ثباتيرو في «منتدى أصيلة»: الأزمة المالية خطيرة وأوروبا ستتجاوزها

فراتيني: المغرب يشكل استثناء.. والاستقرار السابق في الدول العربية كان مصطنعا

خوسيه لويس ثباتيرو رئيس الحكومة الإسبانية السابق يلقي كلمته في منتدى أصيلة (تصوير: أسامة محمد)
TT

أعلن خوسيه لويس ثباتيرو، رئيس الحكومة الإسبانية السابق، أن أمواج البحر الأبيض المتوسط لا تزال تتلاطم، وتتداخل مع بعضها البعض، مشيرا إلى تأثير الأزمة المالية في أوروبا على العلاقة مع الضفة الجنوبية للمتوسط، بيد أنه أوضح أن أوروبا ما زالت أقوى من هذه الأزمة المالية، وشدد على القول إنها قادرة على تجاوزها شريطة توحد صفوفها.

وزاد قائلا: «هذه الأزمة خطيرة وستترتب عليها عواقب ونتائج، وهي تحتاج إلى وحدة ستتحقق في أقرب وقت ممكن». وأكد ثباتيرو، في كلمة ألقاها مساء أول من أمس، في ندوة «مياه المتوسط المتحركة.. أزمة في الشمال وحراك في الجنوب»، (وهي أولى ندوات منتدى أصيلة الـ34) أن الاتحاد الأوروبي رغم الأزمة ما زال فاعلا سياسيا أساسيا، وما زال يدعم الشعوب التي تحلم ببناء الديمقراطية في بلادها. وأوضح أن أوروبا إذا استطاعت أن تتجاوز الأزمة الحالية ستكتسب الصدارة في النظام العالمي.

وتحدث ثباتيرو عن الربيع العربي، وقال: «إن التوقعات في دول الغرب كانت تشير إلى مزيد من الخلل مع العالم العربي خاصة بعد عملية 11 سبتمبر (أيلول) 2001، وكانت هناك خشية أن يؤثر ذلك على علاقة الدول العربية والإسلامية مع الغرب، لكن ما حدث عكس عطشًا عربيًا للديمقراطية»، معتبرا الأزمات التي أعقبت الثورات العربية أمرًا طبيعيًا في تحول ديمقراطي. وتوقع أن تتوسع الديمقراطية من خلال ترسيخ قيمها لدى الشعوب العربية مع مرور الوقت.

وعبر ثباثيرو عن اعتقاده أن فئة الشباب الثائرة قليلة الصبر، وتريد حرق المراحل نحو الديمقراطية والتجديد، وقال إن ذلك سيتحقق بعد مرور فترة زمنية من هذه التغييرات المهمة، والتي بدأت على ضفة المتوسط الجنوبية.

من جهة أخرى، دعا تباثيرو إلى البحث عن حل للقضية الفلسطينية، وقال لا بد من تمكين الشعب الفلسطيني من بناء دولته، وقال: «إن الصراع مع إسرائيل استغرق وقتا طويلا ولا بد من حله».

ومن ناحية أخرى، أشاد ثباتيرو بالمغرب كمحاور لا بد منه في الحوار من أجل المتوسط، وقال إنه بلد محوري مهم لتعزيز الاتحاد المتوسطي بشكل عام، ولإسبانيا بشكل خاص.

وذكر ثباتيرو أنه خلال فترة رئاسته للحكومة الإسبانية كان يعمل من أجل إبقاء التواصل بين ضفتي المتوسط وترسيخ الترابط التاريخي المتين بين المغرب وإسبانيا، داعيا إلى إرساء تكتّلات إقليميّة تعمل من أجل التعاون المشترك وإرساء السلام وتقويّة الاقتصاد بكافة السبل المتاحة.

واعتبر ثباتيرو أن منتدى أصيلة الثقافي الدولي يشكل فرصة لفتح حوار مفتوح حول مجموعة من القضايا التي تهم شعوب بلدان ضفتي المتوسط، لا سيما في ظل الأوضاع التي تعيشها المنطقة، كما أشاد بالإصلاحات التي قامت بها المملكة المغربية في ظل قيادة العاهل المغربي الملك محمد السادس، واعتبر أن هذه الإصلاحات تنعكس على الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية في البلاد، وتنبئ بآفاق واعدة في شتى المجالات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية. ودعا ثباتيرو إلى ضرورة التحالف السياسي والثقافي بين ضفتي المتوسط لفتح الأبواب بين دوله لتجاوز الأزمات.

إلى ذلك، قال فرانكو فراتيني وزير الخارجية الإيطالي الأسبق، الذي ترأس بلاده حاليا مجموعة «خمسة زائد خمسة»، إنه خلال فترة توليه وزارة الخارجية انطلقت ثورات الربيع العربي، وعبر عن أسفه لما يجري في سوريا من عنف يومي محملا الرئيس بشار الأسد مسؤولية ما يحدث، وتمنى أن تعود سوريا إلى استقرارها بعد سقوط الأسد. وأوضح فراتيني أن المغرب يشكل استثناء، وقال إن التحولات العميقة التي عرفها يعود الفضل فيها للملك محمد السادس.

وأكد فراتيني أن أوروبا يمكنها مساعدة الدول التي تطمح للديمقراطية، ودعا البلدان الأوروبية إلى فتح باب الهجرة للدول العربية، وتسهيل تنقل الطلاب والباحثين والتجار من أجل تفويت الفرصة على المتطرفين الإسلاميين لإجهاض ما تحقق في دول الربيع العربي.

وقال فراتيني إن الاستقرار السابق في الدول العربية كان مصطنعا على حساب حرية وحقوق الأفراد، وشدد على ضرورة احترام الأقليات والمرأة في هذه الدول.

وطالب فراتيني بإبدال مبدأ التسامح بمبدأ التشارك، مشيرا إلى أن التسامح هو تحمل الآخر دون محبة، بينما التشارك يحقق التقدم المطلوب توفره خاصة في دول جنوب المتوسط.

وفي سياق ذلك، قال محمد بن عيسى، أمين عام مؤسسة منتدى أصيلة، إن ما يجري اليوم من أزمات على ضفتي المتوسط، تم التنبيه عليه في ندوات سابقة من مواسم أصيلة الثقافية، مشيرا إلى أنه تمت مقاربة ذلك من زوايا عدة ناقشتها ندوات تهم الحوار والتعاون بين الشمال والجنوب. وزاد قائلا: «لا أبالغ إن قلت إنه تم التنبيه على التداعيات الحاضرة الماثلة بقوة أمامنا في صورة تحديات، تجري فوق ضفاف المتوسط الجنوبية والشمالية والشرقية، حيث الأوضاع عالية الضغط في بعض الدول، سمتها المشتركة أنها تدعو الشعوب المتوسطية إلى ما يمكن تسميته «الشراكة الجماعية» عوض الانكفاء على الذات».

وبدوره دعا الحبيب بن يحيى، الأمين العام للاتحاد المغرب العربي، إلى ضرورة استيعاب الدروس من التاريخ المشترك لفهم الآخر، مشيرا إلى وجود 25 دولة على ضفتي البحر الأبيض المتوسط عايشوا منذ قديم الزمان أزمات بما فيها حروب عالمية وشاهدوا ماذا تفعل الحروب بالمستقبل الأممي.

وتحدث عن تأثير أزمات دول الضفة الشمالية الأوروبية للمتوسط على دول ضفته الجنوبية خاصة دول المغرب العربي منذ أزمتي 2007 و2008، وصولا إلى أزمة وول ستريت.

وطالب بن يحيى بدراسة التطورات التي حصلت في العالم العربي بعقل مفتوح وعمق. ودعا إلى ترسيخ الحوار، وتعميق الشراكة على الرغم من تداعيات الأزمة الاقتصادية في أوروبا على دول المغرب العربي من أجل المضي بخطى ثابتة نحو المستقبل.

وبدوره أشار محمد الحسن ولد لبات، وزير خارجية موريتانيا الأسبق، إلى تلافي ما يحصل في ضفتي المتوسط من أزمة مالية في الشمال وثورات سياسية مستمرة في الجنوب، وطالب بعدم إهمال ما يحدث في أية ضفة، والاهتمام بغيرها لتداخل الأزمات مع بعضها البعض بين دول ضفتي المتوسط التي تتطلب حوارا معمقا بين دوله، من أجل التعارف المتبادل فيما بينها.

وكان أمين عام مؤسسة منتدى أصيلة قد قال في كلمته إن المؤسسة ممتنة في استمرارها وانتظامها للرعاية الملكية السامية، والدعم الموصول الذي «ما فتئنا نحظى به من لدن عاهل البلاد الملك محمد السادس، منذ أن كان وليا للعهد. فلولاه ما تمكنَّا، على مدى أكثر من ثلاثة عقود، من تجاوز كثير من الصعوبات المادية والمعنوية»، مشيرا إلى أن «الرعاية الملكية للمنتدى وللمغاربة أجمعين ضمنت أجواء الحرية الفكرية والانفتاح والديمقراطية والاستقرار، وهي الشروط اللازمة لنهضة الأمم وتقدمها».