صحافيون عراقيون عن الاحتفالات بعيدهم: غاب رفاق المهنة.. وحضر الراقصون

قالوا لـ «الشرق الأوسط» إنها أعادت إلى الأذهان «احتفالات صدام بعيد ميلاده»

أحمد عبد الحسين و صابرين كاظم و حميد قاسم
TT

انتقد صحافيون ومثقفون عراقيون بشدة البذخ المالي والإعلامي والفعاليات الدعائية التي سادت الاحتفالات بعيد تأسيس الصحافة العراقية، في الذكرى الثالثة والأربعين بعد المائة لتأسيس جريدة «الزوراء» العراقية عام 1869، التي نظمتها نقابة الصحافيين خلال الأيام الماضية، ووصفوها بـ«المهزلة».

وتحتفل الأسرة الصحافية العراقية بعيدها في 15 يونيو (حزيران) من كل عام، لكن نقابة الصحافيين قررت تأجيل احتفال هذا العام إلى 28 يونيو، لتزامن يوم الصحافة مع ذكرى وفاة الإمام موسى الكاظم. وخصصت النقابة منهاجا حافلا على مدى الأيام الماضية تضمن دعوة العشرات من الفنانين العرب، بينهم الفنانات مادلين مطر وشيرين ومي كساب وسامح الصريطي وأحمد ماهر وآخرون، إضافة إلى العشرات من كبار الشخصيات السياسية والبرلمانية، والإعلامية العربية والأجنبية، وإقامة حفلين رئيسيين في موقعين مهمين؛ الأول في أكبر فندق رسمي ببغداد (فندق الرشيد)، والثاني في متنزه الزوراء، إضافة إلى شارع المتنبي وضفاف دجلة.

وتدور الحكايات في الأوساط الإعلامية عن صرف مبالغ طائلة على تلك الفعاليات، وقامت طائرات هليكوبتر برمي الهدايا فوق رؤوس الحضور في متنزه الزوراء تحوي أرصدة هواتف جوالة، إضافة إلى إطلاق العيارات النارية طيلة ساعات الاحتفال، الذي استمر حتى ساعات متأخرة من مساء يوم الجمعة الماضي.

الإعلامي والأستاذ في كلية الإعلام بجامعة بغداد، الدكتور كاظم المقدادي، قال لـ«الشرق الأوسط»: «إن كل نقابة أو مؤسسة أو جمعية لها مهام معروفة تسعى لتحقيقها، لكن للأسف أعتقد أن نقابة الصحافيين ذهبت لغير أهدافها الحقيقية؛ إذ كان من المفترض أن تدعو رموزا عربية وصحافية مرموقة كي نستمع لها ونتحاور معها، لا أن تجلب الراقصات والفنانات وتخصص لهم الملايين». وأضاف: «كنا نتمنى أن تصرف النقابة العراقية ما لديها من وفرة مالية على المعوزين من الصحافيين والمتقاعدين، وتحل لهم مشكلاتهم، لكن أموالنا تصرف اليوم على الفنانين والراقصات، وهذا عيب كبير، ولا بد من محاسبة النقابة عليه».

بدوره، وصف الإعلامي والشاعر أحمد عبد الحسين الاحتفال الباذخ للنقابة بأنه «إعادة لسيناريو احتفالات أعياد ميلاد الرئيس المخلوع، صدام حسين، عندما كان يدعو المثقفين والصحافيين العرب ويغدق عليهم الهدايا لتلميع صورته».

وأضاف: «يبدو أن السلطة الآن تعيد نفس الأعراف والتقاليد وهي تستقبل ضيوفها ببذخ مبالغ فيه، لإقناعهم بأن الأوضاع جيدة والصحافة في أوج عظمتها، لكن الحقيقة هي أن عامة الخدمات في أدنى مستوى لها»، واصفا كلمة رئيس الوزراء نوري المالكي في الاحتفالية بأنها «كلمة دعائية وإعلامية فقط، لا تعبر عن واقع الإعلام العراقي». وأكد أن السلطة في العراق «صارت تعتمد على أشخاص يقومون بتلميع صورتها، وصورة النظام الحاكم، وتحسين المشهد المأساوي في العراق، تماما مثلما كان يحصل في إعلام النظام السابق».

وانتقد الإعلامي والشاعر حميد قاسم، عضو نقابة الصحافيين منذ عام 1981، القائمين على النقابة «لإغفالهم دعوة الإعلاميين الحقيقيين والقدامى إلى احتفالات النقابة، واستذكرت فقط المادحين والطبالين لها».

وقال: «نهج النقابة في شراء الذمم بعيدا عما يدور في الشارع العراقي صار العلامة الفارقة لعملها».

بدورها، عبرت الإعلامية الشابة، صابرين كاظم، عن رأيها باحتفالات النقابة، بالقول: «كانت الاحتفالات لأجل الدعاية الإعلامية فقط».

وأضافت: «تمنيت دعوة الصحافيين الحقيقيين وكبار الكتاب العرب وتنظيم فعاليات هادفة وأكثر رزانة، وليس فقرات غناء هابط، واستعراضات فنية رخيصة». الصحافي شامل عبد القادر قال: «ما زلنا نتحسس من أي مظهر احتفالي، ونعده شكلا من أشكال الترف، وبشأن احتفالات النقابة بعيد تأسيس الصحافة العراقية واستدعائها لفنانين وضيوف عرب، وصرف الملايين من الدولارات؛ فهو يعد في الظرف الراهن ترفا وتبذيرا وطغيانا غير مبرر.. فهناك صحافيون يعانون من البطالة، ولا يجدون عملا حتى بالصحافة؛ فكيف تدعو النقابة فنانين مترفين بدلا عنهم؟».

بدوره، قال الإعلامي والناشط المدني شمخي جبر: «كان من الأجدر بالنقابة أن تصرف هذه المبالغ على أيتام وأرامل الصحافيين.. كان يمكن أن تصرف كهدايا للصحافيين الذين يعيشون البطالة، فشهداء الصحافة بالمئات؛ ماذا قدمت لهم النقابة؟».