير مؤتمر جنيف لـ«مجموعة العمل» حول سوريا بعد التصريحات الروسية المتناقضة، وما عد تراجعا من موسكو عن القبول بخطة المبعوث الدولي العربي، كوفي أنان، للوصول إلى حل سياسي يعتمد، في خطوطه العريضة، على تشكيل حكومة انتقالية تضم أعضاء من النظام والمعارضة في سوريا.

وأعربت مصادر دبلوماسية أوروبية عن دهشتها وعن «عدم فهمها» لما حصل في الفترة الفاصلة بين رد موسكو المبدئي الإيجابي على «ورقة» أنان التي وزعها على الدول الـ5 دائمة العضوية في مجلس الأمن المدعوة إلى جنيف، وتصريحات وزير الخارجية سيرغي لافروف بعد ظهر أول من أمس، الخميس، التي أحبطت الآمال المعلقة على الاجتماع. وأفادت هذه المصادر بأنها «عاجزة» عن معرفة ما إذا كان أنان قد «تسرع» في اعتبار أن موسكو وافقت على ورقته أم أنه قد استوعب «بشكل خاطئ» الجواب الروسي وفسره «على طريقته». وقال لافروف شيئين؛ الأول أن بلاده «لا يمكن أن تدعم حلا مفروضا من الخارج»، مما يعني عمليا ترك السوريين يتقاتلون في ما بينهم وإطلاق يدي النظام في تصفية الانتفاضة بالطريقة التي يراها، والثاني أنه «ليس هناك مشروع متفق عليه» للحل في سوريا، الأمر الذي ينسف جذريا جهود أنان ويعيد المفاوضات في جنيف إلى المربع الأول.

ولخصت مصادر دبلوماسية فرنسية، أمس، موقف الدول الغربية من اجتماع جنيف بقولها إن هذه الدول قبلت الذهاب إلى جنيف لأنها «رأت فيه فرصة للتقدم نحو الحل السياسي أما في حال غاب هذا الاحتمال فلا نرى فائدة من الاجتماع». وبعد أن أكدت باريس، أول من أمس، مشاركة لوران فابيوس، وزير الخارجية الفرنسية، في اجتماع جنيف إلى جانب الوزيرة الأميركية، هيلاري كلينتون، والوزير البريطاني، ويليام هيغ، فقد بدت أمس «متحفظة» إزاء هذه المشاركة. ودعت هذه المصادر إلى متابعة ما سينتج عن لقاء الوزيرة الأميركية ونظيرها الروسي لافروف في سان بطرسبرغ (مساء أمس) وما قد يتوصلان إليه من «تفاهمات» بشأن مستقبل سوريا، وخصوصا الضمانات التي يمكن أن توفرها واشنطن لموسكو بشأن مصالحها في سوريا والمنطقة. وقالت مصادر دبلوماسية عربية في باريس إن موسكو «تقصدت» صب ماء بارد على الغربيين عشية وصول كلينتون إلى سان بطرسبرغ بغرض «رفع الثمن» الذي تطلبه و«الإمساك بورقة إضافية للتفاوض» مع الجانب الأميركي والغربي.

ويبدو الخلاف الغربي - الروسي قويا حول «توصيف» ورقة أنان. فمن جهة، يرى الغربيون أن مضمون الورقة يمثل «الغائية» التي من المفترض أن يسعى المؤتمر للوصول إليها عبر خطوات «عملية» تقود من خلال مراحل متلاحقة إلى تحقيق الهدف المنشود أي التغيير السياسي في سوريا. وفي المقابل، فإن الجانب الروسي ينظر إليها على أنها «قاعدة» أو نقطة انطلاق للمفاوضات، مما يعني من جهة ترك الأمور «مفتوحة» ومن جهة أخرى تلافي «الحشر» في زاوية التغيير السياسي كما يفهمه الغربيون.

وأمس، استقبل لوران فابيوس، وزير الخارجية الفرنسي، رئيس المجلس الوطني السوري، عبد الباسط سيدا، ليبحث معه أمرين؛ الأول: اجتماع جنيف، والثاني: مؤتمر أصدقاء الشعب السوري، الذي دعت إليه فرنسا 153 دولة وهيئة ومنظمة، والذي سيعقد يوم السادس من يوليو (تموز) المقبل. وشدد الناطق باسم الخارجية، برنار فاليرو، أمس، على أهمية حضور المعارضة التي ستكون مبعدة عن اجتماع جنيف وأهمية توفير الدعم والمساندة لها. غير أن الخارجية لم تكن قادرة على تحديد ما إذا كان المجلس الوطني السوري وحده سيكون حاضرا في باريس أم أن هناك أطرافا أخرى من المعارضة السورية ستدعى إليه.

ولا تزال باريس ترغب، إذا ما تبين أن روسيا جاهزة لتليين موقفها في جنيف، في العودة إلى مجلس الأمن الدولي من أجل وضع خطة أنان تحت الفصل السابع، مما يفتح الباب أمام فرض عقوبات اقتصادية على الجهات الممانعة. وردا على الحجة القائلة إن تحقيق تقدم في جنيف ينفي الحاجة إلى قرار جديد في مجلس الأمن، أعربت المصادر الفرنسية عن تمسكها باستصدار قرار ملزم «لأنه ليس من المؤكد أن النظام السوري سينفذ آليا ما قد ينتج عن اجتماع جنيف، حتى وإن حظي بدعم روسي». ولذا، فإن ثمة حاجة لوجود «أداة ردعية» من شأنها حمل النظام السوري على الانصياع وقبول تنفيذ الخطة الدولية.