مود يغادر دمشق والنظام يرتكب مجازر في دوما ويخنق أحياء حمص المتمردة

السوريون يتحدون قصف النظام بمظاهرات جمعة «واثقون بنصر لله»

عناصر من الجيش السوري الحر في أحد أحياء العاصمة دمشق أول من أمس (أ.ب)
TT

رغم سقوط أكثر من 180 قتيلا يوم أول من أمس، خرجت مظاهرات يوم أمس، والتي سميت «واثقون بنصر الله» في مختلف أنحاء سوريا بعد صلاة الجمعة في محافظات حلب (شمال) وإدلب (شمال غرب) ودرعا (جنوب) وحمص (وسط) وريف دمشق واللاذقية (غرب) ودير الزور (شرق) وفي العاصمة دمشق.

وبينما بث الناشطون صورا للقتلى بنار قوات الأمن والجيش النظام في ريف دمشق ودير الزور وغيرها من مناطق، خلال يومي الخميس والجمعة كانت وسائل الإعلام الرسمية تبث تقاريرها حول نتائج العمليات العسكرية الشرسة والتمكن من قتل «إرهابيين في دوما وحمص ودير الزور»، وفي وقت غادر فيه رئيس بعثة المراقبين الدوليين في سوريا الجنرال روبرت مود دمشق إلى جنيف للمشاركة في الاجتماع لـ«مجموعة العمل حول سوريا» ومن المقرر عقده اليوم، وبث ناشطون يوم أمس مقاطع فيديو لما وصفوه بـ«المجزرة» وتظهر صور عشرات الجثث بينهم أطفال ونساء قتلوا في دوما جراء القصف العنيف المتواصل على المدينة منذ أكثر من أسبوع، وقالت مصادر محلية في مدينة دوما لـ«الشرق الأوسط» أن «النظام يرتكب مجازر في مدينة دوما، وأن هناك أكثر من خمسين جثة بينهما حالات ذبح وإعدام ميداني بالرصاص، ولفتت إلى أن عائلة السليك أحد عشر شخصا كانت تحاول الهرب من القصف إلى أحد الملاجئ حين داهمتهم قوات النظام وطلبت منهم الاتجاه إلى الجدار ثم رمتهم بالرصاص وقتلتهم جميعا، وهم جدة وولداها وزوجتهما وأطفالهما بالإضافة إلى ابنة اختهما مهندسة» وتابعت المصادر أن قوات النظام «تشن حملة مداهمات للمنازل وتقوم بعمليات قتل انتقامية متوحشة» حيث تم قتل «22 شخصا أغلبهم من عائلة طعمة تواجدوا في أحد الأقبية بينهم أطفال ونساء وذلك لأن أحد أبناء الأسرة شاهدته القوات النظامية يقوم بتصوير القصف» وأظهر مقطع فيديو أطفالا قتلى وما تزال الألعاب بأيديهم، وأكدت المصادر وجود نحو «أربع عشرة جثة في الشارع عند صالة الشيخ بكري جامع زين لم يتم التعرف عليها» في إشارة إلى أنه لم يتم إحصاء جميع القتلى الذين تم التعرف على 71 قتيلا، هذا ناهيك عن عشرات الجرحى بينها حالات خطيرة.

وقال ناشطون إن الممرضة رجاء اليوسف طوزان قتلت في دوما يوم أمس أثناء إسعافها جرحى القصف قرب منزلها، وتواصلت الحملة العسكرية التي يشنها النظام في مدينة دوما وسط قصف عنيف وقالت وكالة الأنباء السورية (سانا) إن «الأجهزة الأمنية المختصة واصلت يوم أمس الجمعة ملاحقتها للمجموعات الإرهابية في دوما ومداهمة أوكارها» وإن الاشتباكات أسفرت عن «مقتل العشرات من الإرهابيين وإصابة واعتقال عدد كبير منهم»، ونقلت (سانا) عن مصدر رسمي قوله: إن «الاشتباك أسفر أيضا عن تدمير مقرات رئيسية للمجموعات الإرهابية المسلحة ومراكز اتصالات وعربات مجهزة برشاشات تم العثور عليها خلال مداهمة أوكار الإرهابيين على سجون كانت تستخدمها المجموعات الإرهابية المسلحة لتعذيب المخطوفين والتنكيل بهم وقتلهم. كما عثر على مشاف ميدانية تحوي أجهزة طبية مسروقة من بعض المراكز والمقرات الصحية التي سطت عليها المجموعات الإرهابية» من جانبها قالت (الدنيا) الموالية للنظام نقلا عن مصادر خاصة أن «حملة استئصال الإرهابيين في دوما بريف دمشق تعتمد على نظرية العمل الجراحي وهي مستمرة على قدم وساق»، وبينما خرجت مظاهرات في عدة أحياء في مدينة دمشق وأكبرها كانت في مخيم اليرموك من جامع الحبيب المصطفى وتم رفع علم الثورة السورية والعلم الفلسطيني، وأطلقت قوات النظام الرصاص لتفريق المتظاهرين وجاءت هذه المظاهرة بعد يومين من اغتيال المسؤول العسكري لحركة حماس كمال غناجة في قدسيا في ريف دمشق، وما زال الغموض يلف ظروف اغتياله.

وشوهد تحليق للطيران الحربي فوق حي برزة، مع سماع دوي انفجارات وقصف على منطقة البساتين ببرزة، في وقت تواصل فيه القصف العنيف على مدينة حرستا القريبة من دوما، وبث ناشطون مقاطع فيديو تظهر المروحيات تقصف مدينة حرستا، وسمعت أصوات القصف في أحياء دمشق القريبة من حرستا، وقال ناشطون إن طائرة حربية حامت فوق حي الحدائق والجسرين جيئة وقامت بقصف الأراضي والمزارع في محيط حرستا ، كما شوهد طيران مروحي فوق حيي بابا توما والميدان وجرت اشتباكات عنيفة في عين ترما ظهر يوم أمس. جرى بعدها محاصرة عين ترما وتم قصفها بالمدفعيات. كما قصفت معضمية الشام والضمير في ريف دمشق، وقالت مصادر محلية في معضمية الشام إن قوات النظام «استهدفت المحال التجارية والمنازل والسيارات وكل شيء يتحرك كما شوهد تحليق للطيران وتدمير الكثير من المنازل والمحال التجارية جراء إطلاق الرصاص الكثيف بالقرب من الكازية على الشارع العام».

وقال الجنرال مود ظهر يوم أمس قبل مغادرته دمشق «أنا ذاهب إلى جنيف للمشاركة مع اللاعبين الفاعلين المجتمعين هناك والذين سيبذلون ما بوسعهم من أجل إيجاد طريق سلمي للخروج من الأزمة في سوريا»، وأضاف مود «رؤساء الدول والمنظمات الدولية موجودون هناك وأنا أحمل معي الصوت من دمشق الصوت من الأرض ووجهة نظر بعثتي، للمشاركة في إيجاد حل وللتحرك نحو الأمام فيما يخدم تطلعات ومصالح الشعب السوري»، وتشارك في هذا الاجتماع الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن (أميركا، فرنسا، بريطانيا، الصين، وروسيا)، تركيا، الاتحاد الأوروبي، قطر، الكويت والعراق.

وكانت وقعت اشتباكات فجرا في مدينة النبك في منطقة القلمون، مع استمرار تعرض مدينة حمص وريفها للقصف العنيف، قصف مدفعي عنيف على حي جورة الشياح في مدينة حمص وسط إطلاق نار كثيف من رشاشات جيش النظام الثقيلة، في محاولة لاقتحامهما حيث استمرت الاشتباكات العنيفة هناك، وما تزال عشرات العائلات عالقة في تلك الأحياء تعيش حالة حصار قاتلة مع انعدام وصول المواد الغذائية والإغاثية، حيث فشلت منظمة الصليب الأحمر مجددا في إخراج تلك العائلات، وجدد المرصد السوري مناشدة «كافة المنظمات والهيئات ومنظمتي الهلال والصليب الأحمر إرسال طواقم طبية بشكل عاجل إلى مدينة حمص» حيث توجد نحو 1000 عائلة محاصرة. وجاء في البيان «تتعرض مدينة حمص لأشرس هجمة عسكرية منذ انطلاق الثورة مع حصار خانق على أحياء الخالدية وجورة الشياح والقصور والقرابيص وكافة أحياء حمص القديمة منذ ما يقرب الشهر، الأمر الذي جعل من الوضع الإنساني كارثيا على كافة الصعد».

وأشار إلى «نقص أكثر من حاد في الاحتياجات الأساسية للمعيشة وخصوصا الخبز، إذ يضطر الأهالي إلى استهلاك الخبز اليابس والقديم»، إضافة إلى انقطاع المياه والكهرباء والنقص في المحروقات والأدوية والمشافي. وأشار إلى أن العائلات المحاصرة «تواجه خطرا حقيقيا ولا يتوافر لهم أي شيء»، مطالبا بوقف «حملة الإبادة الشرسة التي تطال ما بقي من سكانها الأمر الذي قد يؤدي إلى حدوث مجزرة جماعية».

وخرجت مظاهرات في مدينة حمص وريفها في حي الملعب وفي القصير، وتجدد القصف العنيف على القصير وتلبيسة والحولة.

وفي مدينة دير الزور، استمر القصف على أحياء عدة لليوم الثامن على التوالي وسقطت القذائف على أحياء الحميدية والعرفي والجبيلة والعمل، وقالت مصادر محلية في دير الزور إن قوات الأمن والشبيحة قاموا بنهب المحلات والبيوت في المناطق التي يسيطر عليها الجيش النظامي، ورغم ذلك خرجت مظاهرات حاشدة في أحياء: المطار - الجبيلة – الجورة – العمال، في منطقة العرضي اكتفى المتظاهرون بالتكبير داخل المسجد بعد أن حذرهم الجيش الحر من التجمع خشية القصف المستمر على الحي.

وقالت لجان التنسيق المحلية إن «الحملة الدموية التي يشنها جيش النظام على المدينة استمرت لليوم الثامن على التوالي بقصف عنيف على معظم أحيائها، وسقط أكثر من مائة وثمانية وخمسين شهيدا بينهم نساء وأطفال والطبيب المسعف بشار اليوسف في الهلال الأحمر الذي استشهد، برصاص قناصة في الرأس، وأكثر من 2000 جريح بين مشاف ميدانية ومشاف خاصة وتردي الأوضاع الصحية بسبب نقص الكوادر الطبية والأدوية وعدم التمكن من إجراء عمليات جراحية في ظل القصف وتهدم عدد كبير من المنازل والمحال التجارية جراء استمرار القصف العشوائي».