الإدارة الأميركية ترفض ملاحقة وزيرها للعدل قضائيا

سجال بين الحكومة والكونغرس حول تهريب أسلحة لمواجهة عصابات مخدرات

وزير العدل هولدر يتحدث أمام الصحافيين في نيو أورليانز يوم حجب الثقة عنه في الكونغرس (أ.ب)
TT

أعلنت الحكومة الأميركية أن وزير العدل إريك هولدر، الذي حجب مجلس النواب الثقة عنه الخميس، لن يلاحق قضائيا. ففي رسالة وجهها إلى رئيس مجلس النواب الجمهوري جون بونر، أكد مساعد وزير العدل جيمس كول أن أي إجراء «لن يتم اتخاذه بهدف ملاحقة وزير العدل». وجاء هذا بعد أن حجب مجلس النواب ذو الغالبية الجمهورية، الخميس الماضي، الثقة عن وزير العدل هولدر بتهمة عدم احترام الكونغرس، وذلك في إطار تحقيق يجريه حول فضيحة تهريب أسلحة، في سابقة أولى من نوعها في تاريخ الولايات المتحدة.

وأضافت وزارة العدل في رسالتها أنها ترى أن «رد وزير العدل على طلب الوثائق الذي تقدمت به اللجنة البرلمانية (المكلفة بالتحقيق) لا يشكل تجاوزا، وبناء عليه لن تتخذ الوزارة أي إجراء يهدف إلى ملاحقة وزير العدل». وذكر كول في رسالته بأن «الرئيس (أوباما) كما تعلمون أكد امتيازات السلطة التنفيذية، وأمر وزير العدل بعدم تسليم بعض الوثائق»، قبل أن يذكر أيضا بمكانة وزارة العدل في الإدارات الأميركية المتعاقبة.

وكانت المشكلة بدأت، في السنة الماضية، بعد ورود أخبار تفيد بأن شرطة مكافحة الأسلحة غير المرخصة، التابعة لوزارة العدل، تورطت في تسليح عصابات أسلحة ومخدرات مكسيكية. وكان هدفها يتمثل في كشف تهريب الأسلحة الأميركية إلى المكسيك، وتهريب المخدرات عبر حدود المكسيك إلى الولايات المتحدة.

وحسب خطة «فاست آند فيوري» (سرعة وغضب)، سربت الشرطة الأميركية أسلحة إلى داخل المكسيك، بعد أن رقمتها وصورتها. ورغم أنها نجحت في اعتقال تجار أسلحة ومخدرات، فإنها فشلت في استرداد أكثر من ألفي بندقية آلية. وفي وقت لاحق، اكتُشِف أن الأسلحة وصلت إلى عصابات مخدرات داخل المكسيك، وفي دول أخرى، وأن عصابات استعملت بندقية من هذه البنادق في قتل شرطي أميركي يعمل ضمن حراس محاربة المخدرات على الحدود بين الولايات المتحدة والمكسيك.

وخلال استجواب عن الموضوع في السنة الماضية، قال وزير العدل الأميركي هولدر إن «أسلحة قليلة جدا» هي التي تسربت إلى العصابات، وإن البندقية الأميركية لم تستعمل في قتل الشرطي الأميركي. ثم قال إنه، في الحقيقة، لا يعرف كثيرا عن الموضوع، وإن مسؤولين على الحدود وفي وزارة العدل كانوا يديرون الموضوع.

غير أن اللجنة القانونية في مجلس النواب، الذي يسيطر عليه الحزب الجمهوري، حصلت على وثائق تناقض ذلك، وطلبت من الوزير تحويل كل وثائق الموضوع إلى اللجنة. وحسب تقارير إخبارية أميركية، استنجد وزير العدل برئيسه، وصديقة المقرب، الرئيس أوباما، الذي أعلن أن قانون «الامتياز التنفيذي» يمنحه حق عدم تسليم «وثائق تخص الرئاسة» إلى أي طرف آخر إذا رأى الجهاز التنفيذي أن ذلك يؤثر على أدائه مهامه.

وأمس، قالت مصادر في الكونغرس إن المواجهة، التي استمرت أكثر من شهرين، تحولت إلى «مواجهة شخصية» بين وزير العدل هولدر، ورئيس اللجنة القانونية في مجلس النواب داريل عيسى، وهو جمهوري من ولاية كاليفورنيا ومن أصل لبناني. وأشارت المصادر إلى أن عيسى يقود «حملة مجنونة»، ليس فقط ضد الوزير، وإنما أيضا ضد أوباما. وكان وصف إدارة أوباما بأنها «واحدة من الأكثر الإدارات الأميركية فسادا في التاريخ».

وكانت اتهامات عيسى لأوباما بدأت منذ سنة 2010، عندما سيطر الحزب الجمهوري على مجلس النواب. ورغم أن عيسى ليس من أعضاء «حزب الشاي» (الجناح اليميني في الحزب الجمهوري)، فإنه يعتبر من الجمهوريين المحافظين. وعندما بدأ التحقيقات في قضية الأسلحة المفقودة، قال في أول جلسة «أريد أن أعقد سبع جلسات في الأسبوع، ولمدة أربعين أسبوعا».

وحسب مصادر إخبارية أميركية، تحولت المواجهة القانونية والشخصية إلى قضية انتخابية، وتلقفها قادة في الحزب الجمهوري لإدانة أوباما والحزب الديمقراطي. وأعلن جمهوريون في الكونغرس أن ما حدث ليس سوى «مؤامرة» تهريب أسلحة كجزء من خطة سرية من الديمقراطيين للحديث عن انتشار الأسلحة غير القانونية، وبالتالي، الدعوة لقانون متشدد لمراقبة الأسلحة النارية، وللحد من «حرية الأميركيين في امتلاك أسلحة».