مولد النجم بالوتيللي.. لكن برانديللي يستحق الأوسكار

أندريا مونتي

TT

لقد ولد النجم أخيرا وأصبح رمزا لإيطاليا الجديدة. إنه سوبرماريو بالوتيللي، فتى الأحلام، وكنا قد قلنا عقب مباراة إنجلترا إن حدود الأزوري هو السماء، ولم يكن ذلك من قبيل المبالغة بل كان رأيا صادقا، وأثبت أمام ألمانيا أنه قادر على بلوغ عنان السماء التي تلونت بالأزرق الإيطالي في وارسو.

وقد نجح الأزوري في سحق منتخب ألمانيا الشاب مخالفا كل التوقعات التي كانت ترى إيطاليا هي الأضعف، ووصل إلى حيث لم يتوقع أو يجرؤ أحد على التصور، واستحق الوصول لنهائي أمم أوروبا من خلال أدائه لكرة قدم رائعة ومنظمة، كما استحق أيضا الحظ الجيد الذي لا يحالف إلا الشجعان. لقد أضاف نجوم إيطاليا انتصارا جديدا للكرة الإيطالية على ألمانيا، يضاف إلى سجل الانتصارات التي حققها في السابق ريفيرا وباولو روسي وليبي وكانافارو وفابيو غروسو، وكان بالوتيللي هو نجم ذلك اللقاء الأول بلا منازع، وبغض النظر عن نتيجة مباراة إسبانيا في النهائي – وأعتقد أننا سنلعب بشكل رائع في هذه المباراة – أثبت المدرب برانديللي أنه أستاذ في كرة القدم وفاز بالرهان الصعب.

وبمناسبة الحديث عن المدرب أطلق برانديللي قبل المباراة إشارات مثيرة لقلق عشاق المنتخب حيث لمح إلى إمكانية تركه لتدريب الفريق عقب البطولة. لكن هذه المسألة تبدو في طي النسيان الآن بعد الفوز الرائع لإيطاليا وأصبح طريق برانديللي مع المنتخب مرسوما حتى مونديال البرازيل 2014. ولا شك أن برانديللي لديه الكثير مما يستحق التذمر والشكوى. فقد منعته الأندية من إقامة معسكرات قصيرة للاعبين قبل البطولة بفترة كافية وجاءت فضيحة المراهنات والتلاعب بالنتائج لتلقي بظلال من التشاؤم والقلق على المنتخب قبل انطلاق البطولة، ونحن الآن ندين له بالشكر الوفير. فالانتصارات التي حققها المنتخب معه تمنح كرة القدم الإيطالية الغارقة في المشكلات والتي تعاند الشباب وتقصيهم فرصة ذهبية للانطلاق من جديد.

ورغم أنه استراح لفترة تقل عن نظيره الألماني بيومين كاملين، أدى الأزوري مباراة مثالية، ولا ينبغي أن يقول أحد إن الألمان هاجموا أكثر من إيطاليا. فقد كان لاعبو إيطاليا قادرين على حسم المباراة بعدد وافر من الأهداف لو تحلوا بالمزيد من الهدوء داخل الملعب، وبفضل الهدفين الرائعين اللذين أحرزهما الهوائي بالوتيللي نجحت إيطاليا في الحفاظ على تفوقها التاريخي على ألمانيا الذي حاول لوف ولاعبوه إنهاءه في هذه المباراة الهامة. إن كرة القدم ثقافة وتجديد، وعندما نتذكر ذلك ننجح في التفوق على الجميع. لم يكن منتخب إيطاليا يستطيع أداء هذه المباراة بالضغط على منافسه ولهذا اختار المدرب طريقة الرقابة دون تكتل دفاعي زائد والاعتماد على الانطلاقات السريعة والتوغلات الذكية للاعبين، وجاء هدفا إيطاليا من خلال هذه الطريقة بفضل المهارة الكبيرة لكاسانو ومونتوليفو وبراعة بالوتيللي الفائقة في إحراز هدفين حسما اللقاء لصالح إيطاليا.

وبعد الكثير من الجدل وربط المباراة بالشأن السياسي والاقتصادي بين روما وبرلين، تم وضع كرة القدم في مكانها وحجمها الطبيعي واستمتعت الجماهير بالمباراة الرائعة بعيدا عن أي اعتبارات أخرى، وسوف تستمر المنافسة بين إيطاليا وألمانيا في الأيام القادمة على الصعيد الاقتصادي وطرق حل الأزمة الاقتصادية ومشكلة اليورو، لكن الاحتفالات التي عمت شوارع إيطاليا بعد المباراة أثبتت أن الجماهير تدرك جيدا أن الفارق بيننا وبين الألمان يمكن تقليصه أيضا على الصعيد الاقتصادي، وسوف تواجه إيطاليا غدا إسبانيا بطل العالم في كييف، ولا يعتبر منتخب إسبانيا أقوى من ألمانيا، ومقارنة بمباراة الافتتاح أمام إسبانيا أصبح لدى إيطاليا الآن بالوتيللي أكثر قوة، ويبقى عنان السماء هو حدود المنتخب الإيطالي، ومهما كانت نتيجة المباراة النهائية يستحق برانديللي الإشادة ونحن نناشده أن يبقى مع المنتخب بعد البطولة لأن الأمر يستحق ذلك.