أبو مازن يتراجع عن استقبال موفاز جراء ضغوط شعبية وفصائلية

الفلسطينيون رفضوا فكرة استقبال «المجرم» في «ساحة الجريمة»

أبو مازن يصلي الجمعة في مسجد المقاطعة في رام الله أمس (وفا) .. وفي الاطار شاؤول موفاز
TT

تراجع الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن) عن لقاء كان مقررا اليوم مع شاؤول موفاز نائب رئيس الوزراء الإسرائيلي زعيم حزب كديما، في مقر الرئاسة برام الله في الضفة الغربية، بعد ضغوط شعبية كبيرة وأخرى من حركة فتح والفصائل الفلسطينية، التي لا يرى بعض قادتها وجزء من قاعدتها جدوى هذه الزيارة.

وتركزت كل هذه الضغوط في اليومين الأخيرين على ضرورة رفض استقبال موفاز الذي كان يشغل منصب رئيس أركان الجيش إبان حملة ما يسمى السور الواقي ومجزرة جنين عام 2002 التي أعاد خلالها الجيش احتلال مناطق السلطة الفلسطينية، وبصفته مسؤولا مباشرا عن قتل مسؤولين وشبان وأطفال فلسطينيين في الضفة وقطاع غزة في الانتفاضتين الأولى والثانية.

وتعد استجابة أبو مازن للضغوط الشعبية، فريدة من نوعها، باعتباره صاحب مدرسة لا تجاري المزاج الشعبي العام. وطالما تعرض الرجل لانتقادات واسعة بسبب تصريحات ومواقف ولقاءات كانت تضعه في مواجهة التيار، رافضا الانجرار وراءه.

وقال عزام الأحمد، عضو اللجنة المركزية لفتح، «تقرر إلغاء اللقاء، لأنه ليس ذات أهمية». وأضاف في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»: «موفاز لا يحمل معه شيئا ولا ينتظر منه شيء».

وكان مفترض أن يقابل أبو مازن موفاز اليوم في رام الله، بعد طلب الأخير لقاءه، في محاولة منه لإقناع السلطة بالعودة إلى طاولة المفاوضات واستغلال تشكيل ائتلاف حكومي جديد في إسرائيل.

وفي بداية الأمر، قالت السلطة إنها تدرس الطلب، قبل أن تعلن مصادر إسرائيلية أنه تقرر الأحد في رام الله، فنفت السلطة بشدة، ثم قالت إنه محتمل وليس أكيدا، ثم أكدت، قبل أن تعلن أمس تأجيل اللقاء إلى موعد غير محدد ومكان غير معروف، ويعتقد أنه قد يجري في عمان.

وأرجع «صوت إسرائيل» سبب التأجيل إلى أن «الأمر يتعلق بارتباطات طارئة في مواعيد رئيس السلطة الفلسطينية». غير أن مصادر فلسطينية قالت لـ«الشرق الأوسط» إن «الضغوط الشعبية كانت سببا رئيسيا ومهما ومباشرا». وأضافت «كما أن عدم تقديم موفاز وعودا بشأن إطلاق سراح معتقلين، ساهم في إلغاء اللقاء».

وكانت السلطة تأمل الحصول على تعهدات من موفاز بإطلاق سراح أسرى ما قبل اتفاق أوسلو، وعددهم نحو 132. وكان الرئيس الفلسطيني قد تعرض لموجة انتقادات واسعة، من نشطاء وسياسيين وكتاب وشعراء وصحافيين ومؤسسات لنيته استقبال موفاز في رام الله.

وأطلقت مجموعات شبابية ناشطة حملات ضد استقبال «مجرم الحرب» في رام الله، وطالبوا باعتقاله ومحاكمته بدل استقباله، وتقدموا ببلاغ للنائب العام الفلسطيني بهذا الصدد.

ولأول مرة، يتفق الفلسطينيون، يمينا ويسارا، على رأي واحد، وكان هذا موقف فتح وحماس وفصائل في منظمة التحرير.

ويبدو أن السلطة أرادت تجنب الإحراج بلقاء الرئيس بموفاز، كما أرادت تجنب أي احتكاكات مع المتظاهرين الذين كانوا ينوون التظاهر أمام المقاطعة لمنع موفاز من دخولها، إذ كان من المفترض التظاهر سلميا أمام مقر المقاطعة لاعتراض طريق موفاز ومنعه من الدخول، وهو الأمر الذي كان يمكن أن يتطور إلى مواجهات.

ويتهم الفلسطينيون موفاز، بالمسؤولية عن قتل المئات منهم في غزة والضفة، بما في ذلك إصدار أوامر اغتيال عندما كان رئيسا للأركان ووزيرا للدفاع، وبالمشاركة أيضا في حصار الرئيس الفلسطيني السابق ياسر عرفات. وشكلت هذه النقطة، موضع جدل كبير.

ورفع متظاهرون في رام الله لافتات حول «عودة المجرم إلى مسرح الجريمة»، وانتشرت على صفحات «فيس بوك» و«تويتر» صور كثيرة تتهم موفاز بقتل عرفات وأطفال وآخرين، وتطالب بمقاطعة زيارته، وكتب كتاب وشعراء وناشطون ضد استقبال «المجرم» في «ساحة الجريمة»، بينما هو مطلوب للقضاء في دول أخرى.

غير أن نمر حماد، المستشار السياسي للرئيس الفلسطيني، قلل من شأن هذه الاحتجاجات واصفا إياها بزوبعة. وقال في تصريح نشرته وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية، «إن ما يثار من تعليقات حول لقاء أبو مازن وموفاز لا معنى لها على الإطلاق، باعتبار أن اللقاء لم يعقد». وأضاف «لقد أكدنا قبل يومين في تصريحات رسمية، أن اللقاء هذا لم يتأكد، وإن كانت قد جرت بعض المشاورات بشأنه، غير أنه لم يتم تحديد موعد أو مكان له، وعليه فإن كل الزوبعة المثارة حول هذا الموضوع لا قيمة لها ولا معنى».

وتابع «إن الرئيس عباس اعتاد إجراء لقاءات مع بعض الشخصيات الإسرائيلية، وهذه اللقاءات لا صلة لها بمفاوضات أو بمبادرات سياسية، بل هي فرصة لشرح وجهة النظر الفلسطينية أمام المسؤولين والقيادات السياسية الإسرائيلية».