مردوخ: لن أسمح أن تعاني شركة تضم كبريات الصحف ماليا من دون وجود شبكة أمان

بعد إنشائه شركة نشر جديدة تضم نحو 175 صحيفة وتقدر قيمتها بنحو 5 مليارات دولار

روبرت مردوخ يغادر منزله في نيويورك يوم الخميس (رويترز)
TT

قام روبرت مردوخ بخطوة لتسجيل أهداف جديدة يوم الخميس من خلال شروعه في حملة دعاية تهدف إلى التغني بفرص نجاح الصحف التابعة لمؤسسة «نيوز كوربوريشين» بعد الإعلان في وقت سابق عن قرار إدارتها من خلال شركة منفصلة. وقال مردوخ خلال مقابلة تمت عن طريق الهاتف إنه لن يسمح لشركة نشر، تنضوي تحت لوائها صحيفة «وول ستريت جورنال» و«نيويورك بوست»، و«تايمز أوف لندن»، وقسم الكتاب في «هاربر كولينز» فضلا عن مطبوعات أخرى، أن تعاني ماليا دون وجود شبكة أمان متمثلة في قنوات «الكابل» التابعة لـ«نيوز كوربوريشين» المربحة والتي تشهد نموا سريعا. وقال مردوخ، الرئيس التنفيذي لمؤسسة «نيوز كوربوريشين»: «شركة داو جونز تملك مقومات البقاء وكذلك صحيفة وول ستريت جورنال». وفي الوقت الذي عبّر فيه العاملون في صالة التحرير عن قلقهم من عدم امتلاك أصول ترفيهية مثل قناة «فوكس نيوز» و«توينتيث سينشري نيوز» من أجل دعم الصحافة الورقية، يقول مردوخ إنه لا يرى أي داع لهذا الشعور. وأضاف تشيس كاري، كبير مديري العمليات في «نيوز كوربوريشين»، الذي تم إجراء مقابلة معه هو الآخر، أن إدارة الصحف من خلال شركة منفصلة سيمنح تلك الصحف الحافز للنمو وتحقيق النجاح. وتمثل تلك التعليقات دعما قويا للصناعة المتعثرة وتفنيدا لما يقوله النقاد الذين يصورون الصحافة الورقية على أنها مجال في طريقه إلى الزوال، ولا توجد فرصة كبيرة لنجاحه.

وبدا مردوخ في المذكرة الموجهة إلى العاملين بشأن الإعلان عن هذه الخطوة، مستمتعا بالفرصة التي ستمكنه من إثبات خطأ حكم الناس على الصحف الخاصة به، حيث كتب: «يقلل المتشككون من قدر مجال النشر على نحو كبير». مع ذلك يمثل هذا القرار تغيرا جوهريا نادرا بالنسبة لمردوخ، الذي أقام مؤسسته على الصحف ورفض لسنوات عروض إدارتها من خلال شركة مستقلة عبر طرح أسهم جديدة خاصة بشركة تابعة للمجموعة، لكن مع زيادة التحديات المالية التي تواجه مجال الصحافة الورقية وبعد تشويه فضيحة التنصت في بريطانيا سمعة مؤسسة «نيوز كوربوريشين»، تعالت دعوات حاملي الأسهم المطالبة بفصل الصحف عن المؤسسة. كذلك تبنى كاري وديفيد ديفو، كبير المديرين الماليين، وهم من أهم مساعدي مردوخ، الموقف نفسه. وفي النهاية اقتنع مردوخ أن فصل وحدات النشر عن الوحدات الترفيهية هو الصواب وأقرّ مجلس إدارة الشركة هذه الخطوة مساء يوم الأربعاء. وقال مردوخ يوم الخميس في مكالمة جماعية مرئية مع محللين: «لا أريد أن أخفي حقيقة أنني عشت من أجلها (الصحف). إنها خطوة كبيرة ويعد القيام بهذا قرارا مهما بالنسبة لي».

ومن المقرر أن يكون إجمالي قيمة شركة النشر الجديدة، التي تضم نحو 175 صحيفة، بحسب تقديرات المحللين، أقل من الـ5 مليارات دولار الذي دفعها مردوخ عام 2007 من أجل شراء شركة «داو جونز»، التي تتولى نشر «وول ستريت جورنال» و«بارونز» و«داو جونز نيوزوايرز». وارتفع سعر سهم «نيوز كوربوريشين» بنحو 10 في المائة منذ إعلان الشركة يوم الثلاثاء عن تفكيرها في أمر فصل إدارة الصحف عن المؤسسة. وقال مردوخ في المقابلة: «أوضحت السوق فيما يتعلق بشركات أخرى أن هذا سوف يضع الكثير على شركة الإعلام والترفيه أكثر مما سيضع على الأخرى». مع ذلك أشار إلى انفصال «فياكوم» في نهاية عام 2005 والتي تم خلالها فصل المحطات التلفزيونية للإمبراطورية الإعلامية لتكون تحت إدارة شركة أخرى هي شركة «سي بي إس كوربوريشين». منذ عملية الانفصال، تفوقت «سي بي إس» على شقيقتها السابقة، حيث ارتفع سعر سهمها بنسبة 3,4 في المائة، في الوقت الذي ارتفع فيه سهم «فياكوم» بنسبة 16,8 في المائة فقط. وأوضح مردوخ قائلا: «كانت (سي بي إس) تعد يتيمة آنذاك، لكن انظر إلى وضعها الآن». ومن المتوقع أن يكون للشركة الجديدة ميزانية كبيرة، حيث قال أحدهم إن ما لها سيكون أكبر مما عليها. وستضم، إضافة إلى الصحف و«هاربر كولينز»، قسما تعليميا وأصولا أخرى في أستراليا.

وأكد مردوخ عدم وجود أي علاقة بين توقيت عملية الانفصال وفضيحة التنصت في بريطانيا والتي تسببت في إحراج الشركة وإجبارها على التخلي عن محاولتها الاستحواذ على 60 في المائة من «بريتيش سكاي برودكاستينغ» التي لم تكن تمتلكها. وقال: «لقد توصلنا إلى توافق واتفاق على أن هذا هو الأمر الصائب وعلى عدم وجود أي داع للإبقاء على وضع المؤسسة بهذا الشكل». وقال عندما سألته «فوكس بيزنس نيتورك» عما إذا كانت «نيوز كوربرويشين» لا تزال تريد امتلاك «بريتيش سكاي برودكاستينغ»: «لقد حسمنا أمرنا. إنها مليارات الدولارات، وإذا لم تكن بريطانيا تريدها، سيتعين علينا العثور على مكان آخر». ولا يزال هناك الكثير من الأمور غير الواضحة بشأن الشكل الذي ستكون عليه شركة النشر ومن بينها بنية رأس المال والرئيس التنفيذي للشركة. وقال مردوخ إنه سيختار على الأرجح واحدا من بين عدد من كبار المسؤولين التنفيذيين في الصحف. وقال مردوخ في مقابلة مع «سي إن بي سي» إنه ربما يغير اسم «وول ستريت جورنال» ويكتفي باختصاره في «دابليو إس جيه». وأجاب مردوخ عن سؤال محللين عن مستقبل الصحف التي يمتلكها قائلا: «تتمثل الإجابة في كلمة واحدة هي رقمي»، حيث أوضح أن «الشركة سوف تضاعف جهودها في أعمال النسخ الرقمية مشيرا إلى أن الأخبار هي السلعة التي تتمتع بأكبر قيمة في العالم، فقد تراجع شراء الناس للصحف الورقية».

كان إقبال الإعلام على مردوخ يوم الخميس غير عادي، حيث فاق عدد المقابلات ما أجراه من مقابلات عقب فضيحة التنصت. مع ذلك أوضح أحد المصادر المقربة من الشركة إنه من الضروري لمردوخ إقناع الأسواق والرافضين بالتزامه بالعرض. وقال مردوخ إن آراء المحللين الماليين لا تؤثر على ما يتخذه من قرارات خاصة بالعمل. وصرح لمحطة «بلومبيرغ تليفيجين»: «لقد تخلوا عني عندما أنشأت فوكس نيوز، وكذلك عندما اشتريت صحيفة ذا صن في لندن. لقد ساهم المحللون في انخفاض سعر أسهمنا، ولا يهمني كثيرا ما يقولون». سوف يحصل مساهمو «نيوز كوربوريشين» على أسهم عادية في شركة النشر من فئة الأسهم التي يحملونها في الشركة الحالية بحسب ما جاء في بيان صحافي.

ولن تتخلى أي من الشركتين عن نظام الأسهم التي تصدر بفئات متعددة تبعا لحقوق التصويت والأرباح على الأسهم، والذي يمكّن عائلة مردوخ من السيطرة على نحو 40 في المائة من كتلة التصويت.

وسيتراوح سعر سهم شركة النشر ما بين 50 سنت و1,40 دولار بحسب ريتشارد غرينفيلد المحلل بمؤسسة «بي تي أي جي ريسيرش». ومن المتوقع أن تستغرق عملية الفصل 12 شهرا ولم يتم الاستقرار على شكلها النهائي بعد، حيث صرح مردوخ لمحللين بأن عملية إعادة التنظيم لم تتم بعد ولا تزال هناك الكثير من الخطوات التي لم تتخذ بعد.

* شارك في إعداد التقرير مايكل دي لا ميرسيد

* خدمة «نيويورك تايمز»