دول غرب أفريقيا تطالب بقرار دولي «سريع» يخولها التدخل في مالي

واشنطن تحذر من الخيار العسكري.. واليونيسكو تأسف لتدمير أضرحة تمبكتو

قادة وممثلون لدول مجموعة «الإيكواس» خلال اجتماعهم في ياموسوكرو بساحل العاج لبحث أزمة شمال مالي الليلة قبل الماضية (رويترز)
TT

دعا قادة دول غرب أفريقيا خلال اجتماعهم في ياموسوكرو بساحل العاج، مجلس الأمن الدولي إلى «الإسراع» في إصدار قرار يجيز إرسال قوة إقليمية إلى مالي للتصدي للجماعات المسلحة، خاصة الإسلامية، التي تسيطر على شمال هذا البلد. لكن إحدى الجماعات المنتشرة في المنطقة، حركة التوحيد والجهاد في غرب أفريقيا التي تبنت الاعتداء الدامي الجمعة على مركز للدرك في جنوب الجزائر، هددت بمهاجمة الدول التي ستشارك في مثل هذه القوة، وقال المتحدث باسم الحركة عدنان أبو وليد صحراوي في رسالة مكتوبة نقلت مضمونها وكالة الصحافة الفرنسية أمس إن «فروع الحركة في دول عدة مستعدة لضرب مصالح البلدان التي تنوي المشاركة في قوة المجموعة الاقتصادية لغرب أفريقيا لشن حرب على المجاهدين في شمال مالي»، وأضاف أن «الحركة تلتزم تقديم كل أشكال الدعم المادي والعسكري للمسلمين الشبان العازمين على رفع راية الإسلام. إن الساحة الآن مفتوحة» للجهاديين.

وقد دعا قادة المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا «الإيكواس» في البيان الختامي للقمة مجلس الأمن الدولي إلى «تسريع العملية» للتوصل إلى قرار يجيز انتشار قوات في مالي، وتستعد المجموعة منذ أسابيع لاحتمال إرسال قوة إلى هذا البلد حدد عددها حاليا بنحو 3300 عنصر.

غير أن الولايات المتحدة حذرت أول من أمس مجموعة «الإيكواس» من أي عملية عسكرية في شمال مالي، واعتبرت أن عملية كهذه يجب «أن تحضر بتأن ويجب تأمين الإمكانات لها»، وأمام النواب، دعا مساعد وزيرة الخارجية الأميركية المكلف المسائل الأفريقية جوني كارسون إلى حل سياسي في مالي معتبرا أنه لن يكون هناك «حل دائم للمشاكل في شمال مالي من دون محاور شرعي في باماكو»، وشدد على أهمية تلبية «المطالب المشروعة» للمتمردين الطوارق ودعم المفاوضات مع حركات مستعدة للتحاور مع باماكو، ورأى الدبلوماسي الأميركي أن «تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي» و«حركة أنصار الدين»: «خطيران وقاتلان»، لكنه أكد أنهما محدودان ولا يشكلان خطرا على الولايات المتحدة، وأشار إلى «أنهما لا يمثلان الغالبية الكبرى لسكان شمال مالي»، مشيرا إلى أن التنظيمين يضمان أجانب وفدوا من الجزائر وليبيا وموريتانيا، وأضاف كارسون: «بعدما تمكنت الجزائر بفاعلية من معالجة مشاكل التطرف والإرهاب، عبر كثيرون الحدود في اتجاه مالي، وهي أرض مترامية وقليلة السكان».

وأكد قادة دول مجموعة «الإيكواس» في القمة التي ترأسها في العاصمة السياسية لساحل العاج نظيرهم الحسن وتارا الذي يتولى حاليا الرئاسة الدورية للمجموعة مجددا على تفضيلهم خيار التفاوض «أوكلوا هذه المهمة إلى رئيس بوركينا فاسو والوسيط بليز كومباوري» لكنهم ذكروا أيضا بقرارهم اللجوء إلى التدخل العسكري عند الضرورة، وبهدف «تعجيل» هذا الانتشار، قررت المجموعة «أن ترسل فورا بعثة تقييم فنية إلى مالي» تضم عسكريين، وأعرب الرؤساء الأفارقة عن قلقهم من «سعي المجموعات الإرهابية إلى إنشاء معقل في شمال مالي ومركز تنسيق للشبكات الإرهابية في القارة»، على غرار «القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي» وحركة الوحدة والجهاد وجماعات أخرى تسيطر على شمال مالي منذ ثلاثة أشهر.

وفي الواقع شددت المجموعات الإسلامية بشكل كبير قبضتها على شمال مالي الذي احتلته مع المتمردين الطوارق في الحركة الوطنية لتحرير أزواد منذ أواخر مارس (آذار) الماضي، لكنهم طردوا الأربعاء والخميس الحركة الوطنية لتحرير أزواد من غاو (شمال شرق) وتمبكتو (شمال غرب).

وفي تطور جديد، أعلن المتحدث باسم جماعة «أنصار الدين» أن هذه الجماعة ستدمر الأضرحة الموجودة في مدينة تمبكتو والتي أدرجتها منظمة «اليونيسكو» هذا الأسبوع على لائحة التراث العالمي المعرض للخطر، ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية في تقرير لها أمس عن المتحدث باسم «أنصار الدين» ساندا ولد بوماما في تمبكتو قوله: إن «أنصار الدين ستدمر كل الأضرحة في المدينة. كل الأضرحة دون استثناء»، وبحسب البعثة الثقافية في تمبكتو، فإن 16 ضريحا في هذه المدينة الواقعة بمحاذاة الصحراء مدرجة على لائحة التراث العالمي.

وفي تعليقها على هذه الخطوة، أعلنت اليساندرا كامينز رئيسة اليونيسكو في بيان أمس: «علمنا للتو بالمأساة الجديدة للأضرار التي لحقت من دون سبب بضريح سيدي محمود في شمال مالي»، وأضافت: «أدعو كل المشاركين في النزاع في تمبكتو إلى تحمل مسؤولياتهم لما فيه مصلحة الأجيال المقبلة بهدف الحفاظ على تراث الماضي»، ودعت كامينز أيضا كل أعضاء لجنة التراث العالمي في اليونيسكو المجتمعين في سان بطرسبرغ (شمال غرب روسيا) إلى الانضمام إليها «للتعبير عن حزنهم وقلقهم حيال المحافظة على هذا الموقع المهم من التراث العالمي»، وكانت اليونيسكو قد أدرجت الخميس مدينة تمبكتو على لائحة التراث العالمي المعرض للخطر، وحذرت المجتمع المدني من المخاطر التي تواجه هذه المدينة الواقعة بيد مجموعات متشددة منذ نهاية مارس.